ما زالت نظرته لقضاياهم سطحية واستهلاكية! الشباب: “إعلام المكاتب” أبعدنا عن المشاركة في صنع القرار الذي يخصنا!
البعث الأسبوعية – غسان فطوم
على مدار العقود الماضية لم تكن قضايا الشباب حاضرة بشكل جيد في أجندة عمل إعلامنا الوطني بالقدر الذي يتناسب وحجم هذه الشريحة، وإن كان هناك محاولات، فهي خجولة عاجزة عن التعبير عما يريده ويحتاجه الشباب، لدرجة أنهم – أي الشباب- اتهم الإعلام بوضع حواجز أمامهم عندما لم يساندهم في محاولة إشراكهم بصنع القرار الذي يتعلق بمستقبلهم، أو لم يضغط على الجهات المعنية بتبني برامج فاعلة للتشغيل والأخذ بيد أصحاب الكفاءات من خلال تبني مشاريعهم ودعمها واستثمارها بما يعزز حضورهم ودورهم في التنمية.
إعلام مكاتب!
في كلية الإعلام بجامعة دمشق ومن خلال الحديث مع طلبتها بمختلف السنوات وجدنا أفضل توصيف لحالة الود المفقود بين الإعلام والشباب، حيث لم يتردد الطلبة بالقول “إعلام المكاتب خذلنا”، في إشارة منهم إلى اقتصار دور الإعلام بالإشارة من بعيد للمشكلة دون متابعة حلولها مع الجهات صاحبة العلاقة، وهذا برأيهم يتناقض مع جوهر الرسالة الإعلامية وهدفها، لذلك ليس غريباً أن تتسع الفجوة بين الشباب والإعلام طالما يضع قضاياهم على الهامش على حد قولهم!.
أين الوعود؟
وسأل طلبة السنة الرابعة: لماذا لا يكون لخريجي الكلية الأولوية في المسابقات الوظيفية على قلتها التي تعلن عنها وزارة الإعلام والصحف الرسمية؟، مشيرين إلى عديد الوعود التي قطعت بهذا الخصوص لجهة أن لا تقل حصة الكلية عن الـ 75% من كل مسابقة!، في ظل هذا الواقع المأساوي للكلية – كما وصفه البعض -برزت مطالبة للعديد منهم بتعليق القبول في الكلية وبرنامج التعليم المفتوح الخاص بالإعلام واختصر بعضهم هذه الحال بالقول “كفانا تفريخ صحفيين عاطلين عن العمل”.
تغييب الطموح!
وسأل الشباب: كيف نتابع إعلاماً يغيّب طموحاتنا ولا يتبنى تحقيق أمنياتنا؟، وقال بعضهم “إن ملامسة قضايانا لا تُختصر بإعداد برنامج أسبوعي أو صفحة في جريدة أو مجلة أو موقع إلكتروني، إنما تحتاج لجرأة في الطرح لعمق المشكلة وانتزاع الحلول لها”.
وقال أحدهم “ذات يوم قرأت عن شيء اسمهه إستراتيجية وطنية لتشغيل الشباب، ترى أين الإعلام منها؟!.
فيما رأى آخرون أن نشاط وسائل الإعلام في تغطية نشاطاتهم وفعالياتهم لا يكفي للإشارة بأهمية دورهم، وإنما يحتاجون لمن يمكنهم من فرص العمل وتحقيق الريادة والتميز في مشاريعهم التي لا تزال تعاني من العراقيل المحبطة!، من جانب آخر استغراب آخرون غياب الإجراءات الحكومية لجهة استمرار نزيف هجرة الكفاءات والكوادر الشابة، مطالبين الإعلام بتكثيف الحديث عن هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد باستنزاف الكفاءات في عزّ حاجتنا لها!.
الإعلام البديل
وقالها عدد من الشباب بكل شفافية “لم يعد يعنينا إن عالج الإعلام مشاكلنا أو همّشها فقد أصبح لدينا البديل الذي يعبر عن هواجسنا من خلال منصات مواقع التواصل الاجتماعي التي كسرت القيود وتجاوزت الحدود وباتت أهم من الإعلام التقليدي الذي يتخبط في الأداء النمطي!”، وهنا يرى عدد من الزملاء الإعلاميين أن الإعلام الرقمي فرض تحديات كبيرة أمام الإعلام الوطني وبات مطالباً بتغيير جلده بما يتناسب والحالة الراهنة وليكون مقبولاً أو متابعاً من الجمهور الذي لم يعد يرضى بأي كلام، وخاصة جمهور الشباب!.
