كرة القدم بعد الخيبات المتكررة بحاجة إلى مراجعة ذاتية توقف تدهورها…وتسرع بانتخاب اتحاد جديد
البعث الأسبوعية- ناصر النجار
من المفترض باللجنة المؤقتة أن تلملم أوراقها وترحل في أقصر مدة بعد أن فشلت في قيادة الكرة السورية في الفترة التي تم تعيينها بها، ونتمنى على من عينها ألا ينتظر أكثر من هذا الوقت لأن أمور كرتنا في تدهور على كل الأصعدة، سواء في المسابقات المحلية أو الرسمية أو في الأمور الإدارية والتنظيمية.
فمهام اللجنة المؤقتة في الوقت الحالي يجب أن تنحصر في التهيئة لانتخابات سريعة ونتمنى ألا ننتظرها طويلاً، وهذا هو بداية الحل إذا أردنا إصلاح كرة القدم، حيث تبين مما لا يدع للشك أن اللجنة غرقت في وحول الاتحاد السابق المستقيل فتابعت خط الانهيار والتدهور، كما تابعت خط الغنائم والمكاسب والسياحة، دون أن يكون لها أي بصمة على العمل الكروي بشكل عام ولو في جزئيات صغيرة.
من المنطقي ألا نحمّل اللجنة المؤقتة كل إخفاقات المنتخبات الكروية (رجال – أولمبي – شباب) ولكنها تتحمل مسؤولية عدم التدخل بها بشكل ايجابي، وللأسف عندما تدخلت في المنتخب الأول ببطولة كأس العرب كان تدخلها سلبياً وأثبتت عدم قدرتها على إصلاح الأمور فسارت عكس التيار وأكملت الانهيار.
وللأسف كما الاتحاد السابق فإن اللجنة برمتها مع أمين السر غابت عن مقر الاتحاد لانشغالها في السفر والسياحة مع المنتخبات الوطنية وغادر معها كبار المسؤولين في اتحاد الكرة والمتنفذين والموظفين أيضاً، لذلك كان السؤال: من يدير كرة القدم في هذا الغياب الطويل؟ ومن يحاسب اللجنة المؤقتة على حصيلة المشاركات والنتائج؟
ونسأل أيضاً: إذا كان هؤلاء مسافرين فمن الذي قرر ضغط دوري شباب الممتاز ومن الذي قرر ضغط الدوري الممتاز وتاريخ استئنافه؟.
غير منطقي
القرار الذي اتخذته اللجنة المؤقتة بتكثيف الدوري الممتاز رجالاً وشباباً يعتبر بالعرف العام قراراً غير منطقياً لأسباب عديدة، أولها أن كل أنديتنا بلا استثناء غير معتادة على الضغط وهذا يسهم بتراجع المستوى الفني ويلحق باللاعبين إصابات بدنية بفعل الجهد والإرهاق وعدم جاهزية الملاعب، وعملياً فإن الراحة السلبية التي فرضت على الأندية تستوجب الدخول بالدوري بحذر وتأني وراحة، وثانيها عدم جاهزية الملاعب في كل المحافظات، ومع توقف ملاعب الباسل باللاذقية والبعث بجبلة والفيحاء بدمشق للصيانة فإن الضغط على بقية الملاعب سيربك مسيرة الدوري وفرقها وسيخرب ما بقي صالحاً من هذه الملاعب، وعملية نقل مباريات تشرين وحطين وجبلة إلى ملعب المدينة الرياضية مضرّ جداً للأندية هذه التي ستخسر الحضور الجماهيري المكثف في مبارياتها وبذلك ستفقد دعماً معنوياً كبيراً، وبالتالي ستفقد ريوعاً مالية مهمة وستتكبد نفقات إضافية وخصوصاً جبلة الذي سيلعب بعيداً عن مقره مسافة أكثر من أربعين كيلو متراً، وثالثها أن لا شيء خارجياً ينتظر منتخباتنا بعد أن خرجت من كل البطولات صفر اليدين، ومن يراهن على ما تبقى لمنتخبنا الأول من مباريات في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم فرهانه ضعيف جداً، ومن الظلم أن نرهق الدوري وفرقه على حساب المشاركات الخارجية التي لم نجن منها إلا الخيبة والخسارات.
