مجلة البعث الأسبوعية

الزراعة العضوية ..منافسة بين الإنتاج النوعي والكمي ..ومساع تراوح مكانها

البعث الأسبوعية_ ميس بركات

تعددت الأسباب ومبررات التوّجه إليها رغم الكثير من ميزاتها السلبية، إلّا أن الرغبة بزيادة الإنتاج الزراعي لمواجهة التزايد السكاني في جميع دول العالم كان أبرز ما تغنّى به أصحاب صيحات الزراعة الكيماوية، إذ لم يكن الاتجاه نحو الزراعة الكيماوية عبثياً منذ أربعينيات القرن الماضي،  فزيادة الإنتاج كماً وليس نوعاً لأعوام طويلة تناسب طرداً مع تزايد الإصابات بأمراض قاتلة كالسرطان وغيرها من الأمراض التي برّر الأطباء أسبابها باعتزال الكثيرين للزراعة العضوية والتوّجه نحو الكيماوية ضاربين سلبياتها والكوارث الصحية التي تودي لها عرض الحائط طمعاً بالربح الكثير السريع بأقل جهد وتكلفة.

إجماع الخبراء

وعلى الرغم من إجماع خبراء الزراعة خلال السنوات الأخيرة على ضرورة التوّجه نحو الزراعة العضوية لاسيّما في المنتجات الزراعية المُعدّة للتصدير، و تصّدر خطة مديرية الزراعة العضوية في وزارة الزراعة  لنشر ثقافة الإنتاج العضوي لكافة شرائح المجتمع،  إضافة إلى تقديم دعم ذكي ممنهج للمزارعين الراغبين بالتحول للزراعة العضوية أو الأنظمة الزراعية الأخرى لتغطية نفقات الحصول على الشهادة والتكاليف الإضافية بالتنسيق مع الجهات الداعمة ذات الصلة، إلّا أن المُبتغى لم يتحقق حتى الآن ولا زالت هذه الزراعات خجولة بخطواتها ولا زال الخوف من نتائجها سيّد الموقف عند جميع الفلاحين ممن أكدوا أهمية هذه الزراعة وفوائدها الصحيّة والنوعية على المستهلك والتربة سواء، لكن الكم لا زال هو ما يطمح له الفلاح اليوم لا النوع، ففي ظل الظروف المعيشية الصعبة لا يمكن للفلاح أن يكون”كبش الفدا” في الحفاظ على صحة المواطنين في الوقت الذي لا توّفر له الحكومة أدنى مستلزمات الإنتاج، وأكد سليمان حرفوش “خبير زراعي” أهمية العودة إلى الدورة الزراعية القديمة لأهميتها في زيادة خصوبة التربة ونظافة المنتج الزراعي، إذ أننا اليوم  بحاجة إلى هذا النوع من الزراعة أكثر من أي وقت مضي نظراً لتعرض زراعتنا للكثير من التحديات التي ترافقت مع الظروف المناخية الجافة والتي ستؤدي إلى خروجنا من تصنيفنا “كبلد زراعي” في حال لم نتعاطَ مع الكوارث الزراعية التي تحصل سواء نتيجة الطبيعة أو التي هي من صنع أيدينا، مشيراً إلى توّجه الغرب اليوم وهو الذي صدّر لنا الزراعة الكيماوية  إلى الزراعة العضوية في حين لا زلنا نراوح مكاننا بين الصدّ والردّ لهذه الزراعة، ما يتطلب خطوات جدّية سريعة وعقوبات تُفرض على من يُغالي باستخدام الأسمدة الكيماوية، وهذا يتطلب وقوف وزارة الزراعة إلى جانب الفلاح بشكل أكبر وتقديم الإرشادات والمستلزمات الضرورية لتنظيف أرضه من الأمراض التي صدّرها لنا الغرب شيئاً فشيئاً وصولاً إلى منتج زراعي عضوي يحقق الربح المادي والصحّي لجميع الأطراف وقادر على التصدير إلى دول الغرب التي تبحث عنه اليوم.

تأهيل الكوادر

في المقابل أكد مازن المدني مدير مكتب الإنتاج العضوي في وزارة الزراعة  استمرار عمل المديرية بموجب المرسوم التشريعي الخاص بالإنتاج العضوي في سورية في العام 2012، حيث يهدف عمل المديرية إلى زيادة المساحات المزروعة عضوياً وتأهيل كوادر فنية تُعزز ثقافة الزراعة العضوية في المجتمع وتنشرها مابين الفئات المختلفة ، كما تعمل المديرية على تدريب الفلاحين عملياً على الزراعة العضوية من خلال مدارس المزارعين العضوية المتوزّعة على المحافظات والبالغ عددها 94 مدرسة، ولفت المدني إلى تزايد المساحات المزروعة بشكل  تدريجي في العديد من المحافظات وخاصة اللاذقية و طرطوس وريف دمشق والسويداء، حيث بلغت المساحة المزروعة والمخططة العضوية للعام الحالي حوالي 570 دونم من الأشجار المثمرة، إضافة إلى مساحة 2378 دونم من الخضار المكشوفة والمحمية والمحاصيل الحقلية والنباتات الطبية والعطرية، ولم يُنكر المدني أن استخدام التكنولوجيا الحيوية من أسمدة ومبيدات أدى إلى زيادة الإنتاج بصورة كبيرة وتأمين الغذاء للكثير من الدول التي تعاني الجوع وهذا ما لعب عليه أصحاب نزعة الزراعة الكيماوية، إلّا أن سوء استخدام الكثير من الفلاحين لمعطيات التكنولوجيا و نقص وعي الفلاح واحتياجه للإرشاد الزراعي أدى لنتائج سلبية كثيرة كان من الممكن تفاديها وتحقيق زيادة الإنتاج وسلامته  من خلال التزام الفلاحين بالتعليمات الإرشادية الصحيحة.