ثقافات مشتركة في عرض الكورال الوطني الأكاديمي السيبيري الروسي
“ثقافتنا الجمال والقوة”، بهذه المفردات اختزلت د. لبانة مشوّح وزيرة الثقافة السورية التي تلتقي مع الثقافة الروسية القائمة على القوة والجمال وإرادة الحياة، من خلال العرض الغنائي الراقص الذي قدّمه الكورال الوطني الأكاديمي السيبري الروسي بعنوان “روسيا الوطن سيبريا” على مسرح الأوبرا ضمن الاحتفال بأيام الثقافة السورية “أصالة تتجدد”.
وتميّزت اللوحات بتنوعها وثرائها الفني وبتناغم تصميم الأزياء والألوان والحركات مع أفكار العرض ورؤاه، إضافة إلى الإيقاع الراقص بمشاركة الفرقة الموسيقية الروسية المؤلفة من الآلات الوترية الروسية التقليدية “البيللانكا والدوما” مع خط الأكورديون والدرامز والطبل الكبير وبعض الإيقاعيات، كما شارك الأكورديون بعزف منفرد بلوحة مع الغناء المنفرد.
اتسم العرض بالغنائية والحيوية ولم يقتصر أداء الكورال على الغناء والترديد، إذ قدم عرضاً متكاملاً للرقص والغناء معتمداً على القواعد الأساسية للرقص الشعبي وبدور الصوليست وبتشكيلات الأرتال والدوائر وتداخل الثنائيات وسرعة الحركة في بعض الرقصات، فتقاطع في جانب مع الرقص الشركسي في مواضع والدبكة في مواضع أخرى ليقارب جزءاً من الثقافة السورية وتراثها الراقص، وتبقى لكل لوحة من اللوحات الكثيرة التي تشارك بها الراقصون والراقصات خصوصية على وقع جمالية الموسيقا الروسية التقليدية.
ومن أجمل اللوحات التي قدمتها الراقصات لوحة الترنيمات بتعبيرات دلالية للون أثوابهن الخضراء ووشاحهن الأبيض وتمايل حركاتهن البطيئة وتلويحهن بالمنديل الأبيض، ثم بانضمام مجموعة ثانية من الراقصات بأثوابهن البرتقالية إيماءة إلى دورة الحياة والسلام المنشود، كما تميّزت رقصتهن بالأثواب ذات اللون السماوي والقلنسوة الفرو بعكس ثقافة الحب.
العصا والسيف
وأظهرت الرقصات عامة قوة الراقصين الذكور بالأداء والحركات الاستعراضية الراقصة، منها لوحة الرقص بالسيف، والأجمل لوحة استعراض العصا الخشبية الطويلة وتعلق الراقصين بها مع تصاعد اللحن الموسيقي والتناغم بين الدرامز والبيانو المحمول ومشاركة الطبل الكبير بضربات قوية.
ومن اللوحات المشتركة أيضاً الرقصة المبنية على إيقاع الفلامنكو برؤية معاصرة للحركات السريعة والدوران، إذ استخدمت الراقصات طرف الثوب بالرقص، وتخلل العرض مقطوعات صغيرة للموسيقا الآلية أخذ فيها خط الأكورديون اللحن الأساسي بمرافقة الوتريات.
“ع المايه ع المايه”
اختُتم العرض بمفاجأة غير متوقعة بغناء الراقصين والراقصات بأثوابهن البيضاء الأغنية التراثية السورية “ع المايه ع المايه” باللهجة المحكية السورية وتمايلوا على ألحانها بلوحة تعبيرية تحمل رسالة العرض بالتقارب بين الثقافات والشعوب المحبة للسلام.
تبادل الثقافات
وأشاد محافظ سيبيريا أندريه ألكسندر بالجهات السورية والروسية التي عملت على التنسيق لإقامة هذا العرض، وتحدث عن سيبيريا التي تضم مجموعة من القوميات والإثنيات والثقافات والحضارات تتعايش معاً منذ عقود إلى الآن، ويتمّ تمازج هذه الثقافات والحفاظ عليها باحترام تقاليدها والمشاركة بثقافاتها، وتابع عن تبادل الثقافات والتأثر بها، فمن خلال العرض تعرف الجمهور السوري إلى جمالية الغناء السيبيري الروسي وبالمقابل سيحملون معهم شيئاً من الثقافة السورية، وأعرب عن سعادته بزيارة سورية وتقديم عروض لاحقة فيها.
عراقة ومعاصرة
سُبق العرض بفيلم توثيقي عن مدينة نوفو سبيرسك عاصمة إقليم سيبيريا في روسيا بعنوان “نوفو سيبيرسك الراحة هنا” أوضح التطور الحضاري والمعماري والتكنولوجي لهذه المدينة وصوّر ملامح الحياة في كل المجالات ولاسيما التعليمية، وتوقف عند فخامة القصور وعراقة تاريخها، وصناعة الذهب ومعارض السيارات، وطبيعة جغرافيتها القاسية بتراكم الثلوج وامتلاكها حديقة حيوانات تعدّ من أكبر حدائق الحيوان في العالم.
مقاربة الثقافة السورية
وشارك في المؤتمر الصحفي الذي سبق العرض مديرة المنظمة إيكاترينا كوفاليفا والمدير الفني لوغين ايفانوفيتش ومصمّم الرقصات فلاديميير بيرلن ومسؤول الأوركسترا سافين ألكسندر، وتمّ من خلاله التعريف بالكورال الذي يضمّ خمسة وثمانين عضواً، ثم تحدثت كوفاليفا عن الكورال الذي يحظى بمرتبة عالية فيمثل إحدى الفرق الثلاث الأولى في روسيا، ويجمع بين ثلاثة عناصر الموسيقا والغناء والرقص وهي أساس بناء الإنسان، وأوضحت أن ثقافة العرض قريبة جداً من ملامح الثقافة السورية، وتحمل رسالة المحبة والتضامن مع الشعب السوري، وتطرقت إلى الشبه بين الشعب السيبيري والسوري وشكرت حسن استقبال السوريين لهم، أما فيما يتعلق بخصوصية البرنامج فأرادوا أن يستشفها المتلقي مباشرة بانطباعاته.
ملده شويكاني