دراساتصحيفة البعث

التعويل على الشعب العراقي

علي اليوسف

بعد التطورات التي أعقبت الانتخابات النيابية في العراق، وخاصةً المفاوضات التي ستقضي حتماً إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق، من الطبيعي أن تثير محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الشكوك في هذا التوقيت بالذات.

وأمام هذا الوقت الحساس، من الضروري الإشارة إلى أن أي مغامرة جديدة من انعدام الأمن وعدم الاستقرار في العراق هي بالتأكيد ضد مصالح التيارات السياسية المتلاحمة وفصائل المقاومة التي ضحّت بمئات الشهداء من أجل إرساء الأمن في هذا البلد. كما أن التغطية الواسعة والعدائية من قبل بعض الجهات ووسائل الإعلام والتيارات الموالية للغرب لغارة الطائرات بدون طيار على منزل الكاظمي واتهام فصائل المقاومة بالتورط في محاولة الاغتيال هذه هو موضوع آخر يثير الشكوك حول توقيت هذا الهجوم بالذات، خاصة وأن مثل هذه التصريحات والتعليقات في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية كان لها انعكاس واسع ومنسّق. علاوة على ذلك، وما يزيد الشكّ أكثر هو عدم تفعيل نظام الدفاع الجوي الأمريكي “سي رام” ومقره السفارة الأمريكية في بغداد لحظة غارات الطائرات المسيرة، خاصةً وأن هذا النظام الدفاعي يستنفر لأدنى حركة تحدث في سماء العاصمة العراقية.

ستتكشف في الأيام المقبلة، من خلال إلقاء نظرة فاحصة على المعطيات المتعلقة بغارة الطائرات بدون طيار على منزل رئيس الوزراء العراقي، أبعاد وزوايا عدّة مبطنة تقف وراء محاولة الاغتيال هذه، والحقيقة التي لا يمكن إنكارها من الآن فصاعداً هي أن محتلي العراق عليهم الخضوع للقانون الذي أقرّه مجلس النواب، ودعاهم لمغادرة البلاد، لكنهم عوضاً عن تحقيق مطالب الشعب حشدوا كل أدواتهم السياسية والأمنية والعسكرية لزعزعة استقرار العراق بغية إيجاد مبرّر لعدم طردهم من البلاد.

وبالتالي ‏لا يهم أين صنعت الطائرة المسيرة، ولكن المهم أن يعرف الجميع أنها طائرة أميركية ومن أهم أهدافها تأجيج الفتنة في العراق، لذلك فإن أول المستفيدين هي الولايات المتحدة الأميركية، لأن عمليات القتل والتخريب تحقق لها ضرب العراقيين بعضهم ببعض، ما يعطيها مبرر تمديد وجودها، ويضعف قوة المناهضين لها، عبر إشغالهم بحروب داخلية، وفي الحالتين تكون الفرصة متاحة لها لكي تنجز ما جاءت من أجله عام ٢٠٠٣ لتدمير العراق وتقسيمه وسرقة ثرواته. والأهم فك تحالف العراق مع إيران وضرب خاصرتها، وبالتالي ضرب حركات المقاومة ليس في العراق وحده بل في كامل المنطقة.

من هنا فإن عملية الطائرة المسيرة ليست سوى مسرحية أميركية لتحقيق أهداف تخريبية، لكن يبقي التعويل على الشعب العراقي بأن يعي فصول المسرحية ويكتشف خطوط المؤامرة.