أنطوانيت نجيب… أمنيتها الوحيدة الوقوف على خشبة المسرح مجدداً
البعث الأسبوعية- أمينة عباس
ما أن أعلنت نقابةُ الفنانين-فرع دمشق في منتصف الشهر الماضي عن تعرض الفنانة القديرة أنطوانيت نجيب لوعكة صحية ونقلها إلى مشفى الأسد الجامعي حتى انشغل الوسط الفني بوضعها الصحي وسارع عددٌ كبير للاطمئنان على حالتها الصحية، وكانت رئيسة فرع دمشق لنقابة الفنانين الفنانة تماضر غانم قد بيَّنت في تصريح لها أن الفنانة أنطوانيت نجيب كانت تتابع منذ زمن غسيل الكلى في المشفى ومن ثم تعود لمنزلها، إلا أنها في المرة الأخيرة تعرضت لمضاعفات استدعت نقلها إلى المستشفى وبقاءها فيها، وهي اليوم تحت المراقبة للتأكد من استقرار وضعها الصحي، وكانت نجيب قد أكدت قبل مرضها بفترة قصيرة وعبر لقاء إذاعي أنها لا تخاف من الموت لأنها لم تؤذِ أحداً وعاشت حياتها بشكل صحيح، وإن أجمل ما في مرحلتها العمرية الحالية محبة العالم لها والتي ازدادت مع التقدم بالعمر أكثر مما كانت عليه أيام صباها، وأن العمر بالنسبة لها لا يشكل أي إزعاج، وخطوط الزمن على وجهها مصدر إعجاب لها، فهي تعدّها وتحفظها، وقد احتفل أصدقاؤها العام الماضي بعيد ميلادها بحضور مجموعة من نجمات الدراما السورية ومنهم ثناء دبسي، أمل عرفة، هبة نور، صفاء سلطان، وأخريات، وردّاً على استغراب بعضهم من بقائها في الساحة الفنية وقد تقدم بها العمر قالت: “أعيش كما أشاء، وأنا أحب الحياة ومتمسكة بها، وأنا موجودة لأثبت نفسي أمام نفسي أولاً” لذلك لم يكن غريباً على نجيب أن تتمنى العمل على خشبة المسرح لأنها بدأت منه في خمسينيات القرن الماضي من خلال المسرح العسكري الذي عملت فيه بدايةً كموظفة إلى أن دخلت التمثيل، مطالبةً كافة القائمين على الوسط الفني تحقيق أمنيتها الوحيدة هذه.
شخصيات مختلفة
وكانت أنطوانيت نجيب قبل دخولها المشفى بفترة قصيرة قد أنهت تصوير مشاهدها في فيلم “فيك أب” تأليف زياد ساري، إخراج أحمد إبراهيم أحمد، إنتاج شركة سراب، وبينت في تصريح لها أن الفنان أيمن زيدان هو من رشحها للدور، وهي سعيدة به رغم مساحته الصغيرة لأن لا أحد غيرها يستطيع تأديته لأنه مناسب تماماً لعمرها ولأنها لم تخضع لعمليات تجميل ولم تتغير ملامحها، وهذا ما تتطلبه الشخصية التي تؤديها، حيث تجسد شخصية سيدة كبيرة في السن تظهر في دار المسنين التي تجري فيها بعض أحداث الفيلم، كما كانت قد شاركت العام الماضي بمسلسل “شارع شيكاغو” للمخرج محمد عبد العزيز برفقة النجوم عباس النوري، سلاف فواخرجي، مهيار خضور، وفي مسلسل “ببساطة” الجزء الثاني وفي العام 2018 حلَّت ضيفة شرف على عدة أعمال مثل “فرصة أخيرة” إخراج فهد ميري و”روزانا” إخراج عارف الطويل وفيه أدت شخصية الأم القوية وهو دور جديد بالنسبة لها، في حين أدت شخصية بعيدة عن أدوار الأم طيبة القلب التي اعتاد المشاهدون رؤيتها من خلالها وأوضحت حينها أنها تجسد شخصية امرأة غير محبوبة، وقد قبلت بها كنوع من التغيير لأنها تفضّل من وقت لآخر تقديم شخصية لها خطّ مختلف عن الأدوار التي عادةً ما تؤديها على الشاشة، وقد أتتها الفرصة عبر هذا المسلسل لتحقيق ذلك، وهي المؤمنة أنه على الممثل أن يجسّد أي شخصية تُقدم له شرط أن تكون مكتوبة بشكل صحيح، وإن لم يكن على قدر المسؤولية ليفعل ذلك يكون محدود العطاء، والأجدى عندها ألا يكون ممثلاً أصلاً، كما كان لنجيب في العام 2019 مشاركات في مسلسل “هوا أصفر” إخراج أحمد ابراهيم أحمد ومسلسل “سايكو” تأليف أمل عرفة إخراج عبد الغني بلاط.
