رحل ولم يرحل صنّاجة العرب
معن الغادري
رحل صنّاجة العرب دون أن يرحل، فسكن في الذاكرة والتاريخ والوجدان وأورث الأجيال قيثارة العشق والحب، وأودع لحناً وصوتاً في خزائن الفضاء وعلى مسارح الغيمات السكرى فرحاً ورقصاً، تداعبها نسمات لم تهدأ طيلة ترحالها في أرجاء المعمورة، هل هو الوداع يا أيها الساقي وإليه المشتكى، أم أنه اللقاء المتجدد على أبواب قلعة حلب وسفح قاسيون، أم أن المسير أتعب قلبك وأقعدك في قلوب محبيك، ليس فراقاً ولا وداعاً أيها الساقي، هي استراحة من لهيب الشوق والجوى، وغفوة متعب ما زال صوته السحري يفوح في الأرجاء فناً راقياً وإرثاً وتاريخاً لا يموت، رحل صنّاجة العرب ولم يرحل فبقي… الورد الليلي اللون بالحي الوادع والزنبق.. شلال من دمع يطف سهران الجفن وما يغرق.. وعلى الأنهار ترانيم وحكايا شوق يتدفق.. يطيب العيش إذ تصحو الأحلام ويحملنا الزورق.. رحل ولم يرحل الأسطورة صباح فخري فما زال صوته العذب يطرق أسوار قلعة الشهباء وأبواب مدينته ومعشوقته حلب على أنغام، “على العقيق اتجمعنا نحن وسود العيون”، وعلى أنغام الوداع.
“من عيسهم قدموا للمرحلة جودي، ماعاقهم ع المسير من الظما جودي.. مات الكرم بعدهم والعز والجودي.. وشربت ع فقدهم كاسات حنظل ومرّ.. آه وأواه ما أصعب نواهم ومر”..!!