في ذروة الموسم خيبة تسويقية لمزارعي الحمضيات باللاذقية بعد تبخر الوعود
البعث الأسبوعية – مروان حويجة
تبخّرت كل الوعود التسويقية في موسم آخر جديد لمحصول الحمضيات ليكون المزارعون أمام خسارة كبيرة التهمت الثمار و التكاليف و الأعباء ليصبح الموسم الحالي – كما وصفه المنتجون و المزارعون – أسوأ موسم تسويقياً على مدى سنوات طويلة حيث دفعت الأسعار المتدنية عدداً كبيراً من المزارعين الى العزوف عن جني ثمار الحمضيات ليكون الصقيع لها في المرصاد مستبقاً عجلة التسويق المتعثرة .
مزارعون كثيرون آثروا عدم جني الثمار و عزا بعضهم هذا العزوف خلال سؤال ” مجلة البعث الأسبوعية ” لهم إلى تدنٍ غير مسبوق في الأسعار التي لاتغطي التكاليف ، بل إنها تلحق بهم الخسارة المؤكدة التي تثقلها و تفاقمها أجور الجني و النقل و ثمن العبوة و كومسيون التسويق ناهيك عن تعبهم و بالتالي بقاء الثمار على الشجرة أفضل من بيعها بخسارة أكبر . أحد المزارعين أوضح أن سعر الكيلو مطروح ب ٣٠٠ ليرة من البستان و هذا السعر لا يعادل تكلفة إنتاجه بكل ما يحتاجه من مستلزمات إنتاجية و خدمة زراعية و ري و جهد و غيرها من تكاليف تكّبدها على مدار العام ، و هذا لسان حال الكثير من المزارعين الذين خابت آمالهم فحصدوا خيبة تسويقية جديدة أكبر من سابقاتها لأن الارتفاعات المتلاحقة المضاعفة في أسعار مستلزمات الإنتاج و تكاليفه أثقلت كاهل المزارع و كبدته خسارة غير متوقعة في ظل انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوى .
و للوقوف على واقع تسويق الحمضيات كان ل ” البعث الأسبوعية ” جولة في سوق الهال بمدينة اللاذقية حيث ظهر بشكل جلي أن العرض أكبر بكثير من الطلب برغم قلة الكميات المعروضة قياساً على سنوات سابقة و لدى الاستيضاح من أصحاب المحال أوضحوا أن العملية التسويقية أيضاً لها حلقاتها و تكاليفها و حساباتها و هذه كلها تؤثر على سعر كيلو الحمضيات لأن التاجر يعمل ليربح كما المنتج و يتأثر أكثر من غيره بتكاليف الشحن و النقل و بمدى توفر منافذ تصديرية و تكاليفها و بجودة المنتج قابليته للتسويق و التصدير في حال توافرت منافذه و أشاروا إلى أن تكاليف السيارة الشاحنة باتت أضعافاً مضاعفة بعد ارتفاع سعر المازوت .
و في سوق الهال التقنيا رئيس لجنة السوق معين الجهني الذي وصف محصول الحمضيات هذا الموسم بأنه الأسوأ تسويقياٍ مبيناً أن الأسعار متدنية جداً و خاصة هذه الأيام مع إصابة المحصول بالصقيع و لاسيما الكرمنتينا حيث تباع من ٢٥٠ إلى ٤٠٠ ليرة و هذا سعر متدنّ جدا يضاف إلى ذلك إغلاق المعابر منذ أيام ما أدى إلى تراكم و كساد المحصول بمعدل ٤٠٠ إلى ٥٠٠ طن بشكل يومي . و قال الجهني : نحن حالياً في ذروة الموسم إنتاجياً و يقابله تراجع كبير في التسويق لأن التاجر يريد أن يحصل على هامش ربح عندما يسوّق الحمضيات و يأخذ في حساباته أجور الشحن ، و في نفس الوقت المزارع عندما يورّد محصوله إلى سوق الهال فإنه يدفع ثمن العبوة و أجرة النقل و عمولة التسويق و هذه كله تجعله خاسراً و بالتالي أصبح محصول الحمضيات أمام ركود تسويقي لعدم تحقق الجدوى التسويقية سواء للمزارع المنتج أم للتاجر المسوّق ، يضاف إلى ذلك أن تكلفة إنتاج الحمضيات السورية أصبحت أكبر بكثير من الحمضيات المصرية و التركية و الإيرانية في الأسواق العراقية فيصبح المصدّر السوري عاجزا عن المنافسة لأن الأسعار أكبر قياساً على المنتجات المعروضة في الأسواق الخارجية حيث تبلغ كلفة نقل البراد الواحد ١٨ مليون ليرة كإجرة نقل فقط غير قيمة البضاعة يدفعها المصدّر إضافة إلى الأجور الأخرى ما أدى إلى تراجع كبير في التسويق و دليل ذلك أن كثيرا من مراكز التوضيب و الفرز و التشميع لم تعد تعمل كما في المواسم السابقة لأن التسويق في تراجع واضح و بالتالي هناك تزايد كبير في فائض المحصول على حساب الطلب . و أوضح الجهني أنّه لو صدقت الوعود المتلاحقة منذ عام ١٩٩٢ حول إنشاء معمل العصائر لكان أكثر من ٣٠ % من المحصول قد تمّ تصنيعه عصيراً و بالأخص في فترة حدوث الصقيع كما حصل هذا الموسم ، و بيّن الجهني أن الخسارة التسويقية واضحة بحسابات بسيطة تبدأ من أجرة الجني للعامل في الواحد ١٠ آلاف ليرة و ثمن شريحة العبوة ١٢٠٠ ليرة و أجرة النقل من أقرب منطقة إلى سوق الهال ما بين ٣٠ إلى ٤٠ ألف ليرة أي أن تكلفة جني و تسويق الكيلو الواحد ٣٠٠ ليرة و هناك تأثر الإنتاج بظروف الجو و الري على حساب الجودة و النوعية و هذا أيضاً ينعكس سلباً على السعر ، و رأى الجهني أن معالجة الواقع التسويقي المتردي للحمضيات ممكنة إذا تم العمل بجدية على موضوع تصنيع العصائر و الإسراع بإنشاء معمل عصير الحمضيات و أيضا إلزام المعامل القائمة باستجرار كميات من المحصول و العمل على الحركة التصديرية .
و في فرع المؤسسة السورية للتجارة في اللاذقية سألنا مدير فرع المؤسسة المهندس سامي هليل مدير فرع المؤسسة عن خطة المؤسسة في مجال تسويق الحمضيات فأوضح أنه يتم تسويق الحمضيات عبر جميع صالات المؤسسة في اللاذقية و المحافظات بعد استجرار الكميات من مواقع الإنتاج و نقلها على متن سيارات المؤسسة و بهامش ربح ١% و بسعر يتراوح ما بين ٤٠٠ إلى ٨٠٠ ليرة حسب الجودة و النوعية و الصنف حيث تمّ لغاية تاريخه تسويق كمية ١٠٠٠ طن و من المخطط له أن تصل الكمية المسوّقة عبر صالات المؤسسة ما بين ٤ آلاف إلى ٥ آلاف طن و أشار هليل إلى أنه يتم صرف قيمة شراء المحصول بشكل سريع و مباشر بعد استلام المحصول .