مع اقتراب السنة الأولى .. بايدن في أسوء أوضاعه شعبياً
محمد نادر العمري
في استطلاع جديد للرأي شهدته الولايات المتحدة الأمريكية في اليوم الأخير من شهر أيلول 2021 , وأعده مركز (NORC) لبحوث الشؤون العامة التابع لـ”أسوشيتد برس”، بينت نتائجه انحداراً في شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن في الأسابيع الأخيرة بعد سلسلة من السياسات وصفت بالتخبط سواء الداخلية والخارجية.
حتى أن أحد معدي ورقة الاستطلاع الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة “سيراكيوز” ويدعى كريستي أندرسن، أعرب عن صدمته على بعض التعليقات والأجوبة التي تضمنتها ورقة الاستطلاع والمتضمنة اعتبار البعض ممن استطلعت آراؤهم أن التخبط الحاصل اليوم في السياسية الأمريكية وبخاصة الخارجية هو أكثر وضوحاً من التخبط في ولاية ترامب, ومما أثار حفيظة الباحث الأمريكي هو ترديده لعبارة هامة لأحد المستطلعة آراءهم:” بأن بايدن اليوم إما يسير على السكة التي نجح ترامب في نصبها له, أو إن ترامب كان صادقاً حينما وصف بايدن بالمريض, وفي الحالتين مازال ترامب موجود وبقوة”.
ومن الجدير بالذكر هنا أن النتائج أشارات وبشكل لا لبس فيه, إلى أن نسبة تأييد الرئيس بايدن الحالية باتت 50% متراجعة عن نسبة 54% في شهر آب الماضي، و59% في شهر تموز الماضي, بمعنى أنه مع اقتراب الذكرى الأولى لفوز جو بايدن تتراجع نسبة التأييد له إلى ما يزيد عن 9%, وهي أحد أكبر الأرقام التي يسجلها تراجع لرئيس أمريكي في عامه الأول من الحكم بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية, حيث تعتبر هذه النسبة ما يقارب عدد سكان ” أريزونا”.
وبالنظر لما سبق نجد أن هناك عوامل داخلية وخارجية أثرت على شعبية الرئيس بحسب استطلاع الرأي والتقرير الصادر عنه:
- أولى تلك العوامل وأبرزها على الإطلاق الصورة المهينة للانسحاب الأميركي من أفغانستان بعد الحرب التي اعتبرت الأطول في تاريخ العالم الحديث, دون تحقيق أي نتائج تذكر لصالح واشنطن, وهو ما أقر به رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي, فصحيح أن شرارة الحرب بدأها جورج بوش الابن على أثر اعتداءات أيلول 2001, واتخذ قرار الانسحاب الرئيس ترامب بعد مفاوضات مع طالبان في الدوحة القطرية, إلا أن الصورة المهينة للانسحاب والاضطراب الذي ساد مشهد إجلاء الرعاية الأمريكيين وسيطرة طالبان على الحكم حصلت في عهد بايدن, الذي أقر بمسؤوليته عن ذلك بعد التفجير الإرهابي الذي استهدف مطار كابول.
- من العوامل المؤثرة دور اللوبي الصهيوني في تحريك الرأي العام ضد بايدن, وبخاصة أن هذا اللوبي المتواجد في أمريكا لم تستقر علاقاته مع بايدن وفق تسريب “واشنطن بوست”, بل على العكس هناك اختلافات متبادلة بين الطرفين قد تؤدي إلى غياب بايدن عن حضور المؤتمر السنوي للوبي الشهر القادم.
- سياسة التعاطي مع المهاجرين على الحدود الأمريكية، وبخصوص مسألة التعاطي مع اللاجئين من هايتي, والتي دفعت العنصريين البيض للهجوم على بايدن.
- كيفية معالجتهلأزمة كورونا وعلى الخصوص تحديات المتحور دلتا, فلم تعد هذه المسألة تشغل السياسة الأمريكية وتراجعت ضمن أولوياتها.
- تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعدم تنفيذ بايدن لوعوده التي قدمها أثناء حملته الانتخابية من تحسن لهذه الظروف خلال الأشهر التسعة الأولى من ولايته في ظل استمرار مناقشة سياسة الضرائب والبنى التحتية في الكونغرس.
ومن الواضح أيضاً أن هذا الاستطلاع يعتبر الأعم و الأشمل، حيث تضمن تراجعاً في شعبية بايدن ضمن صفوف الديمقراطيين من 92% إلى 85% منذ توليه الحكم. وتراجعت شعبيته ضمن المستقلين من 62%إلى 38%, وبين الاستطلاع أن فقط 11% من الجمهوريين يؤيدون سياسات الرئيس .كما بين الاستطلاع تفاوتاً وانحداراً بنسبة التأييد للرئيس بايدن بين الأميركيين البيض (من49% إلى 42%) والأميركيين السود (من 86% إلى 64%) خلال مدة ذاتها.
وكلها نسب لا تصب في صالح بايدن خاصة والديمقراطيين عامةً، ولاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية للكونغرس, فإن صحت دقة هذه البيانات والأرقام والنسب, فإن عودة الجمهوريين بقوة للمشاركة في الحكم عبر الكونغرس هي مسألة حتمية, فضلاً عن أن الوضع الصحي لـ بايدن مازال الشغل الشاغل الذي يقلق الديمقراطيين وهو أحد الأسباب التي قد تقلق الشعب الأمريكي عندما يشاهدون رئيس دولتهم “نائم” في أحد الاجتماعات الرسمية.