أولويات التعافي للحفاظ على الاقتصاد السليم الصرامة والإلزام بتطبيق الاشتراطات البيئية وغرف عمليات لتحليل البيانات
البعث الأسبوعية– علي قاسم
خلال سنوات الحرب العشر أصبحت البيئة العامة السورية في حال خطيرة جداُ، فكل ما حولنا يشكل دليل إثبات على حجم وهول الأذى من التلوث بكل مسبباته ومفاعيله الميدانية (استخدام الأسلحة) والاقتصادية والإنتاجية (كتلك التي تسببت من عمليات تكرير النفط العشوائي في المناطق خارج سيطرة الدولة)، في وقت تفشي سوء إدارة النفايات والمياه، وارتفاع معدلات الحرائق.
كل ذلك زاد من التحديات البيئية التي تترتب عليها أضرار صحية واجتماعية واقتصادية فادحة، بما في ذلك تلوث الهواء، والانبعاثات، واجتثاث الغابات، وتآكل التربة وانحسار الغطاء النباتي، لترتفع التكاليف الباهظة لهذا الضرر البيئي، ما دفع المراقبين للتحذير من أنه سيتعين التنافس مع مجموعة من أولويات التعافي الأخرى في سورية لكسب الاهتمام الدولي، مع الحاجة الماسة إلى المزيد من الوعي، لما سيعنيه التدمير البيئي الآن وللأجيال القادمة.
مراقبة الحالة
ولأن الملف كله في عهدة وزارة الإدارة المحلية والبيئة مع أدوار خجولة لجمعيات أهلية محدودة الحضور، فإن التعويل كبير على ما تقوم به مديريات البيئة من حيث الدور المطلوب منها وفقاً لمهامها المنصوص عليها في قانون البيئة رقم 12 لعام 2012 والمرسوم 239 لعام 2020 ، ومع ذلك فإن وزارة الإدارة المحلية والبيئة هي الجهة المختصة في جميع الأمور المتعلقة بتنفيذ التعليمات والتنسيق مع الوزارات والمؤسسات والبيئات المعنية وتراقب مديريات شؤون البيئة في المحافظات وتشرف على تنفيذ التعليمات ضمن حدودها الإدارية وفي حال تجاوز تنفيذ التعليمات الحدود الإدارية لأكثر من محافظة تقوم مديريات شؤون البيئة في المحافظات بالتنسيق فيما بينها بإشراف الهيئة العامة لشؤون البيئة، ويتم التعاون بين الجهات العامة المركزية والمحلية للقيام بإجراءات التقويم في التعليمات وبيان مدى ملائمتها مع الإجراءات التي تطرحها القوانين التي يخضع لها المشروع، حيث ثمة استراتيجيات وخطط وطنية لحماية الموارد الطبيعية ومراقبة حالتها والتلوث والتعديات عليها، وهنا تقوم الوزارة وفق معاون الوزير المهندس حسن جنيدان ومن خلال الخطط السنوية والاستثمارية منها على تنفيذ المشاريع البيئية وإعداد الأدلة البيئية اللازمة.
ويهدف القانون 12 للعام 2012 – كما يؤكد جنيدان – إلى ضمان وجود نظام بيئة سليمة وأخرى سليمة بكل مكوناتها (الماء والتربة والهواء والتنوع الحيوي ) وإلى مراقبة عناصر البيئة بشكل مستمر من خلال مؤشرات بيئية خاصة بكل منها، ولهذا تم وضع اشتراطات خاصة بإنشاء المحميات الطبيعية – واشتراطات خاصة بتقييم الأثر البيئي وأخرى تتعلق بالاستيراد والتصدير للمواد والكائنات الحية النباتية والحيوانية.
