مسرحية أردوغان الجديدة
سنان حسن
لم يجد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وسيلة للالتفاف على الغضب الشعبي بسبب سيطرته هو وعصابته الإخوانية على مقدّرات تركيا، إلا أن يدّعي أن استخباراته أحبطت محاولة لاغتياله، الأمر الذي توجّست منه المعارضة ورأت فيه فصلاً جديداً من فصول أردوغان للاستمرار في استبداده بالسلطة في تركيا، ولكن هل سيستطيع هذه المرة تمرير مخططه كما فعل سابقاً، وماذا عن المعارضة واستعداداتها للردّ على ادعاءات أردوغان ومسرحياته، والأهم ماذا عن الشعب التركي الذي يجد نفسه في وسط أزمة اقتصادية خانقة؟.
شهدت تركيا خلال الفترة الماضية أوضاعاً اقتصادية غير مسبوقة من ناحية تدهور سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار ووصوله إلى أرقام غير مسبوقة، أدّت إلى اهتزاز الثقة بالأسواق وإعلان الكثير من الشركات والمستثمرين الخروج من السوق التركية، وهنا يؤكد معظم المحللين الاقتصاديين أن السبب الرئيس في كل ما يجري هو فرض أردوغان خياراته على البنك المركزي التركي ودفعه إلى إقرارها رغم رفض المصرف، حيث أدّت هذه التصرفات إلى إقالة حاكم المصرف وتعيين بدل عنه وصولاً إلى استقالة وزير المالية منذ أيام.. ما يعني أن الأوضاع الداخلية تسير في عكس ما يريد ويتمناه هو وعصابته، وخصوصاً أن استطلاعات الرأي في الانتخابات الرئاسية المقبلة باتت تعطي تحالف الشعب المنتمي للمعارضة تقدّماً واضحاً على أردوغان وتحالفه مع الحركة القومية.. وبالتالي لابد من حدث داخلي يغيّر كفة التوازنات لمصلحته.
في عام 2016 وفيما كان أردوغان يتهيأ لتغيير شكل الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي، للحفاظ على موقعه في حكم تركيا لفترة جديدة بعد انتهاء فرصه في البقاء في رئاسة الحكومة بموجب الدستور وسط رفض من أحزاب المعارضة، لجأ إلى الانقلاب المزعوم في 15–7-2016 الذي ادّعى من خلاله أن جماعة الداعية عبد الله غولن هي من تقوده، فشنّ حملة تصفية على كل خصومه مستفيداً من تأييد المعارضة وأحزابها التي رفضت الانقلاب، فكان أن أحكم أردوغان قبضته على الدولة واستطاع في عام 2017 تمرير الاستفتاء على الدستور الجديد وحصر كل السلطات بيده، ولكن هل ينجح هذه المرة في استدراج المعارضة التركية إلى فخ جديد من بوابة مسرحية الاغتيال؟.
بالأمس شهدت مدن تركية مظاهرات حاشدة للمعارضة التركية طالبت فيها بإجراء انتخابات مبكرة وإزاحة أردوغان وعصابته عن المشهد السياسي التركي، حيث تعهّد زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو “بإحلال العدالة والسلام في تركيا وجوراها”، مؤكداً أن المعارضة التركية وضعت خلافاتها جانباً بهدف إسقاط أردوغان”، ما يعني أن مسرحية الاغتيال التي استخدمها أردوغان أكثر من 250 مرة خلال وجوده على رأس النظام التركي لم تنطلِ على المعارضة رغم البروباغندا التي حاولت وسائل الإعلام المنضوية تحت عباءة الإخوان المسلمين الترويج لها، وأن المعارضة التركية عازمة على طيّ صفحة أردوغان إلى الأبد، فهل تكون الساعة قريبة؟.. لننتظر ونرَ.