من الوراقة إلى دور النشر.. في مكتبة الأسد
قبل ظهور الورق تعددت أدوات الكتابة لدى القدماء من أبسط ألواح العظام حتى ورق البردي، وشهد الورق تطوراً حتى أصبح صناعة كبرى وأطلق على صناعها اسم وراقين، وعن مسيرة تطور هذه الصناعة من ذلك الزمن إلى واقعنا الحالي جاءت الندوة التي أقامتها مكتبة الأسد الوطنية وحملت عنوان “وراقة أمس.. نشر اليوم”.
وأوضحت وزيرة الثقافة د.لبانة مشوّح أن هذه الندوة تندرج في صلب أيام الثقافة السورية وتناولت مهنة الوراقة والمخطوطات، والخطاطين، وأهم من عملوا في هذه المجالات عبر التاريخ العربي، ونشأتها، وتطورها، وأدواتها ومعاييرها وصولاً إلى عصرنا الحاضر وهو عصر المكتبات، ولفتت الوزيرة إلى أن المحاضرين كانوا على درجة عالية من العلم والمعرفة فيما تناولوه.
مفهوم الوراقة
وقال إياد مرشد مدير مكتبة الأسد بأنه أراد لهذه الندوة أن تكون من ضمن طبيعة عمل المكتبة وروحها، فجاء عنوان محوره “صناعة الورق ومفهوم الوراقة وعوامل ازدهارها في العصرين العباسي والأندلسي” تحدث فيه عن مفهوم الوراقة وبأنه مأخوذة من الورق وهي حرفة صناعة الورق ونسخ الكتب والاتجار بها، وتابع: انتقل الورق من الصين عندما سجل العرب انتصارهم سنة 751م فانتقلت إلى سمرقند على أيديهم وصنعوا لهذا الورق قوالب ووطنوا الصناعة، ودخلت صناعة الورق مدينة بغداد 794م وانتشرت مطابخ صناعته، وعرفت دمشق صناعة الورق في القرن الخامس الهجري واشتهر ورقها أكثر من الورق المصري.
النواة الأولى
يعد العصر العباسي العصر الذهبي للوراقة، فهو العصر الذي شهد قيامها بشكل فعلي وهو الذي مهد لدخول الورق إلى العالم الإسلامي وبالتالي ازدهار الوراقة به، هذا ما تحدثت عنه مديرة المخطوطات في المكتبة أمينة الحسن في محورها “الوراقة والنساخة والتجليد وتذهيب الكتب وأهم أعلام الوراقين”، وتابعت: مهنة الوراقة هي عصب صناعة الكتاب العربي فقد كان الوراقون والنساخون بمثابة النواة الأولى التي شكلت الثقافة والحضارة العربية، فقد كانت هذه المهنة الرفيعة الجندي المجهول الذي فتح الباب على مصراعيه لازدهار التأليف والتصنيف والترجمة للعلماء والأدباء مثل ياقوت الحموي وأبو حيان التوحيدي والجاحظ.
الوراقون الدلالون
قضى الوراقون حياتهم في نسخ الكتب وتصحيحها وتجليدها وكانت مهنتهم مهنة ثقافية حضارية إذ قاموا آنذاك بمهام دور النشر اليوم، وهو ما كان محور معاونة مديرة المخطوطات هبة المالح الذي حمل عنوان “أسواق الوراقين وأثر الوراقة في الحياة الثقافية في العصر العباسي”، وتحدثت عن مهنة أسواق الوراقين في العصر العباسي التي تجاوزت مهنة بيع الكتب إلى مهام ثقافية بالغة الأهمية، حيث ظهر ما يسمى “الوراقون الدلالون” وهم وسطاء بين باعة الكتب وجمهور المشترين، وكانوا هم الأعرف ببيع هذه الكتب إذ أن عملية بيع الكتب تجري داخل السوق على شكل نداء علني، يقوم المنادي بعرض الكتاب أمام الجمهور ثم يقرأ اسم الكتاب ومؤلفه وعدد صفحاته وبعضاً من عبارته من بعض الفصول، وتصبح عملية البيع أشبه بالندوة الفكرية والأدبية، وعندما يزداد اللغط والهرج يفتح باب المزاد لشراء الكتاب.
صناعة الكتّاب
يواجه الكتاب العربي عامة الكثير من المشكلات التي من أبرزها ظاهرة العزوف عن القراءة لدى معظم أفراد المجتمع ويعود ذلك إلى مجموعة من الأسباب منها تدني مستوى عدد كبير من الكتب المنشورة، الرقابة بمختلف أشكالها السياسية والاجتماعية والدينية، انتشار ظاهرة السرقات الأدبية والاعتداء على حقوق المؤلف والناشر، انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وأكد رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم الحافظ على فكرة أن الناشر هو تاجر يسعى للربح لكنه يحمل رسالة هادفة لبناء الأمة والثقافة والعودة للقراءة، وبأن الثقافة هي حاجة ماسة وملحة لأنها طريق التطور، ومن هنا جاء الاعتناء بصناعة النشر في العالم، منوهاً إلى مشكلة حقيقة يعاني منها المجتمع وهي عدم وجود “صناعة كتّاب سوريين”.
وبيّن الحلول المنشودة لتطوير صناعة النشر في سوريا والتي تكون من خلال دعم النشر والناشرين، العودة للمكتبات المدرسية، وجود مكتبات في الأسواق الحديثة مثل المولات، والتسويق الالكتروني.
عُلا أحمد