مراقبة الغابات
ويناط بمديريات البيئة إعلان المحميات الطبيعية بمختلف أنواعها وإجراء التفتيش البيئي الدوري ( الربعي ) على المحميات وإعداد خطط الإدارة الخاصة بها، والمشاركة في وضع خطط الطوارئ لحماية المحميات من خطر الحرائق وإعداد خطط تأهيل للمواقع المخترقة، وإصدار تقرير سنوي عن الغابات والمحميات، وإعداد الدراسات اللازمة لمنع إدخال أنواع جديدة إلى النظام البيئي وتنمية الوعي البيئي العام وإعداد برامج التوعية البيئي حول الغابات والمحميات الحراجية.
ويضيف معاون الوزير أن مديرية التنوع الحيوي في الوزارة تقوم بالتعاون مع مديرية الحراج في وزارة الزارعة ومديريات البيئة في المحافظات بمراقبة حالة الغابات ومتابعة وضع المحميات الطبيعية والرعوية في سورية بشكل مستمر لمنع حدوث التعديات عليها ووضع إجراءات لإعادة تأهيل المتضرر منها وزيادة مساحات الغابات، وفي هذا الاطار تم تشكيل لجنة فنية بعضوية الوزارة مهمتها إعداد خارطة الأساس ( طرق – خطوط النار – البنى التحتية – آبار – مراكز إطفاء – أبراج مراقبة – مخافر حراجية ) وتحديد مساحة وحدود المواقع الحراجية المحروقة ومراقبة التغيرات الطارئة على حدود الغابات والغطاء النباتي، ومن خلال هذه اللجنة انبثقت المنصة الوطنية لحرائق الغابات التي تعمل على إعداد تقارير الإنذار المبكر للمواقع المعرضة للحرائق بمعدل كل 15 يوم مرة، تبين من خلالها حالة المواقع الحراجية وقابليتها للتأثر بالحرائق.
موافقات
ولأن للأنشطة التجارية المتعلقة بالاستيراد والتصدير منعكساتها الخطيرة في حال تركت بدون رقابة بيئية، فقد بلغ عدد الموافقات البيئية الخاصة باستيراد وتصدير الكائنات الحية لعام 2020 / 116/ موافقة، في حين بلغ 92 موافقة في العام الحالي، حيث ينظم موضوع منح الموافقات البيئية وجود قرارات وأدلة بيئية تبين الممنوع منها والمسموح داخلياً وخارجياً، فتقوم المديريات – كما يقول جنيدان – وفقاً للقوائم السنوية الصادرة عن الوزارة بناءً على الدراسات الميدانية من جهة وعلى قوائم الاتفاقيات البيئية الدولية المنضمة إليها سورية من جهة أخرى بالتحفظ أو رفض طلبات الاستيراد والتصدير، وبالنسبة للكائنات الحية يتم تخفيض الأعداد المطلوبة وفقا للطاقة الاستيعابية للمزرعة في حال الاستيراد ولإنتاج المزرعة في حال التصدير.
بشكل مناسب
وحول ما تقوم به مديريات البيئة في الوزارة ومديرياتها بالمحافظات من دور مناط بها من ناحية تأمين المناخ بيئياً واستثمارياً أكد الدكتور أحمد نعمان مدير البحوث البيئية أن مديريات البيئة في المحافظات تعمل وفق المهام الموكلة لها استنادا لأحكام قانون البيئة رقم 12 لعام 2012 وقانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 والتعليمات التنفيذية لتقييم الأثر البيئي المنبثقة عن قانون البيئة، والتي تهدف إلى توضيح القواعد الأساسية لسلامة البيئة وحمايتها من التلوث البيئي، مما يحقق التأكد وقبل منح الموافقة لأي مشروع ذي آثار هامة محتملة على البيئة بسبب موقعه أو نشاطه أو طبيعته أو حجمه من أن الآثار قد تم تحديدها ووصفها وتقويمها بشكل مناسب وإلزام الجهات المعنية القيام بما يلزم لتعزيز التنمية المستدامة، وبالتالي الحفاظ على بيئة سليمة واقتصاد سليم، والأخذ بنتائج تقويم الأثر البيئي كخطوة إجرائية ضمن إجراءات الترخيص في مرحلة التخطيط المشروع وقبل البدء بإجراءات التنفيذ على أرض الواقع في جميع الحالات التي تقرر الجهة المعنية القبول بالمشروع، واطلاع المواطنين على المعلومات المتعلقة بالأثر البيئي للمشروع الذي يمكن أن تكون له آثار بيئية هامة وعلى إجراءات التعامل معها للتخفيف من آثارها.
