إيقاعات انتصار حلب يعزفها معرض تشكيلي جماعي
حلب – غالية خوجة
تعزفُ أبجدية اللون وتشكيلاتها العالم المتناغم صراعاً ودراما وسعادة وانتصاراً بين أعماق الفنان والواقع، مما يجعل النص الملوّن قابلاً للقراءة تبعاً لدلالاته المنبلجة من حركته وسكونه، كتلته وفراغه، وما يريد أن يوصله الفنان للمتلقي.
ضمن هذه المحورية تحركت الأعمال المشاركة في المعرض التشكيلي الجماعي الذي أقامه اتحاد الفنانين التشكيليين بحلب في صالة الأسد للفنون الجميلة، بعنوان “انتصار حلب”، وهو المعرض السنوي الخامس الذي يحتفي بهذه الذكرى ويمتد لأسبوع، وذلك بمشاركة الفنانين: ابتسام مجيد، إبراهيم حمو، أحمد قاسم، أصلان معمو، أيمن الأفندي، برهان عيسى، بسام بيضون، حياة الرومو، خلدون الأحمد، خيرو حجازي، د. زاهر عيروض، د. ماهر لباد، دانيا الزعيم، رزان السعدي، سوزان حسين، عبد السلام تومان، عبد القادر منافيخي، غسان ديري، غسان سعيد، مجد كيالي، محمد جاويش، محمد زيدان، محمد ناشد، ممدوح عباس، ياسمين عقيل.
وتشترك التجارب بتعبيرها عن “الأمل” بعد مرحلة “الألم”، عاكسة الخلاص من الإرهاب التكفيري الظلامي، ومنفتحة على وعيها التنويري بتجاوز التشاؤم والدمار من خلال البناء النفسي والفكري والاجتماعي كوحدة كلية تتفاعل مع البناء المادي والعمراني المتواصل في حلب، بينما تنوّعت المواد الخام في هذا المعرض بين الألوان الزيتية و”الغرافيك”، كما حضرت الأعمال النحتية بملامحها الحلبية للتشكيلي النحات منافيخي، وبرزت ملامح ذاكرة حلب التراثية والمعاصرة بخطوط ورسوم أخرى عمرانية وإنسانية وملامح متنوعة من الحروفية والموروث الشعبي، والمولوية، وإيقاعات تذكرنا بالقدود الحلبية.
قدّم الفنانون المشاركون حكاياتهم وأحلامهم وصمتهم وكلامهم وتداعياتهم بأشكال مختلفة منها الواقعية، الرومانسية، التشكيلات الخطية العربية، التشكّلات الحروفية، وتميّزت الألوان بإيقاعات تستبعد الظلمات وتدرجات سوادها، فتدفعها إلى خارج الأعمال الفنية، ليظلّ الضوء بألوانه الدافئة والمفرحة والمتدرجة مركزاً للأعمال الظاهرة كجدار ومئذنة وقلعة ومكان من أمكنة حلب، أو لحلب بشكل شمولي، وهذه دلالة تشاركية عميقة للأعمال تقول بكلمة واحدة وصوت واحد: “انتصرت حلب.. نحب سورية”.
وتبدو اللوحات بملامحها المنفتحة المتفتّحة أقرب إلى لحظات الانفراج القادمة بعد الحرب والحصار، وموسيقاها التي نسمعها من بعض اللوحات بهيئة أناشيد تتسرّب من حجارة البناء الواقعي والبناء اللوني للأعمال ومعزوفاتها المختلفة في اللوحات الأخرى المشاركة في هذا المعرض، منها لوحة الفنان مجد كيالي التي تشخّص امرأة ترمز للذاكرة وهي تضرب بيدها على إحدى آلات القرع الموسيقية، وتدور المولوية في لوحة الفنان إبراهيم حمو وكأنها تدور مع مئذنة جامع الرحمن منشدة “يا إمام الرسل يا سندي”، وتصدح أصوات الخط العربي بحركتها اللونية من لوحة خلدون الأحمد، وتمتزج الحضارة الصامدة المنتصرة بإيقاعات القلعة المرسومة بريشة أيمن الأفندي، وتردّد الأعمال الأخرى مع صباح فخري أجمل الموشحات.
وأكد التشكيلي إبراهيم داود أمين سر اتحاد التشكيليين لـ”البعث” على ميزات عديدة لهذا المعرض، منها الاحتفاء بالمواهب الشابة، لأن تشجيع الفنانين الشباب عامل مهمّ في البناء، ولاسيما أن المشاركين من أعمار وأجيال مختلفة، مما يساهم في تبادل الخبرات الفنية، والآراء النقدية، والحوارات الثقافية.