أشجار الميلاد سفراء النصر والسلام والأعياد
حلب- غالية خوجة
تتوهج أشجار الميلاد في كل شبر من وطننا الحبيب، ومنها مدينة حلب التي تحتفي خلال شهر كانون الأول بإضاءة الأشجار بالأمنيات والأحلام والنصر وحمامات السلام دون أن ننسى شهداءنا الأبرار وجرحى الوطن وما ستزهره أشجارهم من مستقبل للأجيال.
الشجرة ترمز للحياة وتجددها روحاً ووجوداً وقلوباً واحدة للسوريين الذين يجتمعون بأطيافهم المختلفة وهم يحدقون إلى لحظة واحدة تنبض بإعادة سورية إلى الأجمل.
وهذه الثقة تشتعل بالفرح والانتصار وإزهار المحبة المعبرة عن سعادتها طوال هذا الشهر، وبمجرد أن يرى أهالي حلب الشجرة الواقفة بشموخ، تراهم يقتربون منها ضاحكين مستبشرين ليتصوروا معها “سيلفي” أو صورة عادية مع عائلاتهم، وأصدقائهم، ثم يمضون في طريقهم ليحتفلوا في مطعم ما، كافيتريا ما، منزل ما من منازلهم، في الحديقة، على ضفاف نهر قويق الذي عادت لترفده مياه نهر الفرات.
الحلبية ورغم برودة الشتاء والأمطار المثلجة والطقس، ورغم الحصار والتواضع في ظروف العيش اليومي، يثقون بمقولة عيسى عليه السلام: “خبزنا كفاف يومنا”، ويثقون بأن صمودهم وانتصارهم الذي دحر الإرهاب، سيدحر الحصار الإرهابي بمختلف أشكاله وألوانه ومؤامراته، ولذلك تراهم يحتفلون في كل مكان من مدينتهم بالميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية القادمة.
شجرة النصر والسلام
وضمن هذا التقليد المحبّب، وضمن التزامن مع ذكرى انتصار حلب عام 2016، توهجت “شجرة النصر والسلام” في شارع الفيلات جانب كنيسة الكلدان أمام جامع التوحيد، الشجرة التي أضاءتها كل من جمعية الجيل الجديد الثقافية وجمعية كيليكا الثقافية الأرمنيتين.
وهذا الالتفاف حول الشجرة ورموزها المتعددة ليس إلاّ دلالة على التنوع الفسيفسائي من العيش الحضاري المشترك الذي يعكسه أيضاً حضور رجال الدين الأرمن والمسيحية والمسلمين مع أهل حلب ليضاء الزمان بالمحبة والإخاء والهوية الوطنية والأمن والأمان الذي أنجزه الجيش العربي السوري بتضافر مع أطياف المجتمع المختلفة، مؤكدين جميعاً على خيار قائد سورية وسيد الوطن سيادة الرئيس د. بشار الأسد: “إمّا النصر وإمّا النصر”.
أمسية ترنيمية
وهذه الأمنيات أكدت عليها احتفالات حلب ومنها الأمسية الترنيمية الميلادية التي أقامتها الكنيسة الإنجيلية العربية بالتعاون مع كنيسة الاتحاد المسيحي، والتي قال خلالها القس إبراهيم نصير على تشابك الاحتفالية والموسيقا والناس والخير والأمل الذي تصنعه يد الله والوطن والإنسان، لأنه ولا أحد من الممكن أن يسرق فرحتنا بإيماننا بوطننا ومحبتنا لبعضنا البعض ووحدة أرضنا السورية.
بدوره، لفت القس عبد الله الحمصي إلى ضرورة استمرارنا بقوتنا وصمودنا واتحادنا معاً، لنكمل انتصارنا على كل عتم وتحديات، لأنه بميلاد المسيح اخترقت أنوار السماء الأرض، ونحن جميعاً نتحد مع السماء لننير ونبني سورية.
نجمة بيت لحم
وضمن هذه الاحتفالات أقام كشاف النبي إلياس “بازار نجمة بيت لحم الخيري” في دورته السادسة التي شاركت فيها 60 سيدة منتجة من صاحبات المشاريع الصغيرة، اللواتي قدمن أعمالهن اليدوية المتناسبة مع الأعياد، ليؤكد هذا البازار انتصار المنتجات المحلية على الحرب، كونها تؤدي رسالتها في بثّ الفرح وتجديده وهي الرسالة التي أكد عليها المطران أفرام معلولي متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعها للروم الأرثوذكس.
شعلة الأمل
بينما أضاءت فرقة “كوميداس” بموسيقاها “شعلة الأمل” على مسرح الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية بالعزيزية، محتفية بالذكرى التسعين لتأسيسها، وبانتصار حلب، هادفة إلى مزيد من تحقيق الأمل وثقافة الأمل. وعن هذه الرسالة، أشار قائد الفرقة سركيس اسكانيان إلى هذه الموسيقا المتحدية لكافة الصعاب التي عصفت بحلب وأهلها، وإلى الإصرار على الانتصار ومتابعة موسيقاهُ لتظل شعلة الأمل مضاءة مثل أشجار الميلاد والسنة الجديدة.
بابا نويل السحري
وبرعاية القس د. هاروتيون سليميان رئيس طائفة الأرمن البروتستانت في سورية، احتفى مسرح “صونا” الغنائي للأطفال بإضاءة شجرة الميلاد وعرض مسرحي غنائي بعنوان “مصنع بابا نويل السحري” على مسرح دار التربية بالفيلات، بإشراف الفنان سمير كويفاتي، وركز العرض على أغلى هدية تبدأ من قلب الإنسان عندما يهدي السعادة للآخرين، ويتمسّك بالحياة والتفاؤل والعطاء والوطن وانتصاره، وهذا يعني حقيقة الميلاد الجديد الذي قدمه العرض الهادف بفنية ممتعة ومشوقة.
أشجار الشهداء تنتصر
وها هي حلب تظل تنتصر بعراقتها وقدودها وانتمائها وإخائها وسلامها وحياتها المتجدّدة المعتّقة مثل معالمها الأثرية المزدهرة بمستقبل صنعته أرواح الشهداء، ويردّده المحتفلون مع النشيد الوطني لتظل الأشجار متوهجة بمشهد إنساني راقٍ تبتسم فيه الألعاب النارية كما وجوه الأطفال والشباب والكبار والعائلات والحضور وأمنياتهم بمزيد من الحياة الحافلة بالنصر والسعادة والمحبة والسلام.