ملاحق
ترى الوزارة أن في مضامين ملاحق التعليمات التنفيذية مجالات رحبة لتقييم الأثر البيئي ومنها الملحق رقم 1 الذي يتضمن قائمة المشاريع التي تتطلب تقييم الأثر البيئي، والملحق رقم 2 يتضمن معايير الغربلة والملحق رقم 3 يتضمن المتطلبات الواجب توفرها في خبراء تقييم الأثر البيئي والملحق رقم 4 يتضمن آلية وإجراءات مشاركة المجتمع المحلي والملحق رقم 5 يتضمن نموذج الشروط المرجعية لتقييم الأثر البيئي والنموذج رقم 6 يتضمن دليل إرشادات تقييم الأثر البيئي لمشاريع التنمية العمرانية.
ويضيف نعمان أنه تنطبق إجراءات تقييم الأثر البيئي على المشاريع المبينة في الملحق رقم /1/ ولوزير الإدارة المحلية والبيئة القيام بما يلي: إضافة مشاريع جديدة إلى المشاريع الواردة في الملحق رقم /1/ والتي يمكن أن يكون لها آثار هامة على البيئة من خلال طبيعتها أو حجمها أو موقعها واستبعاد المشاريع التي لا مبرر للتخوف من أية آثار هامة لها على البيئة.
كما ورد في المادة الرابعة من التعليمات التنفيذية لتقييم الأثر البيئي الإلزامي أنه يتم تقويم الأثر البيئي للمشاريع المبينة في الملحق رقم /1/ ذات الآثار البيئية السلبية الهامة أو استنادا لدراسة شاملة وفق المعايير الواردة في الملحق رقم /2/ الوزير الخبير المختص في الحالة التي يكون فيها موقع المشروع سبباً لتنفيذ إجراءات تقويم الأثر البيئي عليه تطبق نفس الإجراءات المطلوبة على المشاريع المدرجة بالملحق رقم /1/، علماً أن هناك إجراءات لتقويم الأثر البيئي مكونة من تحديد نطاق الدراسة “استشارة عامة وإعداد بيان الأثر البيئي والرقابة على التنفيذ والسرية وحماية البيانات والآثار البيئية الإقليمية ومجالات تطبيق هذه التعليمات وآلية تطبيق هذه التعليمات”.
اشتراطات بيئية
ويشدد مدير البحوث البيئية أن هناك العديد من الاشتراطات البيئية صدرت عن الوزارة ويتم العمل على التوجيه والإلزام بتطبيقها لمشاريع أو أنشطة بشرية مقامة أو ستقام من دليل دراسة تقييم الأثر البيئي لمطامر النفايات الصلبة ودليل الاشتراطات البيئية للصناعات ودليل تقييم الأثر البيئي لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي ودليل المقالع ودليل إرشادات تقييم الأثر البيئي لمشاريع التنمية العمرانية، مشيراً إلى وجود العديد من الأدلة قيد الإنجاز مثل دليل تقييم الأثر البيئي للمدن الصناعية ومعاصر الزيتون، وغرف عمليات في مديريات البيئة في المحافظات التي تعمل كمنظومة بيئية متكاملة في استقراء الواقع البيئي من خلال بنك المعلومات الذي يضم قواعد بيانات تشمل كافة الأوساط البيئية وينتج المرصد البيئي تقارير عن حالة الجفاف السنوية والدورية والشهرية.