الطب الشرعي.. توجه نحو “الوقائي” وإطلاق التقرير الموحد
دمشق- حياة عيسى
على الرغم من الصعوبات ومعوقات العمل التي يواجهها قطاع الطب الشرعي، إلا أن هيئته العامة تعمل على مشاريع ضخمة بهدف الارتقاء لمستوى الدول المتقدمة ضمن الإمكانيات المتاحة، من خلال التعاون مع المنظمات الدولية وخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث تمّ فحص نحو /290/ ألف حالة بين أموات وأحياء بعدد أطباء لا يتجاوز الـ/52/ طبيباً على مستوى كافة المحافظات.
مدير الهيئة العامة للطب الشرعي الدكتور زاهر حجو بيّن في حديث لـ”البعث” أن الهدف الأسمى للهيئة حالياً يتمثل بالتوجّه نحو “الطب الشرعي الوقائي”، أي العمل على الحدّ من الحوادث والجرائم من خلال البحوث والدراسات التي تتمّ في مركز الإحصاء، الذي يقوم بدوره بتوجيه تلك الإحصائيات للجهات ذات الصلة للمراقبة والمتابعة.
أما بالنسبة لخطط العام القادم فقد أكد حجو أنه سيتمّ تفعيل مخبر الـ”دي إن أي” ولاسيما في مجال “البصمة الوراثية”، وكذلك مخبر السموم ولو بشكل جزئي “للسموم الشائعة” (كالمخدرات، الكحول، السموم الغازية، المعدنية)، أي كل ما يتقاطع عملها مع الطب الشرعي، بالتزامن مع تفعيل مركز الاستعراف من خلال تشكيل فرق متعدّدة لموضوع الاستعراف والتعامل مع الجثث مجهولة الهوية، إضافة إلى أنه سيتمّ إطلاق التقرير الطبي الشرعي الموحد وزيادة التدقيق في عمل كل طبيب شرعي، حيث تمّ تشكيل لجنة فنية هدفها مراقبة وتقييم كافة التقارير الطبية الشرعية في المحافظات، علماً أنه تمّ العمل على دليل عمل الطب الشرعي الموحد الذي يعدّ دستور الطب الشرعي وجداول للعجز والشفاء، حيث تمّ توحيد القيم والنسب لمنع التلاعب، كما سيتمّ افتتاح مركز جديد للطب الشرعي في محافظة القنيطرة، وتوقيع اتفاقيات مع الجامعات الطبية الحكومية والخاصة على حدّ سواء لتعليم الطلاب وتوضيح ماهية الاختصاص وأهميته، بالتزامن مع التوجّه حالياً لفحص كل الوفيات الطبيعية التي ترد إلى المشافي بهدف مراقبة وضبط جودة المشافي من خلال إنشاء مركز للدراسات والإحصائيات بشكل متقدم للتعريف بأسباب الوفيات بشكل عام، كما أنه سيتمّ افتتاح واحد من أكبر مراكز الطب الشرعي بالشرق الأوسط في محافظة حلب، وكذلك افتتاح مركز في كلّ من محافظتي حمص وحماة، أما بالنسبة للتجهيزات اللازمة ومعدات التشريح فهي متوفرة منذ تأسيس الهيئة التي قامت بتغذية كافة مراكز الطب الشرعي باحتياجاتها اللازمة.
وبالنسبة لموضوع الكادر البشري، أوضح مدير الهيئة أنه لا يوجد إقبال على الاختصاص من قبل الأطباء كونه يفتقر للمورد المادي باستثناء المكافأة الشهرية التي أقرّتها الحكومة والتي يجب تجديدها للعام القادم أسوة بالاختصاصات الخطرة والنادرة، علماً أن العدد الكلي لأطباء التخدير 52 طبيباً فقط موزعين على كافة المحافظات، فالواقع صعب ومرير والطب الشرعي يحتاج لدعم كامل من الحكومة لأن وضعه خطر وحرج، مع الإشارة إلى أن الطب الشرعي هو طب العدالة والقانون، وصلة الوصل بين القضاء والطب، وأحد الأمور التي تستقيم العدالة به، كون معظم الحالات التي يتدخل فيها الطب الشرعي لأحياء وليس لموتى، فحالات التدخل بالوفيات قبل الحرب لم تتعد 8% من عمل الطب الشرعي، أما في فترة الحرب فقد بلغ عدد الحالات التي يتدخل فيها الطب الشرعي في حالة الوفيات نحو 22% والعدد الأكبر لعمل وتدخل الطب الشرعي وهو ما يقارب 78% للأحياء.
يُشار إلى أن الطب الشرعي ككافة القطاعات التي تضرّرت نتيجة الإرهاب، حيث دُمّرت الكثير من المراكز بشكل كامل، كمركز حمص، درعا، المناطق الشرقية كالرقة ودير الزور وإدلب، بالإضافة إلى تدمير جزئي للبعض الآخر من المراكز التابعة للطب الشرعي، وهناك نزيف هائل وقلة بعدد الأطباء الاختصاصيين في الطب الشرعي، فضلاً عن النقص بالمنشآت والمعدات، مع التأكيد أنه خلال الفترة الماضية تمّ ترميم عدد جيد من المراكز المتضررة.