ثقافةصحيفة البعث

كتّاب جدد إلى سوق العمل الدرامي

في ظل غياب معهد يدرّس أصول كتابة فن السيناريو، تأتي أهمية إعلان أكاديمية دراما رود عن قرب انطلاق دبلوم كتابة السيناريو في موسمه الثاني بعد نجاح موسمه الأول الذي نتج عنه اختيار مجموعة من طلابه للمشاركة في ورشة كتابة لوحات الجزء الخامس عشر من مسلسل “بقعة ضوء” الذي تنتجه شركة سما الفن، ومن المقرّر أن يتصدى لإخراجه رامي ديوب.. وللنجاح الذي حققه الدبلوم في موسمه الأول كانت أكاديمية دراما رود والتي تشرف عليها د. رانية الجبان قد قدمت مؤخراً محاضرة تعريفية بالدبلوم بحضور عدد من أساتذته للموسم الحالي: ريم حنا، د. مصطفى عبود، الكاتب شادي كيوان، حسام شرباتي (مشرف فني) جيهان المارديني (المدير التنفيذي) وطلاب الدبلوم في موسمه الأول وممن يرغبون في الدراسة بموسمه الثاني، وقد تمّ الحديث في جانب كبير منها عن فن الكتابة التلفزيونية.

جيل يكتب الدراما بشكل صحيح

ووفي وقفة لـ”البعث” مع المشاركين بيّنت د. رانية الجبان أنه كان من الضروري مع إعلان انطلاق الموسم الثاني من دبلوم كتابة السيناريو تعريف المهتمين بالدخول إلى هذا الدبلوم بآلية العمل والمناهج المتّبعة فيه، مؤكدة أن أكاديمية دراما رود تقدم شهادة موثقة منها ومن معهد دراما بلا حدود في ألمانيا والذي يتمّ تمويله من المعهد الأوربي، موضحة أنه في ظل وجود نقص في تعليم هذا الاختصاص كانت لديها رغبة في سدّ هذه الثغرة للخروج بكتّاب تستطيع الاعتماد عليهم بالورشات التي تقيمها الأكاديمية، والخروج بكتّاب جدد إلى سوق العمل الدرامي، مبينة أن النص هو أحد الأركان الأساسية في العملية الدرامية، لذلك كان هدفها من خلال هذا الدبلوم إعداد جيل يفهم ويكتب دراما بشكل صحيح، وقد بذلت كل جهدها بالتعاون مع الكادر التدريسي فيه ليكون الدبلوم على المستوى الذي وعدت فيه، لتحقيق الهدف برفد الدراما بجيل تتمنى أن يكون واعداً.

الكتابة التلفزيونية ليست مجرد حوار

وعبَّرت الكاتبة ريم حنا عن سعادتها بوجودها ضمن الكادر التدريسي في هذا الدبلوم، ورأت أن وجود الأكاديمية ضرورة ملحّة، في ظل غياب وجود تخصّص كتابة فن السيناريو، وخاصة بوجود مواهب تحتاج إلى التوجيه والإدارة، مؤكدة أنها تحاول في هذا الدبلوم تقديم ما هو نابع من تجربتها الشخصية في الكتابة وتقديم معلومات عن فن السيناريو، مبينة أن أهم شرط لنجاح عملية الكتابة أن يكون لدى الكاتب حب حقيقي للكتابة ثم رغبته في تعلم تقنياتها لاحقاً، موضحة أنه من الضروري تعليم من لديهم حب الكتابة أن الكتابة التلفزيونية تختلف عن الكتابة الإذاعية، لأن بعض المبتدئين في الكتابة ينسون أن الكتابة التلفزيونية ليست مجرد حوار بل تعتمد على تقديم صورة، وهذا ما يجعلها فناً صعباً، وبالتالي فإن غياب النص الجيد برأيها هو أحد أسباب تراجع الدراما، مشيرة إلى أن المطلوب من الكتّاب الشباب الجدد أن يعبّروا عن أنفسهم والعصر الذي يعيشونه ومواكبة كل التطورات فيه وعكس ذلك في كتاباتهم من خلال عقليتهم وأفكارهم، مع تأكيدها أن آلية الكتابة اختلفت حالياً في ظل وجود منصات العرض التي تتطلّب من الكاتب الكثير من التكثيف لأن هذه المنصات تعتمد على تقديم أعمال بعدد حلقات قليل.

