السودان على حافة الانهيار
ريا خوري
يواجه السودان جملة من التحديات التي يمكن أن يكون مصدرها خارجي ومنها ما يتعلق بالشأن الداخلي. والمشكلات الكبيرة المرتبطة بالخارج متنوعة، أهمها إعلان إثيوبيا عن بدء تنفيذ المرحلة الثالثة من تعبئة سد النهضة على نهر النيل الذي لا يبعد أكثر من خمس وأربعون كيلومتراً عن السودان، كما أن المشاكل المتداخلة مع إثيوبيا والصومال واريتريا في الشرق ما زالت محتدمة، وهي مصدر أساسي لنزوح عدد كبير جداً من هذه الدول إلى السودان مما أغرق البلاد في أزمات خانقة، وحتى التسوية مع “دولة جنوب السودان” الجديدة هي ليست في أفضل حال لجهة استخراج النفط، إضافة إلى المشاكل الجمة القادمة من الغرب الأوروبي – الأمريكي وتداعيات أحداث إقليم دارفور السابقة التي ما زالت تؤدي إلى المزيد من المشاكل والأزمات السلبية على الدولة.
أما المشاكل الداخلية فهي تعصف في المجلس السيادي الانتقالي الذي تأسس في 4 آب 2019 على أثر الإطاحة بحكم الرئيس السابق عمر حسن البشير، بحيث يكاد يجهض إنجازات الوثيقة الدستورية وتعديلاتها واستحقاقاتها، كما بدأت تطفو فوق سطح الأحداث أنواع جديدة من الخلافات والتباينات بين طرفي التسوية، منها اتهام الفريق الذي يمثل “قوى الحرية والتغيير” في المجلس ممثلي المجلس العسكري السوداني بالإخلال بمبادئ اتفاق “جوبا” الذي وقع عليه الطرفان بتاريخ 3/10/2020 والذي نص على ترؤس المجلس السيادي السوداني مناصفة بين الفريقين حتى إجراء الانتخابات الحرة في عام 2024.
الجدير بالذكر أن أطراف “قوى الحرية والتغيير” التي ساهمت بقيادة جميع التحركات الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر حسن البشير مختلفة ومتشابكة في آرائها على توحيد الموقف مما يجري. ففي الوقت الذي يراعي بعض القادة حساسية الوضع الأمني الناتج عن محاولة الانقلاب التي جرت مؤخراً، ووجود ما يزيد على ثمانية ملايين شخص من اللاجئين من غير السودانيين معظمهم يقيم بشكلٍ غير شرعي في البلاد، يرى بعضهم الآخر أن هذه المقاربة تطيح بكل إنجازات ونجاحات الثورة.
وعلى الضفة الأخرى من الصراع السلمي داخل السودان، تبرز العديد من المشكلات الجهوية، ومنها خصوصاً في مناطق الشرق، حيث يهدد الرافضون والمحتجون بإعلان الانفصال بشكلٍ نهائي عن الدولة إذا ما بقي الوضع الاقتصادي والسياسي صعباً على ما هو عليه، خاصةً أن تمثيل المناطق الشرقية في المجلس السيادي السوداني وفي الحكومة الانتقالية لم يكن على ما يرضيهم وأن يقبلوا به، لذلك فإن تحركاتهم الرافضة أو المواقف الاحتجاجية تكاد تشل البلاد من معظم النواحي بعد إغلاق الميناء البحري الهام في بورتسودان الذي تعتمد عليه الدولة في غالبية وارداتها، وخصوصاً المواد الغذائية الأساسية والقمح والمواد الاستهلاكية الأساسية للشعب السوداني، وقطع الطريق الرئيسي الذي يربط المرافئ البحرية الشرقية بالعاصمة السودانية الخرطوم.
رئيس المجلس السيادي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يحمّل الحكومة القائمة مسؤولية اضطرابات المنطقة الشرقية، وهو يدعو إلى استقالة رئيسها عبد الله آدم حمدوك الكناني، رئيس وزراء الحكومة الانتقالية والأمين العام السابق للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، بينما يرى الأخير أنه ليس للحكومة أية سلطة على القوى الأمنية والعسكرية، وهناك بعض التحركات قد تكون مدبرة ومدروسة مسبقاً بهدف دفع حكومته للاستقالة.