مع قلة اليد العاملة ..تراجع في الواقع إنتاجي ..وتسرب الخبرات بدوافع مادية
البعث الأسبوعية- بشار محي الدين المحمد
يعاني القطاع العام عموماً، والقطاع الصناعي خصوصاً من قلة اليد العاملة نتيجة التسرّب إلى القطاع الخاص، ومن المعلوم أن السبب الرئيسي في هذه المشكلة هو تدني الرواتب، والأجور مقارنة مع مثيلاتها في القطّاع الخاص، ومقارنة مع الأسعار من جهة ثانية، وطرح الاستشاري لدى المؤسسة العامة للصناعات الهندسية سفيان العبد المحسن مجموعة من الحلول لمعالجة المشكلة تبدأ بالعمل على زيادة الأجور، ومتمماتها، وتمديد خدمة بعض العاملين في الدولة الذين بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، وخاصة في هذه الفترة كونهم يمتلكون الخبرة الكبيرة التي يمكن الاستفادة منها في سد النقص الحاصل في العمالة المتخصصة من جهة, وفي تدريب روافد وعمالة جديدة بشكل ميداني، ومجاني من جهة ثانية، وإعادة النظر بقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم /172/ تاريخ 26/1/2021 المتضمن عدم تمديد خدمة من بلغ سن التقاعد إلا لبعض الاختصاصات النادرة، والتي لا تساهم بقيمة مضافة كبيرة_والكلام للاستشاري_ بالمقارنة مع الاختصاصات الأخرى حالياً، وإعطاء الصلاحيات للجان الإدارية بالشركات الإنتاجية لتعيين العمال المهرة، والفنيين بعقود سنوية حسب حاجة كل شركة دون الخضوع لإجراءات التعيين الأصولية, وإنهاء عقودهم عند انتفاء الأسباب، وتفعيل العمل بقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 1542/1 تاريخ 22/2/2009 بخصوص الفقرة المتعلّقة بإعطاء الصلاحية لمجالس الإدارات في المؤسسات العامة الصناعية بإجراء عقود إدارية مع شركات خاصة لإدارة كل، أو جزء من الشركات التابعة، في ظل النقص الحاصل في الكوادر العاملة بالشركات العامة، وتفويض مجالس الإدارة بتعيين الكادر الإداري للشركات التابعة.
عزوف عن العمل
ولفت العبد المحسن إلى عزوف المهندسين المفرزين إلى وزارة الصناعة وجهاتها عن الالتحاق بالمواقع المفرزين إليها وذلك بسبب عدم انسجام مكان إقامة المهندس المفرز مع المكان المفرز إليه كون ذلك سيشكل عليه عبئاً مالياً، واجتماعياً، ولابد لحل ذلك من إعطاء المهندس حرية اختيار المكان الذي يرغبه من ضمن قائمة الاحتياجات المعلن عنها، مع الأخذ بعين الاعتبار اكتفاء الجهة صاحبة الاحتياج من العدد المطلوب, وتأمين مكان إقامة للمهندس المفروز وببدل إيجار رمزي.
نقص العمالة
مدير محلج السلمية المهندس باسل الحموي أعاد النقص الكبير في العمالة إلى قلة الرواتب، وتوجه غالبية اليد العاملة إلى الأعمال الحرة التي تدر مبالغ مالية أكبر بكثير، أو للسفر خارج البلاد، مؤكداً العمل على تخفيف آثار هذه المشكلات من خلال الاستعاضة عن المتسربين بالعمال الموسميين، وكون معظمهم من قليلي الخبرة يتم تدريبهم وزيادة خبرتهم لرفع مردودهم خلال العملية الإنتاجية.
