مطالبات بتسريع الوتيرة وديمومة الحلول الثابتة.. حمضياتنا إلى واجهة الاهتمام بحراك تسويقي لإنقاذ المحصول وتبديد هواجس المزارعين
البعث الأسبوعية – مروان حويجة
إذا كان التدخل التسويقي الحكومي الراهن يشكّل – بحسب رأي الكثيرين – سابقة في مواسم محصول الحمضيات الذي كاد أن يطويه النسيان كما طوت الخسائر المتعاقبة مردوده و غلته ، فإن الإجراءات التسويقية الحكومية “الإنقاذية ” لتصريف حمضياتنا جاءت لتضع ما تبقى من كميات غير مسوّقة من المحصول أمام سباق محموم مع الزمن بعد أن دخل الموسم نصفه الثاني الذي خطف الضوء والاهتمام على النقيض تماماً من النصف الأول الذي حمل أفدح الخسائر للمزارعين والمنتجين جراء العجز التسويقي الذي أجهز على محصولهم، ولأنّ مقولة أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي، فإن المزارعين – لكثرة ما لحقهم – من نكسات تسويقية تجدهم أكثر ترقّباً واستعداداً للتماهي السريع مع بارقة الأمل التسويقية التي تنتظر وتيرة أسرع في تنفيذ حزمة الإجراءات بنفس السرعة التي دخلت فيها حيّز التطبيق بعد ساعات من زيارة الوفد الحكومي إلى محافظة اللاذقية.
على وضعه
“البعث الأسبوعية ” تستطلع في هذا الملف آراء المعنيين بالعملية التسويقية بكل مفاصلها وأطرافها للوقوف على واقع العمل التسويقي في الأيام الأولى من وضع الإجراءات والتسهيلات والمحفّزات موضع التنفيذ.
أوضح المزارع علي وهو مستثمر مساحة واسعة قدرها ٢٠٠ دونم من أشجار الحمضيات بإنتاج تقريبي ٦٠٠ طن في قرية عين العروس في منطقة القرداحة، مؤكداً أنه لغاية اليوم الخامس من إعلان الإجراءات التسويقية الجديدة فإن الحال لديه على وضعه كما هو لغاية مطلع الأسبوع، ولم يتواصل معه أحد بشأن التعليمات والإجراءات، وأشار إلى أن المحصول هذا الموسم عنده خاسر بامتياز حيث تعرّض نصف المحصول للتلف والضرر والتساقط، وبيّن أن كلفة الكيلو من حيث العبوات ١٣٥ ليرة إلى ١٤٠ ليرة إذا لم يتم كسر أي عبوة، وأجرة العامل ١٥ ألف ليرة يومياً بإنتاج ٣٠٠ كغ، ولفت إلى أن الموسم الماضي كان أفضل بكثير من الموسم الحالي لأنه كان هناك تصدير الى الأسواق الخارجية، ورأى المزارع علي أن الحل الأفضل يكمن في تحويل الفائض إلى معامل العصير .
المزارع يونس من قرية ديفة قال: المردود من التسويق متدنّ وزهيد جداً ولا أحصل من كل نقلة إلى السوق سوى على مبلغ قليل متبقّ بعد حسم التكاليف والأجور، لانزال ننتظر أن يتغير الواقع التسويقي وأن تتحسن الأسعار لأنه لا يرجع لي من الفاتورة إلا الشيء الذي لا يذكر، فاليوم سوّقت كمية طن ومائة كيلو ولم أحصل إلاّ على مبلغ ٥٠ ألف ليرة، فإنتاجي السنوي ٥٠ طن تقريباً وقد لحق الضرر بصنفي الكرمنتينا والماير الذي لم أقوم بجنيه لأنّ سعره المتدني يسبّب الخسارة، ويرى المزارع أنه إلى أول مطلع الأسبوع لم يلمس إجراءات باتجاهه لدعم التسويق بانتظار أن تأخذ طريقها إليه ويؤكد أن التصدير هو الحل الأفضل والأنجع لحل مشكلة فائض الحمضيات واختناقات تسويقه .
تحسّن ملحوظ
المزارع أكرم من قرية الرويمية قال: إن الوضع التسويقي تحسّن بشكل ملموس من حيث استجرار الكميات والأسعار بالمقارنة مع الفترة السابقة، أنا كنت أبيع كيلو الأبوصرة سابقاً ٤٠٠ ليرة ، وأما الآن بعد اتخاذ الإجراءات الحكومية فقد ارتفع السعر إلى ٧٠٠ ليرة وكما أن سيارات وكوادر المؤسسة السورية للتجارة بدأت بالتوافد إلى القرية والقرى المجاورة لنقل محاصيل المزارعين وتسويقها بأسعار أفضل مع تقديم العبوات.
