معرض الفنان حكمت نعيم في صالة 13 بدمشق
بدأت صالة 13 بدمشق عروضها التشكيلية لموسم هذا العام بافتتاحها لمعرض الفنان حكمت نعيم الذي قدّم مجموعة من اللوحات بقياسات مختلفة تناسب مساحة الصالة الأنيقة التي يعوّل عليها العديد من التشكيليين بأن تكون رافعة جديدة تنهض بواقع العروض التشكيلية من خلال انتقائها لسوية عالية ولائقة بالتشكيل السوري. فقد انطلقت بداية هذا العام بعرض جماعي لكوكبة من أهم التشكيليين السوريين، وهي تتابع بهذا المعرض الفردي نشاطها في ترويج الفن على الصعيدين المحلي والخارجي مثلما تساهم بدورها الثقافي كواحدة من الصالات الموزعة في أرجاء العاصمة، والتي بدأنا نشهد بداية عروضها لموسم هذا العام في حيّز من التنافسية وتحقيق المنسوب الأعلى لحضور التشكيل السوري، مع مراعاة الدور الثقافي والترويجي إلى جانب تحقيق الاستثمار الاقتصادي والربحي ضمن ظروف صعبة تربك ترويج اللوحة التي لم تعد من أولويات العيش المادية، لكن لا خيار أمام الفنان إلا العمل والعرض والبحث عن فرص تسويقية ولو على نطاق محلي ضيّق، وبعض المنافذ المحدودة في الخارج عبر المشاركات في المعارض هناك والتواصل مع بعض المقتنين أيضاً.
بالعودة إلى معرض حكمت نعيم القادم من مدينة السويداء والمتخرج من قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1997 ويعمل حالياً مدرساً لمادة الفنون في معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية وإعداد المدرسين وقد سبق وأن أقام عدة معارض فردية إضافة لمشاركات جماعية نشطة. يقول في لوحته وتجربته: عملت على عدة أساليب وتنقلت بين تجارب عديدة ومختلفة، وما زلت أبحث في العمل الفني متنقلاً بين الواقعية والتعبيرية، وقد نحوت في مرحلة سابقة منحى الدادائية واستخدمت مواد مختلفة كالخشب والمواد التالفة في صنع كولاجات تخصّ اللوحة التصويرية، وتوجّهت نحو التجريدية متأثراً باللون والخط، لكنني لم أبتعد عن الواقعية بعيداً، كما تناولت بعض الاتجاهات الحروفية مستفيداً من الخط العربي وإمكانياته البصرية العالية، وباختصار إن فني يرتكز في إنجازه على العمل المباشر والبناء اللوني مع إضافة الخطوط السريعة لإيجاد صيغة ترابط بين الخط واللون وصولاً لإرضاء ذاتي الباحثة عن قيم جمالية مؤثرة. ومن جهة المواضيع التي أتناولها لا تخرج عن عوالم بيئتي التي احتضنت ذاكرتي، وتركت العنان لمخيلتي تجول في فضائها الرحب، كما أعتبر العمل الفني حالة خلاص للفنان من هيجان نفسه المليئة بالعواطف المختلفة ومنفذاً لأحاسيسه الجياشة المتأثرة بالوسط الذي يعيش فيه محاولاً من خلال لوحته بثّ أفكاره وخيالاته باحثاً عن الجمال في كل ما يراه.
كتب الفنان الراحل عبد الكريم فرج في هذه التجربة: لقد أسقطت الزخرفية و”الروكوكية” من عالمها الفني وعبرت باتجاه معمودية الصوفية والديمومة في محاولة الخطو نحو تعريف ماهيات الإبداع الفني.
حكمت نعيم الفنان الشاب لا يخرج عن مشاغل التعبيرية السورية عموماً، بل يخطو متابعاً ما بدأته من قبل بعض العلامات التشكيلية السورية والتي مازالت في الرقعة نفسها من التعبير، مشغولة بالهمّ الإنساني ومتاعب وجوده. ربما هو الموضوع الأثير حالياً عند كمّ كبير من الفنانين الشباب الذين وجدوا في تعابير الوجوه ضالتهم، حيث يرسمونها منعتقين من واقعية التسجيل لمصلحة المعنى وما يضمره هذا الوجه المنهوب والمنهك. يرسمون ملامح بألوان متقشفة يحدّها ذلك الخط الذكي والحسّاس لرشاقة الرسم والأثر الغرافيكي، مع الاستفادة من إمكانيات تتيحها بعض السطوح الناتجة عن لصق الورق المجعّد على سطح اللوحة بغية إحداث حالة تصويرية تخدم فكرة التعبير وحرفية الرسام الباحث عن حساسيات جديدة في اللوحة ترضي ذاته.
أكسم طلاع