مدير معهد صلحي الوادي: ستون عاماً والمعهد يزداد عطاءً وتألقاً
بمناسبة مرور ستين عاماً على تأسيسه، يقيم معهد صلحي الوادي للموسيقا احتفالية موسيقية كبيرة بمشاركة جميع فرق المعهد مساء يوم الأحد على مسرح دار الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون والتي سيتمّ فيها تكريم عدد من رواد ومؤسّسي المعهد، ويبيّن أ. بريام سويد مدير المعاهد الموسيقية ومعهد صلحي الوادي في حواره مع “البعث” أن معهد صلحي الوادي أصبح يشغلُ ركناً مهماً في المشهد الثقافي السوري، وهو اليوم –برأيه- المكان الأمثل لإعداد الكوادر للمعاهد الموسيقية العليا، وكان هذا المعهد قبل المعاهد العليا الجهة الأكاديمية الوحيدة التي تدرّس الموسيقا الأكاديمية الكلاسيكية في سورية بمنهجية تضاهي المنهجية الأوربية من حيث الطريقة التي يتمّ التعاطي فيها مع شريحة الأطفال، مشيراً إلى أن خريجي معهد صلحي الوادي يشغلون اليوم مفاصل إدارية مهمّة في العمل الموسيقي في المعهد العالي للموسيقا ومعهد صلحي الوادي ودار الأسد للثقافة والفنون، وأن الغالبية العظمى من خريجيه وخريجي المعاهد الموسيقية العربية في المحافظات تابعوا دراستهم في المعهد العالي للموسيقا. من هنا يرى سويد أن معهد صلحي الوادي الذي تأسّس عام 1961 ضمّ خبراء من روسيا قاموا بإعداد كادر تدريسي له، تبعه تأسيس معهد الموسيقا العربية (معهد صباح فخري فيما بعد) في حلب عام 1963 ومن ثم تأسيس معاهد أخرى في المحافظات بهدف توسّع المعاهد الأكاديمية في سورية وهي لم تكن خطوة مهمّة جداً فحسب بل ورؤية ثاقبة للدولة، وقد تحوّل معهد صلحي الوادي والمعاهد الأخرى، وخاصة في فترة الحرب متنفساً للأطفال، حيث ازدادت الحاجة إليها لتعويض الأطفال عن الأجواء السيئة التي كنا نمرّ بها، حيث كانت الموسيقا الملاذ الآمن والمكان الأمثل لاستثمار الوقت بما هو مفيد، وهذا ما يفسّر زيادة الإقبال على المعاهد وزيادة نسبة الطلاب المقبولين في هذه الفترة، مبيناً أن عدد طلاب معهد صلحي الوادي اليوم نحو 1110 طلاب، وهذا يدلّ برأيه على إرادة الكادر في الحفاظ على استمرارية العمل رغم كل الظروف التي مررنا بها، مؤكداً أن مؤسسة مثل هذه المؤسسة ربما في دول أخرى اعتبرت الموسيقا رفاهية ضمن الظروف التي مررنا بها، ولكن ما حدث هو أن الدولة كانت لديها إرادة راسخة في الحفاظ عليها وتجاوزت صعاب الحرب.
