مجلة البعث الأسبوعية

هكذا يحاول زوكربيرغ الهروب من المحاسبة عبر عالم ميتافيرس!!

مرت الشركة التي كانت تُعرف سابقاً باسم فيسبوك بفترة عصيبة مؤخراً بدأت بتسريبات “وثائق فيسبوك”، ثم وصلت إلى خضوع الشركة لجلسة استماع عسيرة في الكونغرس الأمريكي، ولكن الشركة تتطلع إلى عالم ميتافيرس الخيالي لعبور محنتها الحالية عبر إعادة تسمية نفسها باسم “ميتا”.

ووثائق فيسبوك، هي عبارة عن مجموعة تقارير نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بناءً على مجموعة وثائق داخلية سربتها فرانسيس هوغن، الموظفة السابقة في الشركة.

وازدادت حدة الأزمة بعد أن شاركت هوغن الوثائق مع مجموعة أكبر من الصحف، التي نشرت عدداً هائلاً من التقارير التي توضح كيف أن فيسبوك رفضت تغيير سياساتها رغم علمها بأن منصاتها تؤجج العنف في العالم الحقيقي وتفاقم مشكلات الصحة النفسية.

ويواجه فيسبوك أيضاً دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار من ائتلاف من المدعين العموميين وكذلك لجنة التجارة الفيدرالية، وهي وكالة أمريكية مكلفة بالحفاظ على سلامة المنافسة والتجارة في الأسواق.

وتجري أيضاً مناقشة مشروع قانون لتحديث قانون حماية خصوصية الأطفال والمراهقين على الإنترنت (Coppa) لمنع شركات التكنولوجيا من جمع بيانات المستخدمين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً دون موافقة صريحة، وإلزام الشركات بحذف البيانات إذا طلب منها ذلك.

على أن المشكلة الجوهرية التي كشفتها الوثائق هي أن فيسبوك غالباً ما تجري بحثاً داخلياً بنفسها في مشكلات المنصة، ثم تتركها. ومثال على ذلك، أثبت الباحثون أن إنستغرام له تأثيرات خبيثة على الفتيات المراهقات، ويسبب لهن مشكلات نفسية مثل فقدان الشهية، لكن الشركة تغاضت عن هذه النتائج ولم تغير سياساتها.

والقانون الذي قدمه أعضاء مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون يرغب في معالجة هذه المخاوف من خلال مطالبة المنصات بتسليم المزيد من البيانات إلى باحثين مستقلين سينشرون بعد ذلك تقارير عن الطريقة التي تؤثر بها على المستخدمين.

 

دعاوى تعويض بمليارات الدولارات

ويواجه فيسبوك أيضاً عدداً من دعاوى التعويض القضائية الجماعية بمليارات الدولارات، سواء من مساهمين يزعمون أنه ضللهم ورفع سعر سهم الشركة، أو من مستخدمين زعموا أنه تم جمع بياناتهم القياسية الحيوية دون إذنهم.

ولكنها ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك؛ ففي عام 2019، طالب عدد من المستثمرين زوكربيرغ بالتنحي عن منصب رئيس الشركة بعد عام من المشكلات، التي كان من بينها فضيحة Cambridge Analytica التي اُستغلت فيها بيانات ملايين المستخدمين للتلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ويبدو أن فيسبوك يتبع استراتيجيته المعتادة، الإنكار والمضي قدماً. فقد التزمت قيادته الصمت إلى حد كبير، وأنكرت وثائق فيسبوك باعتبارها “محاولة ممنهجة” لتشويه سمعة الشركة، وأرسلت مسؤولاً تنفيذياً محدوداً للإدلاء بشهادته أمام الكونغرس الأمريكي عن تأثيرات منصات الشركة على الأطفال.

ولكن حتى لو كان مستبعداً أن تتحمل الشركة نفسها المسؤولية، فمن الواضح أن فيسبوك قد تواجه معارضة أشد قسوة من الرأي العام.

وبالنسبة لعلامة تجارية مثل فيسبوك، قد تكون إعادة التسمية فرصة من أجل التغلب على بعض الأضرار التي لحقت بسمعتها. وبعد كل شيء، لن تكون أول شركة تقوم بتغيير الاسم لبدء صفحة جديدة، لكن الخبراء يقولون إن فيسبوك سيتعين عليه القيام بأكثر من مجرد تغيير اسمه لاستعادة ثقة المستخدم.

ويرى الخبراء أنه لا يوجد اسم سيعيد تأهيل السلوك الذي أظهرته الشركة حتى الآن، لأن الأمر أشبه كما لو قامت الشبكة الاجتماعية بدفن رأسها في الرمال عندما تكون في ورطة وتتمنى أن ينسى الجميع ما فعلته من مشكلات كبيرة.

ومن المتوقع أن تسير الشبكة الاجتماعية على غرار ما فعلته غوغل عندما أطلقت الشركة الأم ألفابت والتي تضم كافة كياناتها المختلفة، لذا يخطط زوكربيرغ لإنشاء عالم ميتافيرس والذي سوف يستخدم أجهزة استشعار وكاميرات وميكروفونات لـ “تغذية البيانات في نظام مركزي” مما سيساعد الشركة على تقديم توصيات مخصصة للمستخدمين حول مواضيع مثل ما يجب شراؤه أو قراءته، حيث يريد مارك أن يأخذ ديناميكية التوجيه الخوارزمي من هواتفنا وخارج أجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا وأن يبني هذا النظام في حياتنا ووعينا، لذا أصبحت نظاراتنا هي الشاشات وأيادينا أصبحت “الماوس”.

ونظراً لاهتمام زوكربيرغ بالعالم الافتراضي أو الميتافيرس، قرر مؤسس فيسبوك تغيير اسم الشركة إلى ميتا أملاً منه في أن تبدأ شركته حقبة جديدة وصفحة بيضاء مع المستخدمين وميتا سوف تكون الشركة الأم للكيانات الأخرى مثل الشبكة الاجتماعية فيسبوك وواتساب وإنستغرام وباقي المنتجات والخدمات الأخرى.

تاريخياً، تمكَّن عدد قليل جداً من العلامات التجارية الكبرى تغيير الاسم ونجحت الخطوة، أصبحت شركة السيارات اليابانية داتسون شركة نيسان في عام 1981، وأصبحت شركة الاستشارات أندرسن باسم أكسنتشر في عام 2001 أما مجموعة لاكي غولد ستار فتم اختصارها للعلامة الشهيرة إل جي والتي تعني “لحياة أفضل”.

ولكن شركات فيليب موريس، كبرى شركات بيع التبغ وأكثرها ربحية في العالم، غيرت اسمها إلى مجموعة ألتريا في عام 2003 من أجل تحسين صورتها وتشتيت الانتباه عن ماضيها الأكثر قتامة، ولكن لم يفلح الأمر، كما حاولت شركة بريتيش بتروليوم تطبيق نفس الاستراتيجية في أواخر التسعينيات لكن كانت الخطوة مجرد هباء منثوراً.