مجلة البعث الأسبوعية

مفتعلو الأزمات في حلب بدؤوا ينشطون!

البعث الإسبوعية- حلب- معن الغادري  

في مثل هذه الأيام ينشط مفتعلوا الأزمات المعيشية اليومية بهدف إحداث حالة من الفوضى في العرض والطلب بغية احتكار المواد والسلع الأساسية، ما يؤدي تلقائياً إلى ارتفاع حاد في الأسعار.

واللافت أنه في حلب وبالرغم من كل الإجراءات الحكومية الأخيرة الهادفة وفق رأي وتقديرات وتطمينات الفريق الاقتصادي لجهة تأمين احتياجات المواطنين اليومية من مادتي الغاز والمازوت وباقي المواد والسلع الأساسية بأسعار مقبولة ومنطقية ومنافسة لأسعار السوق، نرى أن المشهد لم يتبدل، بل ازداد فوضوية وجشعاً من قبل بعض المحتكرين الذين يعملون دون حسيب بالمتاجرة بقوت واحتياجات المواطن بدليل توفر مادتي البنزين والمازوت والغاز المنزلي في السوق السوداء بكثافة وبأسعار خيالية تفوق بنحو ضعفي نشرة الأسعار الجديدة الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ما يثير الكثير من التساؤلات وإشارات الاستفهام حول جدوى الإجراءات المتخذة من قبل الجهات المعنية المنوط بها ضبط إيقاع السوق وتشديد الرقابة على الأسعار وجودة المنتج، ولجم كل المحاولات التي من شأنها افتعال الأزمات التي أنهكت كاهل المواطن .

ما ينطبق على المحروقات ينسحب أيضاً على الأفران التي تشهد ازدحاماً يومياً متزايداً بينما تتوفر مادة الخبز وبكثرة على البسطات وبأسعار مضاعفة ، وكذلك الأمر بما يخص واقع النقل المتأزم والناتج عن عدم تخديم خطوط المدينة بالباصات والسرافيس الكافية ، بالإضافة إلى مزاجية أصحابها وعدم التزامهم بالتسعيرة المحددة وبمسارات الخطوط حتى النهاية .

معاناة مستمرة وإجراءات منقوصة!

قرار وزارة”حماية المستهلك ” الأخير بتحديد سعر لتر المازوت الصناعي الواحد ب1700 ليرة ومن بعده رفع سعر اسطوانة الغاز المنزلي إلى 9700 والغاز الصناعي إلى 40 ألف فاقم الأزمة أكثر مما كانت وفق رأي الكثيرين من المواطنين والمتابعين للشأن الحياتي اليومي .

يقول / ه . ك / رضينا بالهم والهم ما رضي فينا ، وتفاءلنا بعد زيادة أسعار المحروقات بتوفر المادة وبتخفيض الأسعار ، ولكن الأمر جاء عكسياً، فلا توفرت المادة ولا انخفضت الأسعار ، بل على العكس زادت وبنسب أكبر وزاد معها جشع السماسرة والمتاجرين بهذه المادة ، فما زال سعر لتر المازوت في السوق السوداء يتراوح بين 3500 و4 آلاف ليرة ، فيما وصل سعر اسطوانة الغاز بعد رفع سعرها مؤخراً إلى أكثر من 100 ألف ، وسعر لتر البنزين إلى حوالي 5 آلاف ليرة ، ويتساءل:أين الإجراءات الضابطة والناظمة المرافقة للقرارات الصادرة ، ولماذا لا يتم محاسبة تجار الأزمات وهم معروفين لدى كافة الجهات ، وما هو سر توفر مادتي المازوت والغاز في السوق السوداء ، في حين أنها غير متوفرة ومتاحة عن طريق البطاقة الذكية؟ .

السيد / م . ش / من سكان حي سيف الدولة قال:كان من المفترض بعد رفع سعر المازوت الصناعي تخفيض سعر الأمبير، إلا أن الأمر بقي على حاله وما زلنا ندفع مبلغ 16 ألف للأمبير الواحد، ومعنى ذلك أن المواطن هو الوحيد المتضرر من رفع سعر المادة على عكس تطمينات وزير”حماية المستهلك “!

/ أبو عبدو . ز / من سكان حلب الجديدة أشار إلى أن البعض من أصحاب مولدات الأمبير خفض الأسعار بنسب طفيفة ، ولكن خفضوا معها عدد ساعات التشغيل ، تحت ذرائع وحجج وهمية كتعطل مروحة المولدة أو انقطاع الأكبال الكهربائية، وهو ما نضعه برسم الجهات الرقابية، بوضع حد لتماديهم وتعديهم على القوانين .

/5/ لجان لمتابعة تنفيذ القرارات

فواز هارون رئيس شعبة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب أوضح في معرض رده على عدد من الشكاوى الواردة إلينا أنه تم تشكيل /5/ لجان يرأس كل لجنة عضو مكتب تنفيذي وتضم عناصر من مجلس المحافظة وحماية المستهلك والشرطة لمتابعة تنفيذ وتطبيق قرار الوزارة الأخير وإلزام كافة الفعاليات بتخفيض الأسعار .

