كرتنا بعد كأس العرب تحتاج لوقفة.. فهل استوعبنا الدرس؟
ناصر النجار
من المؤسف جداً أن يكون خروج منتخبنا من كأس العرب على يد منتخب بمستوى موريتانيا يبحث عن بقعة ضوء بين أقرانه، ومن المعيب جداً أن نتلقى خسارة بوزن الخسارة التي تكبدها منتخبنا أمام منتخب مغمور لم يحقق أية نقطة في كل مشاركاته العربية السابقة، ودخل المجد عبر منتخبنا عندما حقق فوزه الأول في البطولات العربية بعد أن تلقى الخسارات يمنة ويسرى في كل مشاركاته، ولم يسجل فيها أي هدف، ولكن مع منتخبنا سجل هدفين دفعة واحدة بمباراة واحدة، مع العلم أن هدفيه هما الهدفان الوحيدان له في البطولات العربية، وسبق أن سجل هدفاً واحداً بمرمى تونس، إنما من ركلة جزاء.
مباراة الحسم مع موريتانيا كانت مملوءة بالأخطاء والعثرات، فرغم أن الحظ وقف معنا بلقاء تونس، ووقف معنا عندما وضعنا بمواجهة أضعف المنتخبات عند بوابة التأهل، إلا أننا أدرنا ظهرنا للحظ ورفضنا التأهل بسوء صنيعنا، وعدنا أدراجنا من حيث أتينا.
لن نكون جلادين للمنتخب، فما حدث يوصف بالمهزلة الكروية، والمأساة التي تعيشها كرتنا، وقد لخصت هذه الخسارة وهذه المشاركة حالنا الكروي الذي بات لا يسر صديقاً ولا عدواً.
دوماً المقدمات الخاطئة يجب أن تنتهي بالفشل الذريع، ومنذ البداية أصرت اللجنة المؤقتة على المشاركة غير المدروسة، فلم تهيئ الظروف لوجود اللاعبين المهمين مع المنتخب من خلال عدم تنسيقها المسبق مع اللاعبين المحترفين ومع أنديتهم، وزاد من سوء ذلك تعاقدها السريع مع مدرب ليس له تاريخ، والمصلحة الشخصية وحدها وضعته على رأس الجهاز الفني للمنتخب الذي أضحى بأيد غير أمينة، ولو أن اللجنة المؤقتة شاركت بالمنتخب الأولمبي، كما أشرنا في عدد سابق، لحفظت ماء وجهها ووجه الكرة السورية، لكن رهانها سقط في سوء الاختيار.
أكد المراقبون أن التشكيلة التي بدأ بها تيتا المباراة هي تشكيلة دفاعية بالمطلق، وقد نجح بها بلقاء تونس لأن طبيعة المباراة تتطلب الأسلوب الدفاعي أمام منتخب قوي، وعلى العكس كانت المباراة مع موريتانيا تتطلب زخماً هجومياً منذ البداية، وهو ما أعطى المنتخب الموريتاني الفرصة لالتقاط أنفاسه والتحرك بحرية طوال المباراة والفوز بها، ونسأل: ماذا سيفعل مهاجمنا الوحيد محمود البحر في المباراة وقد ركض يمنة ويسرى بحثاً عن فرصة؟ ألم يكن الأجدى أن يجد من يسانده فنلعب بمهاجمين أو ثلاثة بمثل هذه المباراة ذات الفرصة الوحيدة؟ ولماذا لم يشرك المدرب محمود المواس من أول المباراة، وشاهدناه كيف قلب الموازين في الشوط الثاني؟.
لم تكن التشكيلة في المباراة وحدها الخاطئة، إنما التبديل كان أكثر إيلاماً على المنتخب، المشكلة أن هناك من يدافع عن الخطأ ويحاول التبرير بأساليب بالية وواهية، وهذا أمر لا يصب بمصلحة كرتنا على الإطلاق،
خطوات الإصلاح تبدأ بالاعتراف بالخطأ، والحقيقة أن منتخبنا ليس حقل تجارب للأشخاص حتى يفرض كل واحد من المتنفذين والمسؤولين عن كرتنا مصالحه عليها، ويجرّب خططه على منتخبنا، وعلى الجميع أن يدرك أن منتخبنا خط أحمر يجب أن نتعامل معه بالمزيد من الحرص والجدية لأنه يمثّل الوطن ولا يمثّل أشخاصاً.
أول الحلول المجدية أن يتم انتخاب اتحاد كرة جديد من خبرائنا المشهود لهم بالعلم والخبرة والنزاهة بعيداً عن القوالب الانتخابية التي أثبتت فسادها لأنها تضع الرجل غير المناسب في قبة الفيحاء، وعلينا أن نلغي من قاموسنا شعار: “هذا معنا وهذا ضدنا”.
منتخباتنا الوطنية بكل فئاتها صارت مطية لكل المنتخبات في كل المباريات والمشاركات، وهذا يشير إلى سوء العمل، وسوء الإدارة، وسوء التخطيط، ويدل على فشل الاتحاد السابق واللجنة المؤقتة التي سارت على نهجه الفاسد دون أن نجد أية بصمة إيجابية تشعرنا بأمل جديد، وشمس مشرقة تضيء درب كرتنا.