المزارع نزار “ضمّان وصاحب مركز تشميع في منطقة وادي قنديل – زغرين قال: الموسم الحالي هو الأسوأ قياساً على سابقيه تكبدنا فيه خسارة كبيرة وكل ما نعمله و نتكلف به يذهب دون مردود لأن سعر المازوت بات مضاعفاً وأيضاً ارتفعت معه أجور النقل ومستلزمات الإنتاج، وأما إجراءات الدعم الحكومي فلم تصلنا لغاية اليوم الأحد، وبرأيي إن الحلّ الأجدى والأفضل هو الاعتماد على التصنيع بالدرجة الأولى لأنه مضمون وثابت أما التصدير فهو غير مستقر في ظل الظروف الراهنة، فأنا عندي مساحات مستثمرة إنتاجها مئات الأطنان وسوّقت لغاية تاريخه منذ بداية الموسم ٣٠٠ طن وأدفع أجرة سيارة الى السويداء ٩٠٠ ألف ليرة بعد أن كانت الأجرة ٤٠٠ ألف، وأجد صعوبة بالغة في التسويق وإذا ما حسبنا التكاليف فإن سعر الكيلو لا يغطي التكلفة وما جنيناه منذ سنوات خسرناه هذا الموسم.
مراسلات
وتوجهنا بالسؤال إلى رئيس لجنة التصدير في غرفة الزراعة بسام علي حول ما تمّ اتخاذه في مجال دعم التسويق الخارجي لمحصول الحمضيات فقال: نحن في لجنة التصدير نسعى مع الحكومة من خلال المراسلات والكتب واللقاءات لتذليل الصعوبات أمام التصدير انطلاقا من أهمية وجدوى التسويق الخارجي بشكل يفوق بكثير التسويق الداخلي لأن التصدير يحقق مردوداً أكبر بكثير ويؤمّن القطع الأجنبي، ورأى رئيس لجنة التصدير أن التسويق الداخلي لا يكفي أبدا ولا يحلّ المشكلة مطلقا لأن التسويق الداخلي هو نقل سلعة من مكان إلى آخر لا أكثر ولا أقلّ وهذا يحتّم ضرورة التركيز على التصدير بتقديم التسهيلات المصدرين ولاسيما التصدير إلى السوق العراقية كونها سوقاً واعدة للمنتجات السورية وفي مقدمتها الحمضيات، ونحن المصدرين لا نلقى الدعم المطلوب وللأسف فقدنا السوق العراقية ولازالت لدينا نحن المصدرين مشكلة المعابر والرسوم والمحسوبيات وعدم منح إيصال بالمدفوعات التي يسددها المصدّر وهذا كله غير موجود في الدول المجاورة ما يجعل المصدّر السوري غير قادر على المنافسة، وأشار رئيس اللجنة الى أن هناك حركة نشطة خلال الأيام الأولى من تطبيق الإجراءات الحكومية ولكن لازالت الحركة دون مستوى الطموح كما كنا نتوقع، وعن برنامج عمل لجنة التصدير أوضح علي أن برنامج العمل المتكامل لم يعد ممكناً هذا الموسم لأن ٦٠ % من الموسم قد انقضى لغاية تاريخه ولم يبقَ سوى ٤٠ % من المحصول منه ٣٠ % للخزن من مادة الفالنسيا وبالتالي لا يمكن القيام ببرنامج عمل متكامل لغاية تاريخه الموسم مثلما كان الأمر عليه منذ بداية الموسم، وتكون الأولوية لإعادة الألق للمصدّر السوري في السوق العراقية وإزالة الصعوبات وهذا يؤدي إلى تنشيط حركة التصدير ولا سيما أننا اليوم بحاجة إلى التصدير وأتمنى أن تقوم السورية للتجارة بدورها على أكمل وجه في مجال التسويق الداخلي، ونحن أولوياتنا العمل على التسويق الخارجي ومسعانا أن يصل المنتج السوري إلى مختلف دول العالم، فالقرار ليس بيدنا كلجنة تصدير وإنما بيد الجهات التنفيذية ودورنا تقديم الحلول المقترحة ضمن حلقة عمل متكاملة بما يضمن التسويق المجدي للمنتج السوري .
