دراساتصحيفة البعث

فاليري بيكريس منافسة ماكرون على الرئاسة

هيفاء علي

في سياق التحضيرات للسباق الرئاسي في فرنسا، استعرض ماكرون، الأسبوع الماضي، خلال مقابلة مع التلفزيون الفرنسي الأول، كل ما لديه لتلميع صورته وتنظيفها. وفي رأي شبه إجماعي للصحافة كان اللقاء جعجعة في الطحين أكثر من كونه عملاً للرئيس المنتهية ولايته. وإذا كان هدف ماكرون هو إعادة تعبئة البلاد بعد مؤتمر صحفي عُقد قبل ستة أيام، ولم يكن أي شخص مهتماً به، فقد فاته الوقت، وفقاً للصحافة التي قالت: “إن الثورات تلتهم أطفالها دائماً”. بمعنى لم يعد تسويق منتج ماكرون ناجحاً، لأنه بات منهكاً وفاقداً للمصداقية نتيجة سياسته الداخلية الفاشلة.

لذلك لا يبدو أن الاقتران الفلكي للنجوم الذي أوصل ماكرون إلى السلطة في عام 2017 منسجم جيداً هذا العام، وعليه تبدو فرص رؤيته مجدداً في الاليزيه ضئيلة جداً، بحسب المراقبين الفرنسيين. حتى إن توقيت اعتقال حارسه الشخصي” ألكسندر بينالا”، غريب حيث تمّ استجوابه بشأن إساءة الاستخدام لمنصبه في قصر الاليزيه.

وعليه ترى الصحافة المحلية أن المرشحة للانتخابات الرئاسية المقبلة، فاليري بيكريس، مرشحة حزب “الجمهوريون”، آخذة في الصعود بدعم من البرجوازية التقليدية، والطبقة المعولمة التي تفعل كل شيء لمنحها مكانة في المستقبل، كما تصبّ نتائج استطلاعات الرأي في مصلحتها، على عكس ماكرون الذي تحيط به الشائعات، حيث حصل على 24% فقط من الأصوات في أحدث استطلاع للرأي.

على كل حال هذه الضوضاء كلها تصبّ في خانة التكهنات، ومع ذلك هناك فرصة كبيرة لفوزها وتصبح في سدة الرئاسة، وستكون الرئيسة التي تريدها الطبقة الفرنسية المعولمة بعد فشل ماكرون الذريع. وبحسب التحليلات إذا تمّ القبول بالفرضية القائلة إن الطبقة المعولمة تريد ترسيخ فرنسا في التجارة الحرة وفي التعددية المسعورة للاتحاد الأوروبي، فإن المنافسة القوية بين ماكرون وبيكريس ستكون شرسة.

بكل الأحوال، أصيب ماكرون بخيبة أمل لأنه لم يعد قادراً على “إعادة تشكيل أوروبا”، ومقترحاته الأخيرة تشير إلى أنه لا يطمح إلا ليكون رئيساً للموظفين المدنيين، أي أن الفرنسيين بعيدون جداً عن الإصلاحات المنهجية التي لا تحظى بشعبية والتي ستكون ضرورية لإعادة فرنسا إلى مركز قيادة الدول الغربية، وربما يكون لدى بيكريس مشاعر أقل، حيث تُظهر السنوات القليلة الماضية أن الطبقة المعولمة لديها هاجس واحد يتلخّص في انتصار “السياديين القوميين الشعبويين”، على غرار ترامب، وعلى غرار نايغل فاراج، وحتى على غرار سيباستيان كورتس، في النمسا، الذين جميعهم يعيقون التوسع المستمر للتعددية.

وإذا صدقت هذه التوقعات، فإن ماكرون سيكون بمفرده ويفتقر إلى الحلفاء لمساعدته في تقديم نفسه، وأن كل شيء يدلّ على أنه لم يتبقَ سوى فاليري بيكريس في الميدان الذي تفصلها عنه خطوة واحدة فقط، بحسب المراقبين.