همسة الوادي وعبد الله شحادة باستضافة الفرقة السمفونية في اختتام أيام الثقافة السورية
توّجت أيام الثقافة السورية التي حملت شعار: “أصالة وتجدد”، وعمت دمشق والمحافظات السورية، بمشاركة الفرقة السمفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، واستضافة الموسيقيين السوريين المغتربين اللذين انطلقا من دمشق إلى العالم: عازفة البيانو همسة الوادي جوريس، الأستاذة في أكاديمية سبيليوس في هلسنكي، والمقيمة في فنلندا، وعازف القانون والمؤلف الموسيقي المغترب في لندن، مؤسس فرقة نارة عبد الله شحادة، في أمسية حملت الشوق والحنين، وروح الشرق والغرب، بالعزف الكلاسيكي، والتجديد بالتوزيع الاوركسترالي للتراث والتأليف الموسيقي المعاصر بحضور عشاق السمفوني.
اللحن البرّاق
شغل كونشيرتو لآلة البيانو والاوركسترا للمؤلف موزارت بمشاركة همسة الوادي جوريس القسم الأول من الأمسية، والمؤلف من ثلاث حركات هيمن عليها اللحن الحيوي البرّاق، لاسيما لحن البيانو المحور الأساسي للعمل بالعزف المنفرد، وبمرافقة بعض أقسام الفرقة، فبدأت الوتريات مع آلات النفخ الخشبية بالحركة الحيوية تمهيداً للنغمات الحيوية للبيانو، ثم جاءت انسيابية الحركة البطيئة بجمالية أخاذة مع الهورن وتأثيره مع آلات النفخ الخشبية، لتأتي القفلة المتدرجة حتى السكون مع الفرقة، وينتقل العمل إلى الحركة الثالثة الحيوية المعتدلة.
وقد أوضحت التحية الحارة بين همسة الوادي والجمهور عمق المشاعر الوجدانية التي يكنّها الجميع لصلحي الوادي، مؤسس الفرقة السمفونية والموسيقا السورية الأكاديمية، ودلت أيضاً على مشاعر الحنين للمغتربة همسة الوادي التي عزفت مع الفرقة السمفونية بعد غياب اثنين وعشرين عاماً.
التراث سمفونياً
جاء القسم الثاني مختلفاً، إذ هيمنت عليه روح الشرق وتراثنا الموسيقي بعزف رقصات سمفونية عربية للمؤلف نوري الرحيباني (1939) الذي قدم الألحان الشعبية بلغة سمفونية، وبالتوزيع الاوركسترالي بتشكيلة موسيقية أوسع للفرقة، فبدأت ألحان “طالعة من بيت أبوها” مع النحاسيات، ثم خط الإيقاعيات، ومن ثم فواصل الهارب والصنجات مع آلات النفخ الخشبية وتشكيلة الفرقة، وكان تأثير أغنية “بلدي يا بلدي” أقوى مع الضرب الإيقاعي، إضافة إلى ضربات خفيفة على التيمباني ودور الوتريات والباصون والإيقاعيات اللحنية والهارب، وبدا الإيقاع أكثر قوة في أغنية “يا غزيل”، وبتوزيع مختلف أنصت الجمهور لأغنية “هالاليا” بحضور النحاسيات وآلات النفخ الخشبية ودور الفلوت، كما عزفت “بنت الشلبية” بمشاركة الطبل الكبير.
باب توما والحنين
أما القسم الأخير فكان مع التأليف المعاصر ومشاركة عازف القانون عبد الله شحادة (1986) المقيم في لندن، والذي اشتُهر بتجديده آلة القانون وتكبير آلته التي تتألف من خمسة أوكتافات، وتطويرها من الأعلى والأسفل، ما أتاح له إيجاد أبعاد صوتية بمستويات مختلفة، وتدرجات منخفضة ومرتفعة، فاختار من ألبومه “الأبواب السبعة” الذي يحاكي تاريخ مدينة دمشق وحضاراتها المتعاقبة، وينبذ الإرهاب والحرب، مقطوعة “كيف” بالعزف المنفرد، وبمرافقة الفرقة- توزيع ناريك عبجيان- مع انضمام آلة الأوكورديون- وسام الشاعر- التي أدت دوراً خاصاً بالصولو والمرافقة، ومشاركة البيانو أيضاً- فادي جبيلي- بالفرقة، فاستهل المقطوعة عبد الله شحادة بالعزف المنفرد موظّفاً أوتار القانون الكثيرة بتقنيات عزفه وأبعاده الصوتية بحركات سريعة في مواضع، وبتموجاته الخافتة التي تهمس بالتأملات الحزينة في مواضع، وتخللها فاصل الأكورديون مع الغيتار، ومن ثم تشكيلة الفرقة، ليعود القانون إلى العزف.
وتابع شحادة بعزف مقطوعة “باب توما” من الألبوم ذاته بحنين أكبر لمعالم هذا الحي العريق الذي تعايشت فيه كل الأديان، وزادت من جمالية الموسيقا متتالية الصور للخلفية السينمائية لمعالمه، وتميزت المقطوعة بحضور متناغم للأكورديون والناي.
وخلال الأمسية توقفت الفرقة دقائق تحية إلى صباح فخري الحاضر الغائب في الافتتاح والاختتام بعرض صورته، والإصغاء إلى صوته، عبّرت الأمسية بكل تفاصيلها عن شعار الاحتفالية “أصالة وتجدد”، وحفلت بإبداعات الموسيقيين السوريين.
ملده شويكاني