ومما لا شك فيه أن وجود هذه الزحمة من المباريات تفترض وجود كوادر إدارية وتحكيمية كثيرة قادرة على أداء مهامها بخبرة وتفوق ونجاح، وفي حساب بسيط فإن مباريات الدرجة الأولى أسبوعياً 12 مباراة ومثلهم للشباب والدرجة الممتازة 7 مباريات ومثلهم للشباب ونحتاج إلى نصف هذا العدد من المباريات عند الضغط، فيصبح لدينا 45 مباراة أسبوعياً عدا دوري الفئات وباقي الدرجات ودوري السيدات، وهذا يفترض وجود مئتي حكم جاهز ومئة مراقب إداري وتحكيمي، فهل نملك هذا العدد من الحكام والمراقبين الذين يتمتعون بالخبرة الكاملة والقادرين على إيصال المباريات إلى شط الأمان؟ أم أننا سنرهق المتميزين بقيادة المباريات؟ .
الأندية بطبيعة الحال لم يرق لها هذا الحال وعلى ما يبدو أن الاضطرار يجعلها توافق مكرهة حتى لا تدخل في مغبة مخالفة القانون والتعرض للعقوبات، والأخبار الواردة من العديد من الأندية أن أوضاعها صعبة على كل الصعد، فالوحدة بلا مدرب والمال غير متوفر، ولاعبو عفرين توقفوا عن التمرين أكثر من مرة، وغيرهم من اللاعبين يمارسون ضغطاً على بقية الأندية التي تعاني اوضاعاً مالية صعبة، أمام هذا الواقع الصعب والمؤلم حقاً كان المفترض باللجنة الكروية أن تتمهل وأن تراعي مصلحة الأندية وأن ترفق بأوضاعها.
المربع الأول
الأخبار الواردة من مقر اتحاد كرة القدم تفيد أن ضغط الدوري الممتاز جاء بناء على رغبة المدرب تيتا من أجل متابعة اللاعبين وأدائهم بالدوري، وهذا يعود بنا إلى المربع الأول!، فقبل أن نخوض في هذا الطلب الغريب الذي على ما يبدو أنه عادة سنّها لنا المعلول، فإننا نسأل من وافق على رغبة تيتا: لو كان الدوري طبيعياً دون ضغط ألا يستطيع المدرب متابعة اللاعبين؟، ولا ندري ما الغاية من ذلك، ولم نسمع مسبقاً بأن مدرب المنتخب في أي اتحاد يتدخل بروزنامة النشاط ويضعها وفق هواه.
المعلول سابقا فرض على اتحاد كرة القدم المستقيل برنامج الدوري وكان يعيش في برجه العاجي بتونس والإمارات دون أن يكون لذلك أي جدوى، والمحروس فرض على الاتحاد الشيء نفسه بسبب قرب التصفيات وضغط المباريات، أما تيتا فما عذره؟.
بعد كل هذه التجارب منذ أن كان فجر إبراهيم مدرباً للمنتخب وضحت لنا صورة اللاعبين المؤهلين لتمثيل المنتخب، وخصوصاً زمن المحروس الذي جرب أكثر من خمسين لاعباً في معسكرات داخلية وخارجية كثيرة، فمنتخبنا لا يجب أن يكون حقل تجارب للمدربين الجدد فكل مدرب يريد البناء من جديد من نقطة الصفر لأن ذلك مضيعة للوقت وضحك على الذقون.
فمن المفترض أن يتم تأسيس منتخب محلي من نخبة اللاعبين المحليين لا يتجاوز عددهم الثلاثين لاعباً ويتم تدريبهم أسبوعياً عبر معسكرات داخلية دائمة، بحيث تقام مباريات الدوري يوم الجمعة والمعسكر من الأحد حتى صباح الخميس، وهذا ما كانت الاتحادات الكروية القديمة تفعله.
كما أن المنتخب الأولمبي جاهز واللاعبون المحليون بالمنتخب الأول جاهزون ولم يبق إلا المزيد من التمارين لمعرفة الأفضل من هؤلاء ليكونوا قوام المنتخب الوطني المحلي وهؤلاء اللاعبين باتوا معروفين لكل الناس والمتابعين والجمهور، ويمكن إضافة إليهم اللاعبين المحترفين في الخارج حسب الحاجة عند المباريات الودية أو الرسمية.
