جيش الاحتلال المهترئ
محمد نادر العمري
في الوقت الذي يستمر فيه الكيان الصهيوني بسياساته العدوانية والعنجهية في المنطقة، تكثر التقارير داخل هذه الكيان ومن قبل قياداته الأمنية والعسكرية ومراكزه البحثية وحتى لجانه الحكومية حول عدم جهوزية الجنود الصهاينة لخوض معارك طويلة الأمد أو لخوض معارك برية حتى على المستوى داخل الأراضي المحتلة، وكان آخر تلك التقارير التي رفعتها إحدى لجان التفتيش لهيئة الأركان نهاية شهر تشرين الأول وسربتها صحيفة “معاريف”.
فقد أحدث ما تضمنه تقرير لجنة التفتيش حالة هلع على حدّ وصف أحد جنرالات العدو الذي رفض الكشف عن اسمه، نتيجة ذكر هذا التقرير أن هناك هبوطاً غير مسبوق في الجاهزية للجيش، وهبوطاً غير مسبوق لمستوى الرغبة والاندفاع لدى الجنود الإسرائيليين للانخراط في الخدمة العسكرية، فضلاً عن اندفاعهم نحو العمل العسكري أو الرغبة في التفرغ للعمل العسكري أو الرغبة في الانخراط في أي معركة برية قد تصيبهم بأي عاهات نتيجة إصابتهم في المعارك.
وكمقترح لمعالجة ذلك بدأ ترجمته تنفيذياً، حتى قبل الاعتراف الرسمي بظاهرة الهبوط المريع في الجاهزية من خلال هذا التقرير، شرعت حكومة الاحتلال في استقدام عدد من دفعات الهجرة للصهاينة من أفريقيا “الفلاشا” للاستعانة بهم خلال أي حرب قادمة، بأن يكونوا في الخطوط الأولى من الجهة الحربية، فضلاً عن أن التقرير أشار في أحد بنوده الاقتراحية إلى السعي للحفاظ على الجنود الحاليين عبر دغدغة رغبتهم بمنحهم أسلحة متطورة وتكنولوجية، ووضعهم في خطوط دفاعية بدلاً من زجهم في ميدان المعركة، خاصة وأن مؤشرات خطيرة شهدها جيش الاحتلال الصهيوني سابقاً، وزادت قلق ضباط المستوى الأول في هيئة الأركان، تؤكد تدني مستوى هبوط المعنويات لدى الجنود من بينها ارتفاع عدد الجنود والضباط الذين يزورون عيادات الأطباء النفسيين وخبراء معالجة الأمراض النفسية بنسبة تصل إلى 300% خلال الأعوام الثلاثة السابقة.
كما أن تعاطي المخدرات أصبح رائجاً في صفوف الجنود داخل معسكرات التدريب ومعسكرات الجيش، وهنالك تجار داخل المؤسّسة العسكرية باتوا يشكلون شبكة واسعة جداً توزع مثل هذه المواد وتبيعها للجنود، حيث دلت المعلومات أنه منذ حرب تموز ارتفع عدد من يتناولون مثل هذه المواد المخدرة أو الحبوب المخدرة لضعف ونصف على الأقل. ومن أبرز صور الخوف وانهيار المعنويات لدى الجنود الصهاينة إلى جانب صور ممارساتهم العنصرية، سعيهم لقتل أي فلسطيني وتبرير جرائمهم هذه باتهامه أنه إرهابي.
لذلك خلص التقرير إلى أن الوضع الحالي لجيش الاحتلال الإسرائيلي هو في أسوأ أحواله، وما يؤكد صوابية ومصداقية التقرير عدد من النقاط التي سنوردها هنا:
أولاً: إن اليهود الأفارقة الذين يتمّ جلبهم للكيان يتم استغلال وضعهم الاقتصادي والاجتماعي في بلادهم، وهؤلاء من المحتمل ونتيجة العنصرية التي يتعاملون بها داخل الكيان أن يقوموا بالتمرد وعدم الانصياع للأوامر، ويتسربوا من الخدمة العسكرية، فالمؤكد أنهم يهربون من دولهم على أمل أنهم يبحثون عن حياة أفضل ولن يستسلموا للموت.
ثانياً: صحيح أن الكيان الصهيوني يعتمد اليوم على الطائرات والحرب السيبرانية والتكنولوجية في اعتداءاته الحديثة، غير أن هذه التكنولوجيا لا تعتبر كافية لتحقيق أهدافهم في أي حرب قادمة، وهي لن تحمي الداخل المحتل والذي يوصف اليوم بأنه في أردأ حالاته، والمناورة الأخيرة أثبتت ذلك، فنصف الملاجئ غير جاهزة وهناك غياب للثقة من ناحية المستوطنين في تمكن جيشهم المحتل من الدفاع عنهم، وهم يعلمون بأن ساستهم يرفعون سقف تصريحاتهم من أجل أهدافهم الحزبية ليس إلا.
في ظل هاتين المسلمتين، طرحت وسائل الإعلام ومن بينها “معاريف” سؤالاً على القيادة الأمنية والعسكرية لجيش الاحتلال الصهيوني: هل تستطيع “إسرائيل” أن تنفذ تهديداتها بضرب إيران وحدها وجيشها بات خلبياً؟.