الرد الحاسم على “حماية المستهلك”!
علي عبود
لم ينتظر رئيس جمعية حماية المستهلك طويلاً ليصله الرد على الرأي الذي أرسله إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وكان سريعاً وحاسماً: الجهات الحكومية، وتحديداً اللجنة الاقتصادية، لن تتوقف عن رفع أسعار السلع المدعومة!
كان رأي الجمعية منطقياً ويناسب الواقع المعيشي المرير لملايين الأسر السورية، وهو: توقيت إجراء إعادة تصحيح الدعم لإيصاله إلى مستحقيه غير مناسب في ظل الظروف الحالية من تدهور القدرة الشرائية، والتضخم الحاصل، وانخفاض دخل المستهلك!.
لا ندري متى أرسل رئيس جمعية حماية المستهلك هذا الرأي المنطقي والواقعي، ولا ندري إن كانت الوزارة اقتنعت به ورفعته إلى رئاسة الوزراء، أو أحالته إلى اللجنة الاقتصادية، لكننا بتنا نعرف الآن أنه بعد ساعات من نشر رأي رئيس الجمعية، أصدر وزير التجارة وحماية المستهلك، تنفيذاً لموافقة اللجنة الاقتصادية على مقترح وزير النفط، قراراً برفع سعر ليتر البنزين المدعوم من 750 ليرة إلى 1100 ليرة، أي بنسبة 46.6% فقط، وسواء كان الأمر مصادفة أم لا، فقد بات واضحاً أن الحكومة تعمل على مسارين لاعلاقة لهما بزيادة الدعم للمستحقين، ولا باستبعاد شريحة المقتدرين من “نعيم الدعم”!.
المسار الأول: تخفيض كميات السلع المدعومة كما حصل بالمازوت والغاز، وتقليص حصة الأسرة من المواد المقننة سنوياً عبر ما يسمى بـ “الدفعات”!.
المسار الثاني: رفع أسعار السلع المدعومة تدريجياً، بما فيها المازوت الذي يُشعل لهيب أسعار جميع السلع والخدمات، ويقضم دخل الأسرة بنسب مرعبة جدا!.
وسواء طالبت جمعية الأسرة أو اتحاد العمال بالرأفة والرحمة بملايين الأسر العاملة بأجر، وسواء تقدم الأكاديميون والمنظّرون بمقترحات حول إيصال الدعم للمستحقين الفعليين، فإن عملية تقليص فاتورة الدعم الحكومي مستمرة ولن تتوقف حتى تحرير المستحقين أنفسهم من الدعم نهائياً!.
ومن الملفت أن يصر البعض على أن البديل هو زيادة الإنتاج المحلي زراعياً وصناعياً وتجارياً، دون أن يجيب هؤلاء عن السؤال: من سيشتري “زيادة الإنتاج”؟
الوقائع الصادمة تكشف أن الإنتاج انخفض في اللحوم الحمراء والفروج والبيض والحليب والأجبان والألبان، وكل ما يشكّل مادة غذائية يومية، مع وجود طفرة في الفواكه والحمضيات، وكل ذلك الانخفاض سببه الوحيد تراجع القدرة الشرائية لملايين الأسر السورية!.
القدرة الشرائية تتراجع في كل مرة ترفع فيها اللجنة الاقتصادية أسعار المحروقات، رغم تحذير اتحاد نقابات العمال مراراً وتكراراً من النتائج المرعبة لهكذا ارتفاعات!.
حسناً، وزير التجارة برر مثلاً رفع أسعار البنزين المدعوم بنسبة 46.6% بالقول: القرار بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط، وضماناً لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها، والسؤال: من سيقلل خسائر المستهلكين جراء رفع البنزين، وقبله المازوت والغاز والكهرباء؟!
صحيح أن رفع سعر البنزين قد لا يؤثر على أسعار المواد الغذائية، لكن هناك آلاف الأسر اشترت سيارات في العقد الأول من هذا القرن بالتقسيط عندما كان سعر السيارة دون المليون ليرة، وبالتالي فإنها مضطرة الآن لاقتطاع ما لايقل عن 17500 ليرة من دخلها المحدود لتغطية الفارق في السعر الجديد في حال اكتفت بـ 50 ليتراً في الشهر فقط!.
أما من يضطر للتكسي للحالات الضرورية فإنه مُلزم بدفع أكثر من 20 ألف ليرة على الأقل للذهاب والإياب ولمرة واحدة فقط في الشهر!.
المرعب هو فيما قاله وزير التجارة: لم يتم طرح رفع سعر المازوت حالياً، وكلنا يتذكر تصريحاً مماثلاً للوزير أصدر بعدها وسريعاً قراراً برفع ليتر المازوت المدعوم إلى 500 ليرة!.
الخلاصة: المشهد القادم واضح جداً، فالدعم يتقلص، وأسعاره ترتفع تدريجياً، لترتفع معها أسعار جميع السلع والخدمات، مع انخفاض مستمر للقدرة الشرائية لملايين الأسر السورية!.
هذا هو الرد السريع والحاسم لكل من يطالب بزيادة الدعم وإيصاله لمستحقيه، أو بزيادة القدرة الشرائية للمستهلك!