تعليمات لم تنفّذ ومطالب مشكوك بالتجاوب معها.. “كباش” عقيم بين وزارة التجارة ومربيّ الدواجن!
دمشق- ريم ربيع
على رفات موائد خاوية من كل أصناف اللحوم، لا يزال الصدّ والردّ مستمراً بين مربي الدواجن ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حول التسعير وآلياته، فاجتماعات المصالحة وتبويس الشوارب لم تفلح على ما يبدو في الوصول إلى تسعيرة واحدة تضمن حق المنتج والمربي، وترضي المستهلك، وتنسجم مع الوزارة، إذ شهد اليوم التالي لاجتماع وزارة التجارة ومربي الدواجن تسجيل أسعار تزيد عما صدر في النشرة الرسمية بمقدار 3 – 4 آلاف ليرة في العديد من المحال!
تحذيرات في مهب الريح
الارتفاع التدريجي في أسعار الفروج مستمر منذ شهرين تقريباً، غير أنه جاء بعد أشهر من تحذيرات المربين والخبراء بأن العزوف عن العمل وغلاء الأعلاف وقلّتها وصعوبة تأمين المحروقات ستضعف الإنتاج وتزيد الأسعار، ومع ذلك لم تجد أي من تلك التحذيرات طريقاً إلى المعنيين الذين باتوا محكومين على ما يبدو بردود الأفعال والنتائج، لا باستباق المشكلة ومعالجتها، فالأسعار في تزايد يومي، وتأخر الجهات المعنية في الاستجابة جعل الحلّ الوحيد لديها يتمثل ببيع الوهم عبر نشرات سعرية لم يطبقها أحد لانفصالها عن واقع المربين واحتياجاتهم.
تناقض نفسها!
بعد الاجتماع الذي عُقد في وزارة التجارة الداخلية، نشر وزير التجارة الداخلية على صفحته الشخصية وكذلك على صفحة الوزارة الرسمية على “فيسبوك” أنه تمّ تخفيض سعر الفروج البلدي المذبوح والمنظّف من 10 إلى 9 آلاف ليرة للفروج وليس للكيلو! وهو أمر استغربه واستنكره المتابعون نظراً لأن الكيلوغرام الواحد يتجاوز سعره 10 آلاف ليرة، ثم جاءت تسعيرة تموين دمشق وغيرها من المحافظات مخالفةً بدورها كلام الوزير، حيث حدّدت النشرة ثمن الكيلو غرام الواحد من الفروج المذبوح والمنظف بـ 9 آلاف ليرة! ليتمّ لاحقاً تعديل البوست وحذف الجملة المتضمنة أن السعر يشير للفروج الكامل وليس للكيلوغرام!!
ليس بالعقوبة
تشدّد دوريات حماية المستهلك حملاتها في الآونة الأخيرة لملاحقة أسواق الهال والمسالخ ومحلات البيع لمتابعة أسعار الفروج وكبح ارتفاعها، غير أن المربين يؤكدون أن تخفيض الأسعار لا يتعلق بمخالفات أو تشديد، فالخسائر التي يتكبدها المربي يومياً لا بد أن تنعكس على السعر النهائي، أو سنشهد عزوف المزيد والمزيد من المربين عن العمل وتسجيل خسارات جديدة، حيث أوضح مربّون لـ “البعث” أن ما تقدّمه مؤسسة الأعلاف لا يتجاوز 30% من الحاجة الفعلية، فضلاً عن التكاليف الباهظة التي يتحمّلها المربي لشراء المحروقات للتدفئة من السوق السوداء، وغيرها من أدوية ولقاحات ومستلزمات لم تنصف الوزارة في دراستها.
ولدى محاولة التواصل مع رئيس لجنة مربي الدواجن نزار سعد الدين وبعد انتظار ساعات، اكتفى بالردّ حول التوافق على أسعار تأشيرية للفروج بعد الاجتماع وفق التالي: كيلو الفروج المذبوح للمستهلك 9 آلاف ليرة، وفي أرض المدجنة 7 آلاف ليرة، وكيلو الفروج الحي للمستهلك 7200 ليرة.
استعراض.. ووعد مؤذٍ!!
أما وعد وزير التجارة الداخلية عمرو سالم بتأمين الفحم النفطي (فحم الكوك وهو غير آمن بيئياً وصحياً حسب الخبراء..) في السوق لمربي الدواجن بسعر أرخص من سعر البيع، فقد لاقى استحساناً من المربين إن تمّ تنفيذه، غير أن مخاوف كثيرة لم يخفِها من التقيناهم خشيةَ أن يكون وعداً مؤقتاً لا يتجاوز الاستعراض الإعلامي الذي اعتاد عليه المنتجون، فتأمين الفحم إن تمّ لفترة وجيزة كـ “تسكيتة” فقط لن يفلح في أي تحسّن إن لم يستمر على المدى الطويل.
فروج مدعوم.. ولكن؟
على الجانب الآخر، وصف مواطنون تدخل السورية للتجارة وبيع الفروج بـ 7500 ليرة بـ “التدخل الهزيل”، حيث اقتصر توافر الفروج على صالات محدّدة وبكميات قليلة سبّبت الازدحام ونفاد الكميات بسرعة، والمحظوظون فقط من نجحوا بالحصول على “الفروج المدعوم”، كما أن هذا التدخل لم يفلح في كبح جماح ارتفاع الأسعار المستمر حتى الآن دون حلّ، فاستمرار التنافس بين طرفي المشكلة ومحاولة كل منهما ليّ ذراع الآخر بالضغط والإجبار، لم ينتج سوى المزيد من التراجع والحسرة للمواطن الذي أصبح “نباتياً” بالإكراه، وهذا له تبعاته وآثاره الصحية لناحية سوء التغذية، وما يستتبع ذلك من مشكلات نتيجة لفقدان العديد من المواد الداعمة لصحة المواطن، وهذا للأسف على ما يبدو لا يعيره أحد الاهتمام الذي يستحق، حيث المال والأسعار وصراع الكلف والتكاليف، يطغى على كل شيء!.