مجلة البعث الأسبوعية

وسط الحالة المتردية التي تعيشها كرة السلة… تجهيز صالة الفيحاء يفتح باب التساؤلات والأجوبة معلقة!

البعث الأسبوعية- عماد درويش

لا يستطيع أحد أن ينكر أن لكرة السلة جمالية وثقافة تميزها عن الكثير من الألعاب الأخرى، وهذا جعلها مصدر اهتمام كبير من قبل الشارع الرياضي ، الذي لطالما تغنى بها وبالأساطير من اللاعبين الذين تعاقبوا عليها خلال السبعة عقود الماضية وحققوا خلالها الكثير من الإنجازات العربية والدولية، لكن بريق اللعبة خلال العشر سنوات الماضية خبا ،وباتت لقمة سائغة أمام فرق ومنتخبات كنا من أوائل الدول التي أدخلت عليها اللعبة، ليتبادر إلى عشاق اللعبة السؤال: كيف ومتى ستعود سلتنا إلى زمنها الجميل والأصيل؟، وأين تكمن المشكلة فهل هي في الاتحادات المتعاقبة التي تعمل على قيادة اللعبة وإدارتها؟ أم في الأندية التي تعتبر الخلية الأساسية التي ينطلق منها البناء؟ أم في الجوانب الأخرى من دعم وإمكانات وقوانين؟.

خزائن فارغة

بداية لابد من توضيح أن الأندية المحترفة مجتمعة ترزح تحت الديون التي تصل إلى ملايين الليرات، ولا شيء يسندها فالإيرادات الفقيرة التي تصل خزينتها المالية، والتي لا تغطي فاتورة مصاريفها الكثيرة والمتعددة، بعدما اقتربت قيمة تعاقدات الأندية الجماهيرية لفريق إلى حدود مبالغ فلكية دون وجود مصادر للدخل وليدة الاستثمارات الحقيقية.

الأندية تعاملت مع الديون من خلال ترحيلها من موسم إلى آخر، حتى تفاقمت طمعاً في الإنجازات السلوية، الأمر الذي زاد من النفقات، وهو أمر قابلته إيرادات ومصادر دخل ضعيفة، سيما في وجود ألعاب أخرى ترعاها الأندية، وفي ظل عدم وجود سياسة مالية متوازنة بين المصاريف والإيرادات، ولا تروي الأموال القليلة التي تحصل عليها الأندية، من صفقات بدل انتقال اللاعبين والتي انخفضت للنصف هذا الموسم بسبب تداعيات جائحة كورونا، كما أن اتحاد كرة السلة لم يقم بدعم الأندية ماليا كذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الرياضي العام فحتى اللحظة لم يمنح الأندية التي أحرزت ألقاب الموسم الماضي المكافأة المالية المخصص لها، وحتى لو منح تلك الأندية أو غيرها فهو لا يكفي لسداد جزء بسيط من مصاريفها، خصوصاً رواتب المدربين واللاعبين لأشهر معدودة لتبكي أندية المحترفين سوء أحوالها المالية.‏

عدم التزام

 

الأمر الثاني يتمثل بمسألة التعاقدات ما بين الأندية واللاعبين، حيث لم تقدم سقوف التعاقدات المالية التي حددها اتحاد اللعبة لأندية المحترفين في الموسم الحالي الشيء الكثير، لنجد أن الأندية التي اعتمدت على نتاجها من اللاعبين، والتزمت بالسقف المالي المحدد، تعاني من تهديد الديون الثقيلة، كما أنها مهددة أيضاً بعقوبات من الاتحاد نفسه الذي ضغط على الأندية وقرر سحب مبالغ مالية منها بحجج واهية ومنها على سبيل المثال أخذ 50% من قيمة عقود اللاعبين واللاعبات، ودفع 10آلاف ليرة عن كل بطاقة لمدرب أو إداري أو مساعد مدرب أو معالج وهذا أيضا شكل عبئا ثقيلاً على الأندية خاصة الفقيرة مالياً، وكان الأجدى على الاتحاد وضع نظام خاص يكون عادلاً لكافة الأندية، وأن يتم ترتيب الأمور قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه للأندية واللعبة في المواسم المقبلة.

كما أن الحلول التي تنفذها الأندية لرفد خزينتها المالية، هي حلول واهنة، ذلك لأنها لا تكفي لسداد فاتورتها المالية الشهرية، مع وجوب تقدير وقفة وانتماء جماهير الأندية التي تهب في حملات دعم جماهيرية، تتشارك فيها ورجال الأعمال لرفد خزينة ناديهم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.‏

معادلة قوية

أما بالنسبة لانتقالات اللاعبين بين الأندية فلها دور في زيادة الحماس والإثارة ونقل موازين القوى بين الأندية، ولكن المشكلة أن اللاعبين هم أنفسهم الذين تقوم عليهم كرة السلة السورية في السنوات العشر الأخيرة، وبالتالي فالمسألة بحاجة لما هو جديد، وهذا يطرح سؤال أين اللاعبون الشبان الجدد الذين يحدثون ذلك التغيير والانتعاش في صفوف الفرق والمباريات؟