عبء العمل
ويرى مدير المناطق الصناعية في السويداء المهندس علاء أبو عمار أن هذا النقص الموجود في كافة القطاعات العامة الإدارية، والاقتصادية له آثار على العاملين لجهة زيادة ضغط وعبء العمل عليهم، مما يسبب إرهاقاً وإرباكاً لهم مما يولد لديهم الرغبة في التخلص من هذا الضغط فيزيد معدل الغياب، أو الاستقالة، أو النقل لاسيما في ظل تدني المردود المادي بما يؤدي إلى نقص متزايد ومتراكم مبني على النقص السابق، ومع ذلك هناك حالات نادرة يكون فيها العاملون مرتبطون وجدانياً بمكان العمل فيبذلون جهوداً جبارة لتغطية النقص الكبير بالعمالة، ولكن هذا يتناقص مع الزمن نتيجة الإرهاق، وزيادة الأعباء.
وتابع أبو عمار أما بالنسبة لآثاره على الجهة العامة فستعاني من نقص الكوادر، و انخفاض معدل قدرتها على الوفاء بمتطلبات العمل مما يؤخر تنفيذ الخطط، ويخفض جودة العمل، والإنتاج، والأداء بشكل عام.
العمال المؤقتين
وبين المدير العام للشركة العامة للإنشاءات المعدنية والصناعات الميكانيكية المهندس شعاع الأمير أن الشركة وفق نظامها الداخلي تتألف من 800 عامل أما الآن فتضم 150 عامل فقط، وللتخفيف من آثار ذلك تستعين الشركة بالعمال المؤقتين ويتم تشغيلهم تحت إشراف زملائهم من ذوي الخبرة لحين الإعلان عن مسابقة من قبل وزارة الصناعة، ورغم أن الشركة تعتبر رائدة على مستوى المنشآت الصناعية الوطنية إلا أنها تضم ثلاثة مهندسين، وتم رفدها مؤخراً بمهندسين اثنين من الخريجين الحديثين.
نزيف بشري
مدير التدريب المهني والتأهيل في وزارة الصناعة فراس زكريا اعتبر أن الحرب التي مر بها القطر هي المسبب الأكبر للنزيف البشري لجميع القطاعات سواء كانت خاصة، أو عامة، أو ضمن وزارة الصناعة، مما أدى لاستنكاف، أو استقالة عدد كبير من العاملين، وخروج بعضهم من القطر، كما تسببت فروق الأجور بين العام والخاص في زيادة هذه الظاهرة، وبالمقابل وفيما يتعلق باختصاص مديرية التدريب المهني فقد صدرت مكرمة السيد الرئيس المتمثلة بالقانون رقم ١٨ للعام ٢٠١٩ الذي ينص على تعيين 5% من الطلاب الأوائل في جميع المعاهد التقانية، مؤكداً أن قوائم الطلاب الذين شملهم القانون تم رفعها إلى وزارة التعليم العالي ومجلس الوزراء عن السنوات الماضية بانتظار تعيينهم لدى كافة وزارات الدولة.
حلول معلقة
ويرى الكثير من الخبراء نوع من التقصير، أو الازدواجية في مسألة تأمين اليد العاملة، أو الحفاظ عليها بشكل غير مبرر حيث نجد الكثير من المؤسسات، والشركات المنتجة، والرابحة كما في وزارة الصناعة على سبيل المثال تشتكي قلة العاملين، والفنيين، وبذات الوقت تستعين بعمال مياومين يعملون بظروف غير عادلة لجهة انخفاض مرتبهم عن مرتبات العامل المثبت أو المتعاقد بعقد سنوي، ولا يحصلون على حقوقهم من الإجازات الإدارية، أو حتى صحية، أو التعويضات رغم الاستعانة بهم لإتمام أصعب المهام، وهم بانتظار وعود الجهات المعنية ، لتسوية أوضاعهم عبر عقود سنوية على الأقل، وما زالت الحلول معلقة بانتظار الإعلان المسابقات التي أصبحت تقام بالصدفة، رغم الحاجة الماسة لإيجاد إجراءات استثنائية لتجاوز ما نمر به.