أعمال لا ترقى لمستوى المشاهدة
وعبرت نجيب أكثر من مرة عن حزنها لما وصلت إليه الدراما السورية اليوم بعد أن كانت تتربع على عرشها مع انتشار أعمال لا ترقى لمستوى المشاهدة والتي وضعتها في مأزق، وهي هدفها الربح فقط، ولها أسواق تشتريها وبحفاوة، وهذا يأتي برأيها على حساب الدراما الراقية التي لها قيمة فكرية ومجتمعية في توعية المشاهد، منوهة إلى أنها تدعم وجود المسلسلات التي تأخذ طابع الأعمال التاريخية الجيدة ومسلسلات البيئة الشامية مثل “ليالي الصالحية، أيام شامية، سوق الحرير” التي اعتذرت عن عدم المشاركة فيه بسبب وضعها الصحي، مبينة أن هذه الأعمال أحبها السوريون لأنها من روح بيئتهم وتقاليدهم ومجتمعهم، مشيرة كذلك إلى أهمية أعمال مثل “حارس القدس” الذي تناول حياة شخصية وطنية هي المطران ايلاريون كبوجي، موضحة أن مشاكل عديدة واجهت الدراما السورية خلال الحرب التي لم تنته بعد وفي مقدمتها هجرة شركات الإنتاج الفنية للعمل خارج سورية، والحصار وعدم التسويق والوضع المعيشي الصعب الذي انعكس سلباً على أجور الفنانين داخل سورية وكان سبباً في هجرة الفنانين والكتّاب والمثقفين، ونوهت إلى أنها لا تنال الأجر الذي تستحقه من الأعمال الدرامية التي تشارك بها، لكنها لا تطالب بالأكثر لأنه باعتقادها أن الأمر أصبح تجارة لدى أغلب المنتجين، حيث يتم إعطاء الأجور الأعلى للفنانين الذين يعدونهم مهمين، والبقية يعملون بأجر قليل حتى يؤمّنوا لقمة عيشهم، وهي من هؤلاء الفنانين، مؤكدة أن الفن طريقه صعب ويتطلب محبة من الشخص حتى يتقنها، وأكثر ما يزعجها في هذا الوسط هو عدم الالتزام بالمواعيد، وعدم احترام المهنة كونها مهنة صعبة وتتطلب الكثير من الجهد والتعب حتى يستطيع الشخص أن يقدم شيئاً للفن وللجمهور، وأنها على الرغم من ذلك لم تندم لدخول عالم الفن والعمل كممثلة، لكنها تعتب على من يعتبر الفن طريقاً بسيطاً وسهلاً يمكن لأيّ كان الدخول إليه دون أن يكون بداخله شغف كبير للعمل.