حرّكت السوق
ومن جهته رئيس لجنة سوق الهال معين الجهني أوضح أن الإجراءات التسويقية الحكومية حرّكت سوق الحمضيات وهناك تحسّن ملموس في الأسعار بمقدار ٢٠٠ ليرة مع دخول المؤسسة السورية للتجارة وإن كان تدخلها دون المستوى المطلوب وأيضاً بفعل دخول شركات خاصة في استجرار كميات من المحصول ما أدى إلى رفع الأسعار منها الأبوصرة من ٦٠٠ إلى ٨٠٠ و ١٠٠٠ ليرة و الماندلينا كانت ٦٠٠ ليرة أصبحت ٨٠٠ ليرة و قد تصل الى ١٠٠٠ إذا كانت ممتازة والحامض وصل سعره الى ال ١٠٠٠ ليرة . و بيّن الجهني أن حركة التسويق خلال يوم واحد وصلت إلى ٦٠٠ طن و قامت شركات خاصة باستجرار كميات منها كما تم شحن كميات إلى مختلف مناطق القطر، و يأمل الجهني أن يستمر العمل بنفس الوتيرة مع أن الربح لا يزال محدوداً جداً للمزارع مبيّنا أن ٤٠ شاحنة وعدة قاطرات انطلقت من سوق الهال محمّلة بالحمضيات، ولفت الى أن الثمار ذات الجودة المتدنية تباع بأكياس وبأسعار تتناسب مع تدني الجودة، ولفت الى أن النصف الثاني من الموسم بات يقتصر على اليافاوي وأبو صرة وأصناف الهجائن تأتي مع الفالنسيا أما الأصناف الأخرى فقد انتهى موسمها، وأكد الجهني أن البحث عن أسواق خارجية يبقى الحل الأفضل والأجدى لتسويق محصول الحمضيات لأن إنتاجنا من الحمضيات يفوق بكثير حاجة السوق المحلية، مبيّنا أن إنتاج القطر هذا العام من الحمضيات بحسب تقديرات وزارة الزراعة وصل إلى ٧٧٠ ألف طن وهذه الكمية تزيد بكثير عن حاجة السوق المحلية فلذلك لابد من تصدير الحمضيات سواء بحراً أم براً .
جيدة
وحول رأي المنظمة الفلاحية في العملية التسويقية أوضح رئيس اتحاد فلاحي اللاذقية حكمت صقر أنّ بداية العملية التسويقية تسير بشكل جيّد ويأمل أن تستمر بنفس الوتيرة عبر تحقيق التوجّه بتأمين خمسة آلاف صندوق يومياً وتفعيل التنسيق بين كافة الجهات والمؤسسات المعنية لدفع العملية التسويقية مبينّاً أنّ التسويق يتم من خلال الجمعيات الفلاحية والوحدات الإرشادية وفي المناطق من خلال الروابط الفلاحية إلى مديرية الزراعة والسورية للتجارة حيث يتم تقديم أسماء المزارعين الراغبين بتسويق محاصيلهم إلى المؤسسة السورية للتجارة ليتم إرسال الصناديق وسيارات شحن المحصول .
وفي متابعة لحركة تسويق المحصول على مستوى محافظة اللاذقية من خلال اللجنة التي تمّ تشكيلها بعد زيارة الوفد الحكومي إلى اللاذقية فقد أوضح رئيس لجنة تسويق الحمضيات المهندس سامي هليل مدير فرع المؤسسة السورية للتجارة أنه تمّ خلال يوم واحد “السبت” تسويق ١١٦١ طناً من الحمضيات في اللاذقية ونحو ٣٤٣٤ طناً منذ زيارة الوفد الحكومي بدءاً من يوم الاربعاء الماضي. وبين المهندس هليل أنّ كميات التسويق توزعت بين سوق الهال بمدينة اللاذقية بواقع ١٦٨٥ طناً وسوق راس العين ألف طن والسورية للتجارة ٢٧٥ طناً ومعمل الجود للعصائر ١٣٨ طناً ومعمل محمد اسماعيل للعصائر ٣٣٦ طناً.
وبيّن هليل أن المؤسسة السورية للتجارة سوّقت يوم السبت 95 طناً من المزارع مباشرة في اللاذقية الى أسواق دمشق وحلب وحمص فيما سوقت يوم الجمعة 90 طناً مع الاستمرار بتوزيع الصناديق البلاستيكية للمزارعين، ووفق بيانات اللجنة فإن حركة تسويق الحمضيات شهدت زيادة في كمية الحمضيات المسوّقة بشكل تدريجي، حيث تمّ تسويق 1161 طناً يوم السبت، و1042 طناً يوم الجمعة و699 طناً يوم الخميس و532 طناً يوم الأربعاء.