تقليد أعمى!
يقول الإعلامي الدكتور بسام الخالد الذي عمل لسنوات عديدة في الإعلام الشبابي في منظمة اتحاد شبيبة الثورة: ما زال التعاطي مع قضايا الشباب سطحياً بعيداً عن همومهم وقضاياهم، منتقداً البرامج الشبابية التي ما تزال برأيه تقليداً أعمى لبرامج مستوردة أو مستنسخة عن برامج تبث على فضائيات أخرى، مضيفاً إن حضور قضايا الشباب في الإعلام الوطني على اختلاف أنواعه ما زال خجولاً، فالحيز المخصص لها قليلاً مقارنة بما يُكتب ويعرض ويُسمع، ما يعني أن النظرة للشباب ما زالت سطحية، داعياً إلى الاهتمام بتوعية الشباب من خطر الإعلام المغرض من خلال تنمية وعيهم الثقافي والمعرفي.
وصلت ولكن!
رئيس تحرير موقع بانوراما سورية الإعلامي عبد العزيز محسن يرى أن مجمل قضايا الشباب وهمومهم وصلت إلى الجهات المعنية سواء عن طريق الإعلام أو عن طريق المنظمات الشبابية والملتقيات والمؤتمرات وغيرها.. ولكن المشكلة -بحسب محسن- تكمن بأن قضايا الشباب لم تأخذ نصيبها من الاهتمام الكافي من قبل الحكومات المتعاقبة ولم تكن في سلم الأولويات المتقدمة لها والدليل على ذلك ما نراه اليوم في الضياع والتشتت الذي يعاني منه شبابنا سواء على صعيد توفر فرص العمل المناسبة لهم، أو عدم تمكينهم من دورهم في التنمية المجتمعية، وتأسف محسن لازدياد واقع الشباب مأساوية مع تنامي ظاهرة الهجرة التي ستترك أثارها السلبية على الجميع، داعياً إلى ضرورة أن يكثف الإعلام من تناول قضايا الشباب ويعالج مشاكلهم وأن يتعزز دور ما يُعرف بإعلام الشباب المتخصص الذي يمكن أن يوصل القضايا والمشكلات بصورة أدق وبحرفية ومهنية عالية وبنفس الوقت يمكن أن يقترح الحلول المناسبة لمساعدة الجهات الحكومية في اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الشباب والمجتمع والبلد بشكل عام.
غياب البرامج الإعلامية
هناك حاجة ماسة لأن يبقى الإعلام على تواصل دائم مع الشباب، وهنا ترى الصحفية رجاء يونس مديرة الإعلام بجامعة دمشق أن هذا التواصل بات ضرورة لأجل إشباع الحاجات الأساسية لشريحة الشباب بهدف تمكينهم من دورهم الذي ما زال غائباً أو مهمشاً، علماً أنهم هم الرهان في المستقبل، وتساءلت “يونس” : لماذا تغيب البرامج الإعلامية التي تناقش هموم الشباب، ولماذا لم ننجح في توجيه الإعلام صوب خدمة قضايا الشباب المختلفة، ودفعهم للمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟، واقترحت مديرة الإعلام في الجامعة أن يتم الاستفادة من إمكانات طلبة كلية الإعلام والخريجين فيها بإعداد برامج شبابية تلامس هموم الشباب، فهم برأيها أقدر من غيرهم على التعبير عم يريده ويحتاجه الشباب حاضراً ومستقبلاً.
عتب كبير!
بالمختصر، هناك عتب شبابي كبير على الإعلام الذي لا يتلمس عن قرب مشكلاتهم وطرحها أمام المعنيين في الحكومة، وتحت قبة مجلس الشعب وهنا نسأل المنظمات والنقابات التي تهتم بشأنهم ماذا هي فاعلة لجهة حمل قضاياهم؟، فاستعراض النشاطات والمبادرات والاهتمام بقضايا التعليم وحل مشاكله لا يحل مشاكل الشباب رغم أهمية هذه الإضاءة، فشبابنا يحتاجون لإعلام شبابي حقيقي فاعل يتحدث باسمهم يقول ويفعل ويضغط فيما يتعلق بتشخيص الواقع الشبابي بهدف حل المشكلات واستثمار عمرهم الشبابي في الوقت والزمان المناسبين.