الجولان عربي سوري إلى الأبد
سنان حسن
لم تكن المسرحية التي قام بها رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت في الجولان العربي السوري المحتل، وعقده اجتماعا لحكومته هناك أمراً جديداً، بل يأتي ذلك في سياق سلسلة طويلة لا تتوقف من المحاولات الصهيونية منذ احتلال الجولان لتغيير الواقع الديموغرافي والاجتماعي فيه من جهة، وإظهار جدارته أمام الشارع الإسرائيلي والقول إنه قادر على حماية “مصالح الكيان التوسعي” حتى لو غاب نتنياهو عن الواجهة من جهة ثانية، ما يعني مرة أخرى أننا أمام تنافس “إسرائيلي” محموم لإظهار من هو أشدّ تطرّفاً من الآخر والأقدر على إشباع الرغبات الكبيرة لليمين الصهيوني المتشدّد، حيث تمثل المشاريع والطط الاستيطانية حلبة مفضلة للمنافسة والمزايدة والعربدة.
منذ الرابع عشر من كانون الأول 1981، وهو اليوم الذي أعلن فيه كيان الاحتلال ضمّ الجولان إلى كيانه الغاصب، وصولاً إلى إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 25 آذار 2019، سيادة “إسرائيل” على الجولان، يتصرّف كيان الاحتلال كأن أرض الجولان أرض صهيونية، متجاهلاً كل القرارات الأممية ذات الصلة “497 – 242” التي تؤكد سورية الجولان وعروبته، كما يحاول أن يفرض قوانينه العنصرية على أهلنا في الجولان من خلال محاولة فرض الهوية “الإسرائيلية” وزيادة عدد المستوطنين وتقديم الإغراءات لاستقطاب المزيد منهم للعيش هناك، ولعل في الخطة التي حاولت حكومة بينيت تسويقها من أرض الجولان دليلاً واضحاً على ذلك، طبعاً دون أن ننسى أن الاستيطان لم يتوقف أيضاً في المدن والبلدات الفلسطينية حيث لا يمرّ يوم دون الإعلان عن مشروع جديد يلتهم آلاف الدونمات لتوسيع الاستيطان.
في السياق نفسه لم تتوانَ الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن دعم كل الخيارات الصهيونية وتأييدها سواء في الجولان أم في فلسطين المحتلة وتقديم المساعدة تلو الأخرى سواء المادية والعسكرية أم من بوابة المواجهة الدبلوماسية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث استخدمت واشنطن حق النقض “فيتو” في أكثر من 50 قراراً يدين الكيان المحتل وإجراءاته العنصرية في المناطق العربية المحتلة، ولعل في قرار الرئيس ترامب دليلاً واضحاً على هذا الدعم، على الرغم من أن ترامب نفسه اعترف مؤخراً أن كل الدعم الذي قدّمه لإسرائيل من اعتراف و”صفقة القرن” لم يقم يهود أمريكا بردّ للجميل إزاءه.
واليوم ومع وصول إدارة الرئيس جو بايدن لم يتبدّل الأمر في موضوع الدعم لمتزعمي الكيان، وإن كانت الإدارة الديمقراطية حاولت تسويق بعض الأفكار سواء فيما يتعلق بالجولان أم الأراضي العربية المحتلة “افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس” مثال، ولكن حتى هذه الأفكار اصطدمت بلوبي صهيوني متشدّد دفع إدارة بايدن إلى التراجع عنها والمضيّ فيما تريده “إسرائيل”..
في المقابل، لم تتوقف سورية لحظة عن العمل على استعادة الجولان المحتل، حيث أكدت في كل مناسبة أن الجولان في قلب سورية ولا يمكن لأي قوة في العالم أن تغيّر الوضع القانوني له بأنه أرض عربية سورية، وبالتالي كل القرارات والفرمانات التي أصدرها كيان الاحتلال أو الدول الراعية لإرهابه وعربدته لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وهو عائد إلى حضن الوطن شاء من شاء وأبى من أبى، كما لم يتوقف أبناء الجولان المحتل يوماً عن مقارعة العدو ورفض كل قراراته العنصرية بحقهم، ولعل في الإضراب الشهير الذي نفذوه اعتراضاً على فرض الهوية الصهيونية ما يؤكد ذلك، واليوم ومع عقد حكومة الاحتلال اجتماعها على أرض الجولان ندّد أبناؤه بالعربدة الصهيونية، مؤكدين أنهم مستمرون في مقاومة المحتل الصهيوني حتى عودة الجولان كاملاً إلى سورية، وأن كل محاولات العدو الصهيوني شرعنة احتلاله باطلة ولاغية، فهو حق أبدي لا يسقط بالتقادم.