نشرة جديدة “ترضخ” للسوق.. مدير الأسعار: الغلاء عالمي والشحن والمازوت أسباب الزيادة
دمشق- ريم ربيع
لم تعد كلمة فوضى كافية لتصف ما يحدث في الأسواق من غلاء واحتكار وقلة في العرض، كما لم يعد أي تفسير اقتصادي منطقي قادراً على شرح ما يحدث، فالأسعار تزيد يوماً بعد آخر، وما تشتريه اليوم بمئة ليرة سيكون غداً بمئة وخمسين، والتنافسية لم تعد بالشكل المعروف لها، بل تحولت من التنافس على الجودة والسعر إلى سباق لمن يرفع الأسعار أولاً حتى يتبعه باقي التجار، علماً أن شيئاً لم يتغير في الآونة الأخيرة ليكون حجة جديدة لرفع الأسعار!.
ومع ذلك يحتج بعض التجار بأن رفع سعر المازوت الصناعي زاد الأسعار، علماً أنه لم يكد يمر سوى أيام قليلة على القرار، حتى أن المازوت ربما لم يصل المصانع بعد!. حيث مازالت غرف الصناعة تدعو عبر صفحاتها الرسمية الصناعيين ليسجلوا للحصول على حصصهم من المازوت، فكيف إذاً وصلت المنعكسات إلى الأسواق والمواد لم تنتج بعد؟.
ورغم القانون 8 الذي ما تزال عقوباته الشديدة هاجس التجار، إلا أن دور وزارة التجارة الداخلية ومراقبيها يبدو متواضعاً وهشاً لأبعد الحدود، إذ أنها بعيدة عن ضبط السوق لجهة الأسعار أولاً، أو حتى توفر المواد (الزيت النباتي وقبله السكر) ثانياً، أما المراقبون والتجار فحالهم حال القط والفأر، إذ شهدنا أمس في إحدى مناطق ريف دمشق كيف ينتقل طفل صغير على دراجة هوائية من محل تجاري لآخر ليحذرهم من وجود دورية تموين، ليسارع أصحاب المحال للإغلاق في ذروة النهار!.
حجة المازوت والشحن وغيرها يبدو أنها وصلت إلى وزارة التجارة الداخلية التي أصدرت أمس نشرة أسعار جديدة رفعت فيها سعر السكر من 2350 إلى 2500، وليتر زيت دوار الشمس من 7300 إلى 8500 ليرة والسمن النباتي إلى 8900، والكيلوغرام الواحد من الشاي إلى 25000، وكذلك ارتفع سعر الحبوب والمعلبات بمعظمها، حتى يمكن القول إن جميع المواد الغذائية الأساسية ارتفع سعرها الرسمي، ليكون سعرها في السوق أيضاً مع “سكرة زيادة”، كما جرت العادة.
رفع الأسعار الرسمي جاء بعد أحاديث عدة لوزير التجارة أكد فيها أن الآلية القديمة للتسعير لم تكن صحيحة، وأعاد بعدها تشكيل مديرية الأسعار للوصول إلى أسعار أكثر منطقية! فيما يتجاهل أغلب التجار هذه التسعيرة كما تجاهلوا ما قبلها، فمعظم المواد الواردة في النشرة يزيد سعرها الفعلي في السوق، أما عن الآلية الجديدة في التسعير فيبدو أنها تحاول اللحاق بأسعار السوق أكثر منه ضبطها، إذ إن زيادات الأسعار التي سبق ووصفتها الوزارة بالمخالفة أصبحت أمراً واقعاً.
وفي توضيح “التجارة الداخلية” لأسباب زيادة أسعار المواد، أكد مدير الأسعار محمد إبراهيم أن الزيادة تعود لارتفاع أسعار المواد عالمياً (كالبن الذي تضاعف سعره مرتين ونصف عن بداية العام، والزيت النباتي أيضاً) أو زيادة تكاليف وأجور الشحن، أو رفع سعر المازوت الصناعي.
وزارة التجارة وغرف الصناعة سبق وهددوا بعدم السماح باستخدام سعر المازوت الجديد (1700 ليرة) كذريعة لرفع الأسعار، بعد أن كان الصناعيون يشترونه بـ3000 ليرة من السوق السوداء، غير أن إبراهيم بيّن أن التسعيرة السابقة للوزارة كانت على أساس 650 ليرة للمازوت أي السعر الرسمي وليس 3000 ليرة، لذلك تمّ احتساب نشرة الأسعار الجديدة وفق 1700 ليرة لليتر الواحد، وهو سعر عادل للمنتجين، وسيؤدي لزيادة العرض وبالتالي انخفاض أسعار السلع.
وحول آلية التسعير، بيّن إبراهيم أنها تتم وفق التكاليف الحقيقية للمنتج أو المستورد، حيث تدرس بدقة ويتم اعتمادها، بالإضافة إلى نسب الأرباح الواردة في القانون، أي أن التسعير ليس جزافاً، وبعد قرارات المركزي بتمويل المستوردات أصبحت التكاليف أكثر دقة، أما حول العمولات غير المسجلة التي يشكو منها التجار دائماً أنها سبب رفع الأسعار، فقد أوضح إبراهيم أن كل ما ليس له إيفادات مصرفية لا يمكن احتسابه.