وأكد هليل أنه تمّ توزيع حوالي ١٧ ألف صندوق بلاستيكي زنة ٢٠ كيلو من خلال المؤسسة السورية للتجارة على المزارعين ويتم من خلالها نقل المنتج من مزارع الحمضيات في اليوم التالي مبيناً أن هذا الإجراء يخفّف عن المزارعين تكاليف النقل وثمن العبوات.
تسليم مباشر
وكانت لجنة تسويق الحمضيات باللاذقية طلبت من المزارعين الراغبين بتسليم إنتاجهم مباشرة إلى المؤسسة السورية للتجارة والمعبأ من قبلهم بصناديق من الفلين أو بالأكياس دون انتظار وصول صناديق المؤسسة إليهم، والتسجيل لدى الروابط الفلاحية والوحدات الإرشادية لإرسال الآلية المناسبة لإحضار الحمضيات إلى مراكز المؤسسة وذلك لتسهيل عملية التواصل مع اللجنة وبما يزيد من الكمية المسوقة ولا سيما أن عدداً كبيراً من المزارعين لا يرغبون بانتظار تسليمهم صناديق من المؤسسة ولاسيما أن اللجنة أعطت سعراً إضافياً لشراء الحمضيات في هذه الحالة بمعدل ١٠٠ ليرة سورية لكل كيلو للتعويض عن ثمن صندوق الفلين و٥٠ ليرة للكيس ويمكن للمزارع تسليم محصوله المعبأ من قبله بصناديق الفلين أو بالأكياس مباشرة إلى مركز الفرز والتوضيب التابع لفرع المؤسسة السورية للتجارة باللاذقية خلف محطة وقود الجامع على أن يبرز ورقة مختومة من الرابطة الفلاحية والوحدة الإرشادية باسم المزارع ورقمه الوطني واسم القرية.
وحددت اللجنة أسعار استجرار باقي أصناف الحمضيات في فرع المؤسسة ٩٠٠ ليرة سورية للكيلوغرام من الحامض البلدي المعبأ بصناديق من المؤسسة يضاف إليها ١٠٠ ليرة للكيلو في حال كان معبأ بصناديق فلين من قبل المزارع و ٧٠٠ ليرة للحامض بصناديق المؤسسة و ٨٠٠ ليرة سورية للمعبأ بصناديق فلين من قبل المزارع.
أما شراء صنف المندلينا فتمّ تحديده للنخب الأول ب ١٠٠٠ ليرة سورية للكيلو بصناديق المؤسسة و ١١٠٠ ليرة المعبأ بصناديق فلين من قبل المزارع بينما النخب الثاني ب ٨٠٠ ليرة سورية للكيلو بصناديق المؤسسة و ٩٠٠ ليرة للمعبأ بصناديق فلين من قبل المزارع وصنف الماير ب ٣٠٠ ليرة سورية للكيلو المعبأ بصناديق المؤسسة. وكانت اللجنة حددت سعر شراء صنف أبو صرة ب ٦٥٠ ليرة للنخب الأول و ٥٠٠ للنخب الثاني و ٣٠٠ ليرة للنخب الثالث يضاف إليها أيضاً مئة ليرة في حال تعبئتها بصناديق فلين من قبل المزارع و ٥٠ ليرة عند تعبئة الصنفين الثاني والثالث بأكياس نايلون.
كما خفضت اللجنة قياس حجم الثمرة المتبع لكل نخب من الأصناف وهو ما يسهم بزيادة السعر لمصلحة المزارعين. وقد تمّ تشكيل لجنة لتسويق الحمضيات في اللاذقية بناء على قرار مجلس الوزراء بهدف تنظيم العمل والتنسيق مع الجهات المعنية لشحن كميات الحمضيات المسوّقة من الفلاحين عبر السورية للتجارة وبما يسهم بتوفير المادة للمستهلك بأسعار مناسبة وبما يحقق الفائدة للفلاحين والمزارعين وتضم اللجنة التي يرأسها في المحافظة مدير فرع المؤسسة السورية للتجارة ممثلين عن مديرية الزراعة واتحاد الفلاحين وفرع شركة سادكوب والأمانة العامة للمحافظة.