الموهبة  والدراسة الأكاديمية 

وأكد الكاتب شادي كيوان أنه لا يوجد أكاديمية في العالم تقوم بتدريس فن السيناريو التلفزيوني، لذلك انتشرت ورشات العمل التي تُعلن عن تعليمه، إلا أن الورشة برأيه تكون عادة حالة مصغرة تقدم للطلاب مبادئ ورؤوس أقلام عن هذا الفن، في حين أن أكاديمية كدراما رود تمنح دبلوماً يقوم على تدريس مجموعة من المواد من البداية إلى النهاية، مؤكداً أن الموهبة ضرورية في كل أنواع الفنون وهي تتطور بالدراسة أكاديمية ودون ذلك تصل إلى مرحلة تكرار ذاتها، مبيناً وجود طاقات مهمة في دراما رود وهو سعيد بتجربة التدريس فيه لأنه يقوم بتوجيه أصحاب المواهب وإعطائهم ألف باء كتابة السيناريو ضمن مناهج منتشرة في 43 أكاديمية، موضحاً أن تجربة التدريس لها علاقة بالمحصلة المعرفية والتراكمية للمدرس وتقديم منهاج مصغّر معتمد على كل المناهج المعترف بها عالمياً. ولم يخف كيوان أن الطالب فيه لا بد أن يمتلك رصيداً ولو ضئيلاً من المعرفة لكتابة السيناريو وحصيلة ثقافية ومعرفية ومحاولات أولى في الكتابة، معبّراً عن تفاؤله بأن الخريجين سيجدون سوقاً للعمل، والنجاح في ذلك مرهون بالاجتهاد ومحاولة تقديم ما هو مختلف.

نظريات الفن

وبيَّن مدرّس مادة نظريات الفن في الدبلوم مصطفى عبود أن هذه المادة قد تبدو بعيدة عن الكتابة إلا أنها مادة مهمة وضرورية للكاتب، موضحاً أنه ركز على نظريات الفن في الموسم الأول، وسيستمر ذلك في الموسم الثاني على ما يمكن تسميته بنظرية الدراما، لأن طلاب الدبلوم أكثر حاجة لذلك، حيث سيتمّ أيضاً القيام بتطبيقات عبر قراءة بعض النصوص المميزة وتحليلها، مع تعريف الطالب نظرياً على عناصر الدراما ومفاهيمها ومصطلحاتها والتطورات التي خضعت لها، مشيراً إلى أهمية التفاعل أثناء الدراسة بين الطلاب والمدرّس من خلال طرح الأسئلة المحرضة على مناقشة الكثير من الموضوعات ليكون الدبلوم فرصة ليتعرف الطالب على كل ما له علاقة بكتابة فن السيناريو، منوهاً بأن الثقافة ضرورية جداً وتساعد صاحب الموهبة على حرق العديد من المراحل في هذا الطريق الصعب.

معضلة كبيرة

وأوضحت الأستاذة لمى العبد المجيد أن الكتابة حاجة إنسانية ومهارة يتقنها الجميع تقريباً، وأن الطلاب الذي ينضمون للدبلوم يرغبون في تحويلها من فعل نظري إلى فعل احترافي ومهني، مؤكدة أن الكتابة مهنة تحتاج إلى التمرين والممارسة، فصاحب الموهبة والمجتهد قادر على تطوير موهبته وأدواته، في حين أن صاحب الموهبة يخسر أدواته إن لم يجتهد، والدبلوم يمدّ يد العون لأصحاب الموهبة لتعلم تقنياتها، مبينة أنه على من يرغب في اقتحام عالم الكتابة يجب أن يؤمن أن مهمته لا تقوم على نقل الواقع كما هو وإنما تقديمه بطريقة غير مباشرة وبشكل مختلف، ويجب على الكاتب أن يتجاوز نفسه لأنه عندما يكتب لا بد أن يصطدم في كثير من الأحيان بمحاذير لا يستطيع تجاوزها تتعلق بالعادات والتقاليد، وهذا ما يجعله يلجأ أحياناً إلى الرواية والتاريخ المنشور والمعترف به ليتكئ على حكايات الآخرين لتقديمها ومعالجتها برؤيته ضمن سيناريو. من هنا تأتي أهمية وجود مادة الإعداد السينمائي التي تقدمها العبد المجيد في الدبلوم وتعريف الطلاب بتكنيك العمل في نقل الرواية إلى نص درامي سينمائي والذي يتطلب وجود ثقافة عالية يستطيع الطالب إن امتلكها اختيار الرواية المناسبة، لذلك ستقوم باختيار بعض الروايات التي تمّ نقلها إلى الدراما ومحاولة دراستها وتحليلها ومناقشة عملية النقل والتحويل مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف التكنيك وتدريبه على فعل ذلك بطريقة منهجية.

أمينة عباس