في تصحيح المسار التأميني.. تغطية العمليات الجراحية للمتقاعدين وفصل أي مقدم خدمة يطلب فارقاً نقدياً
دمشق- فاتن شنان
يبدو أن القضايا الإشكالية بين المؤمّن لهم صحياً في القطاع الإداري من جهة، وشركات التأمين ومقدمي الرعاية الطبية من جهة أخرى، لا تزال عثرة قائمة في مسار تطور ملف التأمين الصحي، وعلى الرغم من التقصير الواضح في أداء مقدمي الخدمات وتخلي الشركات عن تقديم خدماتها بالشكل الأمثل المنصوص عليه ضمن العقد التأميني، إلا أن ضعف الثقافة التأمينية واعتبار أن التأمين الصحي قيمة مالية يجب تحصيلها بأية طريقة إشكالية توازي حجم التقصير وتزيد الأمر تعقيداً، إذ تكثر الشكاوى والتذمر لدى المؤمن له من عدم تلبية احتياجاته الصحية، بينما يصرح العقد التأميني على تغطيات معينة وبرتوكولات علاجية محددة تنزع فتيل الغضب فيما لو قرأ بدقة أو تم شرحه من قبل المعنيين.
لا يعلمون..
ما دفعنا لهذه المقدمة ليس التخفيف من حجم التقصير أو عدم كفاية التغطيات التأمينية وما رافقها من تردي في الخدمة المقدمة، ولاسيما قبل تعديل قيم البوالص ولحظ التضخم الحاصل والفرق بين الأسعار الرائجة وما يقدمه التأمين الصحي، إنما مناقشات جرت في هيئة الإشراف على التأمين مع المعنيين بالتأمين الصحي في جهاتهم ومواقع عملهم كشفت غياب المعرفة وضحالة المعلومات المتعلقة بعملهم وهم يمثلون بوصلة الموظف لفهم ماله وما عليه في ملفه التأميني.
على سبيل المثال تساءل أحدهم عن رفض الشركات المقدمة للخدمة صرف وصفة طبية من قبل طبيب مختص تتضمن أكثر من علبة لنوع واحد من الأدوية، لتكون الإجابة بأن اشتمال الوصفة على هذا النمط تتحول لزمرة الأدوية المزمنة بحسب مدير عام شركة الخدمات المميزة الدكتور يوسف سلامة، وأن البرتوكول الطبي الصحيح يوافق كورس علاجي واحد لمدة أقصاها شهر، أما العلاج لفترة طويلة فيتطلب تقديم استمارة مزمنة لمسؤول التأمين في الجهة المعنية ليتم صرفها تباعاً من الصيدلية بموجب البطاقة التأمينية دون وصفة طبية أو زيارة طبيب، ويتم صرفها خلال الأيام العشرة الأولى من كل شهر، وبالتالي يبدو أن نقص المعلومات لدى المؤمن تؤثر على تقييمه للخدمة بينما حقيقة الأمر يحتاج لفهم عقد التأمين فقط، فمعظم المناقشات تمحورت حول التغطيات والخدمات المقدمة والتي تشكل صلب عملهم.
عدم التهاون
مدير عام هيئة الإشراف على التأمين الدكتور رافد محمد أكد أن الهيئة تكثف جهودها بإدارة ندوات ولقاءات توضيحية وتوعوية لكامل ملفات التأمين ولاسيما الصحي في مقر الوزارات والجهات الرسمية والجامعات العامة وفي مبنى الهيئة لشرح وتوضيح والإجابة على كافة الاستفسارات التي تتعلق بواجبات وحقوق الطرفين للوصول إلى مستوى خدمة أفضل تنعكس بشكل إيجابي على حياة كافة المؤمن لهم، لاسيما مع بداية العام القادم وشرح التغيرات الحاصلة في التغطيات المقدمة، إذ انخفضت قيمة التحمل للموظف حامل البطاقة الصحية لمعاينة الطبيب أو دخول المشافي وإجراء عمل جراحي من 10% إلى 0%، مشدداً على عدم تهاون المؤمن له بتقديم أي قيمة مالية لكلا الجهتين، وفي حال عدم تجاوب مقدم الخدمة يلجأ المؤمن له لتقديم شكوى لشركة إدارة النفقات أو التواصل مع الهيئة مباشرة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات رادعة.
الإسعاف مؤمن
وبيّن محمد أنه قد تم تخفيض نسبة التحمل في المخابر ودور الأشعة من 25% إلى 15%، وتم رفع الحدود المالية خارج المشفى إلى 200 ألف ليرة متضمنة الأدوية المزمنة، وارتفعت الإجراءات داخل المشفى من 650 ألف ليرة والمتضمنة 150 ألفاً للبدائل الصناعية إلى مليوني ليرة متضمنة 800 ألف ليرة للبدائل والشبكات، كما شدد على أن الحالات الإسعافية مؤمنة وفي حال حدوثها يتوجه الشخص إلى أي مشفى، وبعد ذلك تليها إجراءات التأمين، وفي حال التوجه لمشفى خارج مظلة التأمين يتم إعادة التسديد من قبل التأمين بموجب الفواتير الرسمية المدفوعة.
بدون محام..
وبما يخص صندوق تعويض أضرار الحوادث مجهولة المسبب، يحق لأي شخص تعرض لحادث سير من سيارة مجهولة، وتسببت بضرر جسدي بالغ بالتقدم لمقر الهيئة بالأوراق الثبوتية التي تثبت تعرضه للحادث مع نسبة العجز الحاصلة إن وجدت، أو تقدم ورثة مَن تعرض لحادث سيارة مجهولة وأدت لوفاته ليتم صرف تعويض مادي شريطة ألا يكون منضماً لشبكة التأمين الصحي، على أن تصرف التعويضات المعدلة لاحقاً خلال مدة زمنية لا تتجاوز شهر واحد بآلية تقديم سهلة لا تحتاج لمحام أو وكيل، ويذكر أنه تم رفع تعويض الوفاة والعجز الكلي ليصبح 2.5 مليون ليرة، والعجز الجزئي 2.5 مضروب بنسبة العجز الحاصلة، كما تصرف مليون ليرة للنفقات الطبية، ومبلغ 600 ألف ليرة للتعطل عن العمل بشكل شهري أو كتعويض للحمل المتكون.
المتقاعدون قريباً..
ومع قرب صدور مرسوم تشريعي لتأمين المتقاعدين، بيّن محمد أنه تم التركيز في مشروع القرار على تضمينه الحالات الأكثر إيلاماً وحاجةً لدى تلك الفئة، وسيتم تغطية العمليات الجراحية داخل المشافي كخطوة أولى كونها تشكل نسبة عالية من احتياجاتهم الصحية تليها لاحقاً تغطيات أخرى، لافتاً إلى أن مشروع القرار سيحمّل المتقاعد 10% فقط من القسط التأميني، أي ما يوازي 350 ليرة كمبلغ نقدي شهرياً بينما تتحمل الخزينة العامة للدولة ما يوازي 90% من القسط، وسيكون التأمين إلزامياً لكافة المتقاعدين من موظفي القطاع العام.