والمعادلة تقول أن العلاقة بين الدوري والمنتخب كانت وستبقى قوية، فعندما يقال أن الدوري القوي ينتج منتخب قوي، ولكن على أرض الواقع يطرح :هل دورينا قوي للدرجة التي يمكن أن ينتج عنه منتخب قوي دولياً؟

فدوري المحترفين في المواسم الأخيرة نجد أنه دون الطموح، ولا يتجاوز درجة الوسط، وما شاهدناه من جماهيرية وجمالية على المدرجات وتقلبات في المباريات عبارة عن إثارة وحماس، لكنه في الواقع لم يرتق للمستوى المأمول، وكان الأمل بأن تسهم هذه الأجواء في رفع المستوى والنهوض به وتطويره، حتى مسابقة السوبر التي أطلقها اتحاد السلة لم تنتج ثمارها والدليل أن اللاعبين الذين شاركوا مع أنديتهم وبرزوا بشكل لافت منهم لم يتم استدعاءه للمنتخب ومنهم من تم الاستغناء عنه ، مثل عبد الوهاب الحموي وشريف العش وغيرهم من اللاعبين، لأسباب شخصية من قبل البعض من الجهاز الفني للمنتخب .

منتخب هزيل

بالعودة  لمنتخبنا الوطني للرجال فدارت حوله جدلية واسعة خلال مباراتيه الأخيرتين مع كازاخستان بتصفيات كأس العالم سواء باللاعب المجنس الذي شارك مع المنتخب أم باللاعبين من أصول سورية أو استبعاد الأفضل على الساحة السلوية، وحتى في طريقة تحضير المنتخب الذي كلف الملايين من الليرات السورية وبالعملة الصعبة، ورغم كل ذلك فإن المنتخب لم يقنع وتلقى خسارتين مؤلمتين، وهذا ما دعا اتحاد السلة لحل الجهازين الفني والإداري للمنتخب، كل تلك المصاريف لم تنفع سلتنا من التقدم على اللائحة الدولية التي يصدرها (الفيبا) بل تراجع ترتيبنا ثلاث مراتب وهو ما جعل الاتحاد الدولي يصنف منتخبنا بالمستوى الرابع لقرعة بدولة آسيا التي تأهل لها منتخبنا، وهذا يؤكد أن العمل والمنهجية التي يتبعها الاتحاد غير صحيحة، وما يقل عن منتخب الرجال ينطبق إلى حد كبير على منتخب السيدات فالعقلية التي تحدثنا عنها هي التي أبعدت مدرب المنتخب عن قيادة الفريق، كذلك بالنسبة لموضوع اللاعبة المجنسة التي كانت عالة على الفريق، ولم نحقق سوى فوزين مقابل ثلاث خسارات مع دول كانت تحلم باللعب مع سلتنا، وكوادر السلة السورية من الرعيل الأول هي التي أسست في تلك الدول اللعبة فيها.

مع وقف التنفيذ

المشكلة الأكبر في عمل اتحاد السلة يتعلق في صالة الفيحاء التي خضعت للمرة الثانية للصيانة وكلفت مبالغ مالية تجاوزت النصف مليار ليرة سورية، وكل ذلك لم يشفع لها باستضافة لائقة على الصعيد الدولي، حيث أبدت اللجنة التابعة للاتحاد الدولي امتعاضها لبعض الأمور التي أثرت على سير المباراة أمام كازاخستان ومنها اللوحة الالكترونية، وهل الصحيح أن يتم تشغيل اللوحات الإلكترونية ببرنامج”free ” وهو مسروق تم تحميل النسخة المجانية منه من الإنترنت بدون دفع سعره البالغ 379 دولار لنحصل على ميزاته كاملة؟ وإذا  كان البرنامج يحتاج دفع سعره، لماذا تم تحويل مبلغ يتجاوز الـ200 ألف دولار لصالح الشركة الصينية المصنعة للتجهيزات؟ وأين ذهبت تلك الأموال ؟ لنفاجئ جميعاً أن الشاشات لا تعمل على أرض الواقع، ولماذا لم يخرج أحد المسؤولين ليقول أن كلفة تجهيز صالتي الفيحاء والحمدانية 700 ألف دولار؟ وهي في الحقيقة تقل عن هذا الرقم ب 500 ألف دولار، وهل كان هناك تجهيزات أفضل وبسعر أرخص؟

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يقبل مسؤولو مكتب المنشآت في الإتحاد الرياضي العام بالتجهيزات المنافسة من ذات الشركة التي نظمت كأس العالم الماضية وسعرها قدره 193 ألف دولار ؟ أي أرخص ب 10 آلاف دولار ؟

ففي حالات شراء التجهيزات الإلكترونية تجبر الشركة المصنعة على تقديم البرنامج المشغلة مع التجهيزات، وهذا الأمر يطبق على شاشات النتائج الرياضية، لكن يبدو أن الاتحاد الرياضي العام الذي تعود ملكية صالتي الفيحاء والحمدانية له، لا أحد من كوادره يعرف هذه المعلومة.