وبين هارون أن اللجان منوط بها مراقبة الأسواق وحركة العرض والطلب ومدى التقيد بالأنظمة والأسعار ، وأي مخالفة ستواجه بعقوبات رادعة وصارمة وفق المرسوم رقم 8.

وبما يخص عدم التزام أصحاب المولدات بالتسعيرة الصادرة مؤخراً والمحددة ب 125 ليرة للأمبير الواحد ، أكد هارون أن الأمر سيتابع بشكل يومي ولحظي من قبل اللجان المشكلة ومن دائرة حماية المستهلك ، مشيراً إلى أن أي شكوى يجب أن تكون خطية ، وسيم التعامل معها فوراً وإحالة المرتكب إلى القضاء وفق المرسوم رقم 8.

وحول انتعاش السوق السوداء وتوفر مادتي الغاز والمنزلي والمازوت بأسعار خيالية ، قال هارون: تعمل دوريات حماية المستهلك على مدار الساعة لضبط السوق ومصادرة المواد المدعوم والمهربة، ويتم التجاوب بسرعة مع أي شكوى تردنا، يضاف إلى ذلك أن المتابعة المستمرة من قبل الدوريات الرقابية أسهمت في ضبط العشرات من المخالفات ليس بما يخص المحروقات وحسب بل في كل ما يتعلق بالمستهلك وحاجاته اليومية.

نسب توزيع منخفضة

من جانبه بين مدير فرع محروقات حلب المهندس عبد الإله الندمان أن العمل جارِ لتنظيم آليات العمل والتوزيع وبما يضمن وصول مادتي المازوت والغاز إلى مستحقيها وضمن مدد زمنية مخفضة عن قبل .

وأشار”الندمان”إلى أن صعوبات كبيرة تواجه العمل منها قلة مخصصات المحافظة من المحروقات، مبيناً أن كميات المازوت المنزلي الموزعة من بداية عمليات التوزيع لهذا الموسم بلغت أربعة ملايين وأربعمائة ألف لتر، استفاد منها /88/ ألف أسرة بموجب البطاقة الذكية بنسبة تنفيذ 17%.

وبما يخص توزيع مادة المازوت لزوم التدفئة للمدارس أشار”الندمان”إلى أنه وصلت الجداول من مديرية التربية وسيتم وضع برنامج زمني لتوزيع المواد لمدارس المحافظة ريفا ومدينة فوراً .

وختم حديثه بالقول: إن فرع محروقات حلب وبالتعاون مع مجلس المحافظة والجهات المعنية بإيجاد حلول سريعة لمجمل الصعوبات التي تعيق عملية توزيع مادة المازوت المنزلي بشكل منتظم، مؤكداً أن الأيام القلية القادمة ستشهد انفراجاً حقيقياً لجهة توفر المادة وعدم المتاجرة فيها في السوق السوداء.

تحايل الموزعون

في السياق ذاته بين عدد من أهالي الأحياء أن موزعي مادة المازوت عن طريق البطاقة الذكية يتحايلون على المواطنين ولا يقومون بإيصال مخصصاتهم من مادة المازوت إلى عناوينهم ومنازلهم بالرغم من حصولهم على أجور النقل مسبقاً، ما يشكل بالنسبة لهم عبء مالي إضافي كبير لقاء أجور نقل مخصصاتهم من أمكنة بعيدة عن منازلهم يحددها لهم الموزع .

مدير المحروقات المهندس “ندمان”عاد وأكد أن الموزع ملزم بإيصال المخصصات إلى عنوان المستفيد حصراً ، وأي شكوى بهذا الخصوص سيتم التعامل معها بحزم وذلك تنفيذاً لقرار الوزارة .

أخيراً …

ما تقدم يؤكد مجدداً أن واقع الحال في حلب على المستوى الخدمي والمعيشي ما زال يراوح في المكان إن لم يكن للوراء، ومع ذلك لا ننكر أن هناك جهود تبذل لتحسين هذا الواقع، ولكن هذه الجهود على أهميتها وإيجابياتها في بعض الأحيان تبقى منقوصة ومشتتة وغير منظمة، ومنها ما يكون ارتجالي وباجتهادات شخصية لا تفي بالغرض المطلوب، وبالتالي لا بد من قراءة جديدة للواقع المعيشي والخدمي تستند إلى دراسات وخطط وبرامج شاملة ووفق أولويات واضحة ومعلنة تكون بوصلتها المواطن لتلبية احتياجاته وتحسين واقعه المعيشي والتخفيف من معاناته خاصة وأننا على أبواب شتاء يبدو من أوله أنه قاسٍ.

وهذا يتطلب التعاطي الجاد والحاسم مع كل أشكال الفساد والتقصير والإهمال، وزيادة مساحة التنسيق والتشاركية بين كافة الجهات المعنية، لتكون الخطط والقرارات متماهية مع الحاجة الماسة للتغيير نحو الأفضل بعيداً عن التناقض والتخبط والتعثر في التنفيذ.