والمفترض أن نصل إلى قناعة أن روزنامة النشاط المحلي مقدسة ولا يمكن المساس بها ولا بد من العمل وفق روزنامة الفيفا بما يخص استعداد المنتخبات الوطنية ومشاركاتهم الخارجية.
التخطيط المفقود
ما تكلمنا عنه يؤكد بأن كرتنا تفتقد للتخطيط والمنهجية وكل الأعمال تسير بشكل عشوائي وارتجالي، ومنذ أن أصدرت اللجنة المؤقتة بيانها الأول منتصف تشرين الأول الماضي لم نجد أي شيء منه مطبقاً على أرض الواقع، وهذا يؤكد أننا ماهرون بالتصريحات والتنظير وفاشلون بالعمل، والغريب أن اللجنة نفسها اتهمت اتحاد كرة القدم بالفشل والتقصير وهدر المال بلا طائل وعزفت الكثير على هذا الوتر، لكن للأسف وجدنا أنها تسير على التيار نفسه وكأن سيرة الاتحاد السابق قد أعجبتها.
أمين السر الذي تصدى في البداية للعمل وتحدث كثيراً عن مساوئ الاتحاد السابق وجدناه أكثر الأعضاء هرولة للسفر والسياحة الداخلية والخارجية، وعلى اعتباره خبيراً بالقوانين والأنظمة الكروية الداخلية والخارجية فلم نجد أي تصحيح للأعمال والممارسات الخاطئة للاتحاد المستقيل، فالمليارات المفقودة التي تحتاج إلى تحصيل من هنا وهناك لم نعد نسمع عنها شيئاً، واللوائح التي تحتاج إلى تعديل لم نجد اللجان قد بدأت العمل بها بل لم نسمع أن هناك لجاناً قد شكلت بالأصل، والاتهامات التي طالت الاتحاد السابق ذهبت أدراج الرياح فلم نسمع أن لجان التفتيش قد دخلت الاتحاد لتبحث عن المخالفات وسوء الإدارة والهدر المالي، فإما أن تكون هذه الاتهامات محض افتراء، أو إن أحداً لا يقوى على محاسبة الاتحاد السابق!.
وإذا تجاوزنا كل هذه المسائل كلها فالمفترض أن تعيد اللجنة ترتيب أوراق اللعبة من جديد وأن تهيئ للانتخابات بأسرع وقت، لأن قناعتنا أن الموسم الحالي مرّ وسيمر بسوئه ومطباته، فلم نفلح بالمشاركات الخارجية ولن نفلح بالنشاط المحلي، والمفترض أن نرى اتحاداً جديداً بوقت مبكر لكي يصوغ كرة القدم من جديد حتى لا يبدأ الموسم الجديد من حيث انتهى إليه السابقون، واتحاد كرة القدم يجب أن يعطى الوقت الكافي لترتيب أوراقه قبل انطلاق الموسم الجديد الذي سيبدأ بعد أشهر قليلة، فنحن نضيع الآن الوقت هباء بين اتحاد راحل ولجنة قادمة، وكرة القدم إذا لم تعرف الاستقرار لن تعرف طريق البناء والتطور.
الموسم الحزين
لا نظن أن موسماً أسوأ من هذا الموسم شهدته الكرة السورية، كونه موسم حزين، واللجنة المؤقتة تتحمل الجزء الكبير من سوئه ولا أظن أنها قادرة على تصحيح أي عمل وعلى ما يبدو أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولكننا نأمل منها أن توقف عجلة التدهور على الأقل بقرارات تنقذ ما يمكن إنقاذه من هذا الموسم الكروي الباهت، قد لا يكون توقيف النشاط الكروي أمراً يصب في الطريق الصحيح وفي مصلحة أنديتنا الكروية التي دفعت العير والنفير من أجل النشاط الكروي المحلي الذي عبث به الجاهلون والمنتفعون، لكن العمل على توازن النشاط حتماً سيكون بداية الحل وخطوة على الطريق الصحيح.
الأجواء الكروية العامة اليوم تفرض على اللجنة المؤقتة العمل على متابعة النشاط المحلي بروية وهدوء وهو المطلب الرئيسي للدوري ولكل النشاطات الأخرى، ونأمل أن تجد اللجنة الناصحون المخلصون لتسير عجلة النشاط بشكل منطقي وعقلاني بعيد عن التسرع والعشوائية واللامبالاة.