فضلاً عن المدة الزمنية الطويلة.. تكاليف ونفقات مرهقة لمنح القروض تتجاوز الـ 500 ألف ليرة
دمشق- فاتن شنان
“من يظنّ أن الحصول على قرض من المصارف العامة أمر سهل فهو واهم”، جملة كرّرها الكثيرون على مسامعنا -خلال وجودنا في أحد فروع المصرف التجاري- ممن امتلكتهم الرغبة في الاستفادة من القروض الشخصية أو الإنتاجية، بينما آخرون حذورا من متاهة دخول دوامة القروض إن كان بالإمكان الاستغناء عنها، لكثرة الأوراق والثبوتيات والنفقات لما تشكّله من عبء إضافي لمحدودي الدخل، وعلى الرغم من أن الإقبال على القروض يشكّل أملاً في تغيير واقعهم المعيشي ولو بشكل طفيف، إلا أن خوض غمار التجربة أمر صعب ومرهق لمن يحتاجه بشكل مستعجل أو لأمر طارئ.
رسوم عالية
معظم الموجودين اشتكوا من تعدّد الأوراق المطلوبة من سجل تجاري إلى مخطّط للضمانة العقارية والضرائب المتوجّب دفعها وإبراز وصولات تثبت سدادها، ثم مرحلة ثانية تبدأ من انتظار الدور ودراسة الملف إلى معاينة الضمانة، ولكل مرحلة طلباتها ومددها الزمنية الطويلة، وقد تنفد صلاحية بعض الأوراق خلال المدة فيعاود المقترض الكرة مرة أخرى، كثيرون منهم بيّنوا أن فقدان صلاحية وثيقة المخطّط التنظيمي المحدّدة بوقت معيّن، أو أوراق أخرى لها تاريخ صلاحية وتستلزم مراجعة جهات أخرى للحصول عليها مرة أخرى، هي من مسؤولية المصرف الإشارة لها، ويتوجّب عليهم توجيه المواطنين لترتيب الخطوات كي لا يدخلوا تلك المتاهات، أما الروتين والمماطلة وطول المدة التي قد تمتد لشهرين فهي منغصات لا حلّ لها، إذ أكد أحد المقترضين أنه بدأ بتقديم أوراق قرضه في الشهر الثامن ولم يستلم بعد، ولايزال أمامه وضع إشارة الرهن العقاري، كما أن هناك شكاوى من دفع مبالغ مالية تفوق قدرته لإتمام المعاملة، فبعض الرسوم تجاوزت الـ500 ألف ليرة لقرض بسقف 20 مليوناً، دون ذكر تكاليف ونفقات الذهاب والإياب المستمر إلى المصرف، ولاسيما ممن يسكنون في الأرياف والمناطق النائية.
تخوف مشروع
غالباً ما يكون الردّ من مدراء الفروع بأن الإجراءات ضرورية لحماية البنك والمقترض من احتمالية منح قرض متعثر سلفاً، لذلك بيّن أحد موظفي الفرع أن الغاية من ذلك التأكد من قدرة المقترض على التسديد، بالتوازي مع دراسة ملفه لمنحه قرضاً يوازي قدرته المادية أو تدفقات مشروعه النقدي كي لا يصبح القرض عبئاً ويذهب لغير غاياته، مشدداً على أنه لا يمكن تجاوز أي منها كونها تقع على مسؤولية من يدرس الملف، ويعاقب في حال التعثر، فقد شهدت المصارف عقوبة كفّ اليد لعدد من كوادرها بعد ارتفاع نسب التعثر في القروض.
نسب مقبولة
أما ما يخصّ العمولات المرتفعة فلم تكن كذلك برأي مدير التسليف في المصرف التجاري مازن حمزة الذي أكد أنها منطقية ومقبولة، ولاسيما بارتفاع قيمة القرض، فعلى سبيل المثال قرض بقيمة 20 مليوناً تبلغ عمولة الارتباط فيه نحو 300 ألف أي بنسبة 1.5% وهي مقبولة مقارنة بالمبلغ الإجمالي، وبيّن أن العمولات يجب على المقترض أن يسدّدها قبل صرف القرض، كونها من العمولات التي لا يتمّ إعادتها له سواء حصل المقترض على قرضه أم لا، بل تحول لحساب جهات أخرى تشترك مع المصرف في إنجاز المعاملة كخبراء التقييم والدوائر المالية، فأتعاب الخبير العقاري الذي يقوم بزيارة ميدانية للكشف على الضمانة العقارية هي من العمولات الواجب دفعها للخبير كونه أدى عمله وقام بتقييم الضمانة العقارية وقدم تقريره للمصرف، إلى جانب رسوم المالية كطابع العقد ورسم الإدارة المحلية ورسم الإعمار وغيرها فهي ليست لحساب المصرف، أما عمولة دراسة الملف وعمولة الارتباط فقط فتدفع لحساب المصرف، إذ تبلغ قيمة دراسة الملف خمسة آلاف ليرة للقرض بضمانة الراتب وعشرة آلاف ليرة للقرض بضمانة عقارية، وعمولة الارتباط وهي العلاقة العقدية بين المصرف والمقترض وتحسب غالباً بنسبة 1.5% من قيمة القرض، مشيراً إلى أن النظام في المصرف التجاري مبرمج لحسم كافة العمولات سلفاً، في حين بعض المصارف تأخذها بعد إتمام معاملة القرض واستلام المبلغ، وهذه العمولة تحديداً تعاد في بعض الحالات التي لم يتمّ إتمام معاملة القرض لسبب خارج عن إدارة المقترض كقانون توقيف منح القروض خلال الفترة السابقة.
يبدو أن الإشكالية في الثقافة المصرفية لدى المواطنين، فالمصارف ليست جمعيات خيرية وإنما تستثمر ودائع المصرف لحساب مالكيها من جهة، بالإضافة إلى هامش ربح لتغطية التكاليف المصرفية. وبيّن حمزة أن المقترض يجب أن تكون ملاءته المالية جيدة ليستطيع الحصول على قرضه، لأن القرض مرهق مادياً، ولاسيما إن كان لغاية استهلاكية وممنوحاً بموجب الراتب فهنا سيخسر المقترض جزءاً كبيراً من راتبه لمصلحة القرض.