سورية تتعرّض لأسوأ موجة جفاف منذ سبعين عاماً
دمشق – بشير فرزان
تعرّضت سورية خلال السنوات الأخيرة إلى موجات جفاف متتالية، حيث تناقصت معدلات هطول الأمطار إلى حوالي النصف في معظم مناطق سورية خلال مواسم: 1990 – 1991، و1998 – 1999، و2007 – 2008، 2016 – 2017، 2020 – 2021، وانعكس ذلك على قطاعات الاقتصاد المختلفة، حسب ما أكدت المهندسة رويدة النهار مدير السلامة البيئية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة، والتي أشارت إلى أن ظاهرة الجفاف من التحديات الأساسية التي تؤثر على التنمية في سورية، ويمكن رؤية تأثير الجفاف في كل النشاطات، خاصة الزراعية والاقتصادية والاجتماعية بدرجات مختلفة، لافتة إلى أنه من الصفات الرئيسية للجفاف في سورية عدم إمكانية التنبؤ به بشكل مباشر.
وأشارت إلى أن سورية تعاني من آثار تغير المناخ، حيث تتعرّض لأسوأ موجة جفاف منذ سبعين عاماً نتيجة انحباس الأمطار في معظم المناطق، وفي مناطق أخرى كالمناطق الساحلية التي تتعرّض للعواصف المطرية، ما أدى إلى أضرار بالمحاصيل والمزارعين، بالإضافة إلى موجات الحر العالية في بعض المناطق.
وبيّنت النهار أن مناخ البحر المتوسط الذي يسيطر على سورية يتميز بشتاء بارد نسبياً وماطر، وصيف حار وجاف، حيث تهطل الأمطار خلال فصل الشتاء مرافقة للمنخفضات الجوية المارة عبر البحر المتوسط، وأشارت إلى أن التضاريس السائدة في المنطقة تلعب دوراً هاماً في توزع الأمطار، فوجود سلسلة من الجبال الموازية للساحل يؤدي إلى هطول الأمطار بغزارة عالية في المناطق الساحلية والمرتفعات الجبلية، وتتناقص كميات الأمطار كلما اتجهنا نحو الشرق.
وفيما يخص المنطقة الجنوبية الشرقية أوضحت النهار أنها تعتبر أقل المناطق أمطاراً، حيث لا تتعدى أمطارها 200 ملم سنوياً، ولا يزيد عدد الأيام الممطرة فيها عن 40 يوماً في العام، وتؤلف هذه المنطقة أكثر من نصف مساحة سورية، وتعرف باسم بادية الشام، أما توزع الأمطار في بقية المناطق فيكون متفاوتاً، حيث تتراوح كميات الأمطار في المناطق الساحلية بين 800 – 1000 ملم، واعتبرت أن معظم مساحة سورية تعد مناطق جافة وشبه جافة، إذ يقل معدل الهطول في أكثر من 90% من مساحة سورية عن 350 مم سنوياً.
وحول تأثير التغيرات المناخية على المناطق الساحلية، لفتت إلى أن الدراسات تشير إلى أن مستوى سطح البحار والمحيطات سيرتفع بمعدلات قد تصل إلى 60 سم في نهاية القرن الحادي والعشرين، ويُعتقد أن مستوى سطح البحار والمحيطات قد ارتفع خلال القرن العشرين بمعدل يفوق الـ 10 سم، وسيُحدث ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات تأثيراً “بالغاً”، وسيسبب هجرات جماعية، ومشاكل حادة للمدن الساحلية والمناطق الجزرية، وفقدان أراض زراعية خصبة مأهولة بالسكان، وتملّح الخزانات الجوفية الساحلية نتيجة لزيادة تداخل مياه البحر معها.
وبالنسبة للتأثير على الزراعة والثروة الحيوانية، أوضحت أن الحد من توفر المياه بسبب التغيرات المناخية سوف يؤدي إلى تقليص الإنتاجية الزراعية الحالية، وبالتالي يهدد الأمن الغذائي في سورية، وعليه لابد من تبديل أنواع المحاصيل، وإدخال التقانات التي تسمح باستعمال المياه للري بفاعلية أكبر، وهناك أيضاً تأثيرات سلبية على الزراعة نتيجة تغير معدلات وأوقات موجات الحرارة، فزيادة الحرارة تزيد من معدلات تآكل التربة، وتقلل من إمكانية زراعة المناطق الهامشية.
ومن الجدير ذكره أن سورية انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغيرات المناخية بتاريخ 3/ 4/ 1996 بموجب المرسوم التشريعي رقم 363 تاريخ 10/ 12/ 1995، ومن ثم صادقت على بروتوكول كيوتو المنبثق عنها بموجب المرسوم التشريعي رقم 73 تاريخ 4/ 9/ 2005، وذلك إيماناً منها بأهمية العمل مع المجتمع الدولي للحد من ظاهرة التغيرات المناخية بمنعكساتها وآثارها على جميع مناحي الحياة على الأرض، وكذلك للإفادة من آليات التمويل التي يتيحها البروتوكول للمساعدة في التخفيف، ومعالجة هذه الآثار والمنعكسات.