نعيمة
وعن بدايتها كانت قد أشارت أنطوانيت نجيب في حواراتها إلى أنها بدأت من الأردن، وبعدها انتقلت للعمل مع كبار نجوم الفن المصري مثل كمال الشناوي وفريد شوقي وزيزي البدراوي وفريد الأطرش وغيرهم لتتواصل الأعمال بعدها في سورية وعدد من الدول العربية وقد تميزت بالأدوار البدوية لإتقانها اللهجة، علماً أنها ظهرت على الشاشة للمرة الأولى عندما قدمت دوراً في فيلم “بلا خطيئة” عام 1967 ثم انضمت في العام التالي إلى نقابة الفنانين، وفي العام 1971 شاركت في أفلام “امرأة تسكن وحدها” و”واحد زائد واحد” وبعد انتسابها للنقابة وانطلاقها في مجال السينما تابعت عملها حيث ظهرت عام 1973 في فيلمَي “شقة الحب” و”امرأة حائرة” كما انتقلت للعمل على الشاشة الصغيرة وشاركت في نفس العام في مسلسل “صح النوم” وفي العام 1976 شاركت في فيلم “الحب الحرام” ثم ابتعدت بعده عن التمثيل لمدة ست سنوات، لتعود عام 1982 من خلال مسلسل “السعد وعد” ثم توالت أعمالها الفنية المتنوعة وفي رصيدها أعمال كثيرة جداً في الدراما السورية من الصعب تعدادها إلا أن دورها في مسلسل “الفصول الأربعة” إخراج حاتم علي ظل عالقاً في ذاكرة المشاهدين حيث قدمت شخصية نعيمة التي أحبها المشاهدون، وعنها تقول: “هذه الشخصية واقعية لسيدة كانت تعيش في منزلي قمتُ بحفظ تفاصيلها وقد أديتُها بصدق مما ساعد في وصولها لقلوب الجمهور”.
شهرة واسعة
شاركت أنطوانيت نجيب في سبعينيات القرن الماضي في عدة مسرحيات حظيت حينها بشهرة واسعة نذكر منها: “حط بالخرج، شغلة فايتة ببعضها، الأشجار تموت واقفة، سراديب الضايعين، سهرة مع أبو خليل القباني” كما كانت لها مشاركات في برامج ومسلسلات إذاعية.
وفي كل حواراتها كانت أنطوانيت نجيب تشير إلى أن نقابة الفنانين فقط هي التي تساعدها مادياً في عمليات غسل الكلى التي تجريها بين فترة وأخرى.
شغف في سن صغيرة
أنطوانيت نجيب من مواليد مدينة درعا في العشرين من شهر شباط، شغفت بالفن في سن صغيرة، وبدأت بالتمثيل على خشبة المسرح المدرسي ثم خشبة المسرح العسكري الذي أصبحت عضواً فيه، درست حتى نالت شهادة المرحلة الثانوية ولم تكمل دراستها لاتجاهها نحو عالم التمثيل، عملت بمجال التجميل وكانت تمتلك صالون حلاقة في شبابها واضطرت إلى إغلاقه بسبب انشغالها بالتمثيل ودخولها الوسط الفني، رفض أهلها دخولها الوسط الفني ما اضطرها للمشاركة بالتمثيل سراً في مطلع مسيرتها إلى أن كشفت عن ذلك لاحقاً، برعت بشخصيات الأم المكافحة والمخلصة لبيتها وأولادها، تعرفت على الفنان يوسف شويري في المسرح العسكري وتزوجت منه عام 1962 وعاشت معه حتى وفاته عام 2005 وهي جدة الفنان فادي الشامي الذي شجعته ووقفت إلى جانبه .
شاركت في السنوات الأخيرة بأفلام “التجلي الأخير لغيلان الدمشقي” 2007 “الليل الطويل” 2009 “دمشق مع حبي” 2010 “غرفة سمير” 2011 “الرابعة بتوقيت الفردوس” 2014 و”رسائل الكرز” 2015 وهي من جيل الروّاد المؤسسين.