توسع أفقي قريباً
ولا ينكر أ. بريام سويد أن مديرية المعاهد الموسيقية في وزارة الثقافة التي لم يتوقف عملها هي اليوم أمام تحدّ كبير هو إعادة الإقلاع ثانية بمنحى تصاعدي وبظروف أفضل بعد أن اجتمعت عدة عوامل سلبية، منها ظروف الحرب والظرف الصحي الذي مرّ به الكوكب، ليكون الطموح اليوم تجاوز الصعوبات وإعادة الفترة الذهبية للمعهد، لذلك لم ينتظر سويد كثيراً بعد تسلّمه إدارة المعهد منذ أربعة أشهر ليسعى للتوسع الأفقي بعد أن أصبح معهد صلحي الوادي يضيق بالطلاب من خلال فتح شعبتين قريباً للمعهد، واحدة في المركز الثقافي في كفر سوسة والأخرى في المركز الثقافي العربي بالمزة كخطوة مبدئية، وبعد تقييم هاتين التجربتين سيتمّ التفكير بافتتاح شُعب صفية للمعهد في المركز الثقافي في الميدان والعدوي ومشروع دمر، وهذا سيساعد في تخفيف الضغط على معهد صلحي الوادي وعلى الأهالي، إلى جانب العمل على زيادة أجور المدرّسين، حيث تمّ إنجاز الدراسة من قبل مديرية المعاهد وأصبحت الكرة في ملعب وزارة المالية، كما تمّ الإعلان من خلال وزارة الثقافة عن حاجة المديرية لمدرّسين لديهم الخبرة التدريسية في مجال الموسيقا، وهذه واحدة من الأساليب التي من الممكن من خلالها الوصول إلى أكبر قدر ممكن من القدرات والكوادر الذين يملكون رغبة بالتدريس. ونوّه سويد كذلك بوجود مشروع آخر يتمّ التفكير به، لكنه يحتاج بعض الوقت وهو إحداث بعض الأقسام الجديدة في المعهد مثل قسم للغناء بشقيه العربي والكلاسيكي وقسم العزف الجماعي، وخاصة بعد أن أصبح للمعهد عدة فرق، موضحاً أن هناك العديد من المشاريع بانتظار تنفيذها وحتى لا ترتبط بأشخاص يأتون ثم يذهبون لا بد من تغيير اللوائح الداخلية للمعهد، وعندها تصبح هذه المشاريع جزءاً من القانون، وهذا ما يضمن استمرارها بغضّ النظر عمن ذهب ومن أتى لتبقى المشكلة الكبرى برأيه أزمة الأجور وهي حقيقة لا يمكن أن تجاهلها لأنها السبب الرئيسي بنقص الكوادر التي باتت العقبة الكبرى أمام أي مشروع يمكن تنفيذه.
صلحي الوادي
لا يمكن الحديث اليوم عن معهد صلحي الوادي في الذكرى الستين لتأسيسه دون الحديث عن مؤسّسي المعهد، صلحي الوادي وزوجته سينتيا وخضر جنيد وإلهام أبو السعود، الذين عملوا فترة طويلة في المعهد العربي للموسيقا الذي أطلق عليه فيما بعد اسم صلحي الوادي الذي استمر في إدارته للمعهد أكثر من ثلاثين عاماً، لذلك يؤكد سويد أن صلحي الوادي وإن فارقَنا جسداً لكنه موجود من خلال إرادته وإصراره وسيرته العطرة التي تركها في قلوب طلابه ومحبتهم الكبيرة له، وقد قاد المعهد كمؤسّسة من 1961 إلى 2000 وهو الذي استلم أيضاً إدارة المعهد العالي للموسيقا في 1990 ومن ثم قيادته للفرقة السيمفونية حتى مرضه عام 2001 إلى أن رحلَ عام 2007. وبيّن سويد أن الحديث عنه لا ينتهي لأنه والمعهد كيان واحد في ذاكرة كل من عرفه وعاشره ودرس عنده، ولا يخفي سويد أن المعهد عندما رحل صلحي الوادي تأثر من خلال فقدانه للمسته وبصمته ووجوده، لكنه استطاع أن يستمر في عمله من خلال المدراء الذين تتابعوا على إدارته، إلى أن تمّ إحداث مديرية المعاهد الموسيقية والباليه لإيجاد تنظيم إداري لكافة المعاهد الموسيقية في المحافظات والعمل على تطوير المناهج، وخاصة مناهج مادة الصولفيج وربطها بمنهاج المعهد العالي للموسيقا بفضل المدراء السابقين الذي تحملوا عبئاً كبيراً بعد إرث صلحي الوادي، وخاصة في السنوات العشر الأخيرة، حيث كان التحدي كبيراً جداً.
أمينة عباس