فيروز جزء من سورية
رافقت فيروز العاشقين بأغنياتها، فتعشق صوتها وريقات الورد الجوري، وتسرّب إلى البحرة وسرى مع تفرعات النافورة.. فترك طعمه في فنجان القهوة بأحلى الصباحات والمساءات. وكثيرون رأوا في حكاياتها المرنّمة الملحنة بإحساسها وصدى صوتها الملائكي ملجأ يصغي إلى همساتهم الصامتة وآهاتهم الموجوعة، فجسّدت في أغنيتها “في قهوة ع المفرق” “قعدوا على مقعدنا سرقوا منا المشوار” وجهاً من أوجه الحب والفراق، لامست قلوب الملايين الذين رسمت الأقدار خطوط نهايات حكاياتهم. كما اقتربت من المشاعر الخفيّة في أغنيتها “ورقه الأصفر شهر أيلول.. ذكرني ورقه دهب مشغول ذكرني فيك” بعثرت بصوتها الأوراق الصفراء في الطرقات، وما تثيره في الروح من أنين وحنين لا يهدأ.
مضت فيروز بمسيرتها الفنية مع العمالقة الرحابنة ولم تتوقف، فتابعت مع ابنها زياد الرحباني بأغنيات معاصرة وموسيقا حديثة ومختلفة، امتزجت تقطيعاتها مع تدرجات صوتها مثل أغنية “كيفك إنت”.
فيروز ليست أيقونة من أيقونات الزمن الجميل، وليست سفيرة للأغنية اللبنانية التي انتشرت في كل دول العالم فقط، إنها ملهمة الشعراء والتشكيليين الذين استوحوا من أغنياتها رموزاً وعناصر ملأت فضاء لوحاتهم وانسكبت بألوانهم، وطالما كانت رفيقة المتأملين والوحيدين.. إنها جزء من سورية، جزء من نهر بردى الذي غنّت له من إذاعة دمشق التي انطلقت منها، جزء من كل بيت وكل مقهى وكل ركن، فهي التي كرّمها القائد الخالد حافظ الأسد بمنحها أعلى وسام وطني، وعزف في فرقتها عدد من الموسيقيين السوريين الموهوبين.
في هذا اليوم الرومانسي الجميل الذي يتعانق مع الغيوم السابحة وحبات المطر نقول كلنا: “كل عام وأنت الحب لكل الناس، كل عام وأنت موسيقا الكلمة وملاذ الروح”.
ملده شويكاني