الرحابنة بأصوات سورية مع “فرقة قصيد”
“رجعت الشتوية” أغنية فيروز الشاعرية المحمّلة بكل مشاعر الحب والحنين والدفء، كانت بصوت هبة فاهمه برفقة “فرقة قصيد”، بقيادة المايسترو كمال سكيكر، في أمسية تكريم السيدة وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح الرحابنة على مسرح الأوبرا لأجمل أغنيات أيقونة الغناء العربي فيروز ونصري شمس الدين وملحم بركات، إضافة إلى مشاركة خاصة لعازف الأوكورديون وسام الشاعر الذي كان صوليصت وعازف في فرقة فيروز لسنوات عدة، مع حضور عازف البيانو إياد جناوي، ودور الغيتار وتشكيلة الفرقة من وتريات وإيقاعيات يتضمنها الطبل والتيمباني – علي أحمد – وآلات التخت الشرقي، وجزء من النحاسيات البوق والترومبيت والهورن.
ومن المعروف أن موسيقا الرحابنة اهتمت بالأكورديون والبيانو وقدمت أنماطاً موسيقية مختلفة شكّلت هويتهم.
وقد تضمن البرنامج مقتطفات من مسرحيات فيروز التي أغنت المسرح الغنائي بتقنيات مبهرة، فأنصت الجمهور بشغف إلى أجواء المسرحيات التي فتحت أبواب الذاكرة لهذا الزمن الجميل.
الأكورديون والبيانو
بدأت الأمسية بعزف موسيقا المعركة من مسرحية “جسر القمر” على وقع ضربات الطبل والتيمباني والنحاسيات مع تشكيلة الفرقة، ثم غنت هبة فاهمه بصوتها الدافئ “مسيكم بالخير” بمشاركة الكورال ودور البيانو والأكورديون بشكل خاص، ثم غنى الكورال جسر القمر، لتختم فاهمه المسرحية بأغنية “بكرا الهوى بيسأل علينا” بعد أن ترنم الجمهور بالموسيقا المتناغمة بوقع إيقاعاتها الراقصة.
في حين أضفت أغنيات مسرحية المحطة نثرات عاطفية على الأمسية بصوت فاهمه بـ “ليالي الشمال الحزينة ضلي اذكريني” التي امتزجت بفاصل الوتريات ضمن تشكيلة الفرقة.
صولو الأكورديون
مفاجأة الأمسية كانت بعزف وسام الشاعر صولو أكورديون موظّفاً كل الأبعاد الصوتية للآلة إلى أقصى درجاتها، وانتقل بالتدريج عبْر تقسيماته إلى عزف موسيقا “أمي نامت ع بكير” فغنى الجمهور معه وصفق بتفاعل كبير، ثم عزف موسيقا مسرحية ناطورة المفاتيح.
“وينن” وترديد الكورال
أطل سليمان حرفوش بحضوره القوي على المسرح بغناء”وينن” مع مرافقة البيانو والتشيللو في المقدمة وترديد الكورال بعد سليمان بتدرجات “وينن” ثم فاصل البيانو وتشكيلة الفرقة بغناء سليمان وصولاً إلى القفلة الرائعة مع التصاعد الموسيقي والغناء.
فاصل إيقاعي
لينتقل حرفوش بطبقة صوت مختلفة لموال دخلت جنة عدن بمرافقة الأكورديون والتشيللو ليغني شباك حبيبي، وتغيرت أجواء الأمسية مع مسرحية ميس الريم وغناء “يا مارق ع الطواحين والمية مقطوعة” والفاصل الإيقاعي ودور الأكورديون والنحاسيات والغيتار، كما شاركت فاهمه بغناء سألتك حبيبي ويامختار المخاتير.
مشهد غنائي تمثيلي
وفي مسرحية “أيام الصيف” ومسرحية “لولو”، أعاد سليمان حرفوش الجمهور إلى المشهد التمثيلي بأدائه وسرده الغنائي ومشاركة الكورال معه بالحوار الغنائي، ثم تابع مع تفاعل الجمهور بسيف المراجل والمتتالية الإيقاعية، ليختتم الثنائي هبة فاهمه وسليمان حرفوش الأمسية بأغنية “من عزّ النوم”.
فيلم توثيقي
سُبقت الأمسية بعرض فيلم توثيقي عن حياة ومسيرة الرحابنة-عاصي ومنصور وفيروز- منذ مرحلة الطفولة إلى اللقاء مع فيروز، مختزلاً مرحلة فاصلة بالموسيقا والغناء، فركز على عمل الأخوين على خلق هوية موسيقية لبنانية، إذ عادا إلى الفلكلور والتراث، وابتكرا صياغات شعرية دمجت ألحان أبو الزلف والدلعونا مع كلماتهما التي بقيت عالقة في الذاكرة، كما أضافا إيقاعات التانغو والجاز بتوزيع ساحر، ووضعا إيقاعات راقصة لأغان فلكلورية، وكتبا قصائد قصيرة وأعادا توزيع الموشحات بتركيبة جديدة، حتى ألّفا موشحات خاصة بهما؛ كما فرضا المسرح الغنائي الذي خرج عشرات الفنانين، وأبدعا مع فيروز التي غنت معهما كل ألوان الموسيقا الصعبة وكانت بطلة المسرحيات، ولم يتوقفا عند حدود لبنان فكتبا للدول العربية فغنت فيروز لدمشق وبغداد وفلسطين، وبقيت أغنيات الرحابنة في الذاكرة.
وتوقف الفيلم عند مقتطفات من مسرحيات الرحابنة مثل “موسم العزّ، بطولة صباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين، و”هالة والملك”، بطولة فيروز وإيلي شويري، ومسرحية “ملوك الطوائف” بطولة غسان صليبا وأجواء الأندلس، وأشار الفيلم إلى مهرجانات بعلبك والأرز التي تهافت عليها الجمهور من كل حدب وصوب.
الرحابنة تاريخاً وتراثاً
وبعد الأمسية تحدثت البعث مع المايسترو كمال سكيكر فبيّن بأن ألحان الرحابنة أصبحت تاريخاً وتراثاً، دخلت كل بيت سوري، مع من كانوا معهم فيروز ووديع الصافي ونصري شمس الدين وملحم بركات وغيرهم، وجلّ أعمالهم كانت ضمن مسرحيات فحاولت اختيار مسرحيات من ذروة عطاء الرحابنة، وأضاف سكيكر بأن التوزيع الموسيقي كما كتبه الرحابنة بإضافة لمسات خفيفة لا تذكر.
أما عن أداء هبة فاهمه فأشاد سكيكر بأدائها لفيروز بدقة منوهاً بأنه لا أحد يرقى إلى صوت فيروز، وبأن الأعمال التي أداها حرفوش اتسمت بالقوة والحركة.
الأكورديون بطلاً
وأوضح العازف وسام الشاعر الصوليصت بأن الأكورديون كان بطلاً في موسيقا الرحابنة يرافق السيدة فيروز، وبأمسية اليوم عزف صولو ومع تشكيلة الفرقة بمرافقة الأصوات الجيدة الأكاديمية بتأدية الأغنيات التي تتصف بالسهل الممتنع لعمالقة الغناء، وتوقفت معه حول خصوصية الصولو الذي قدمه فعقب بأنه قدم تقسيمات وخرج عن البرنامج لرغبة الجمهور بعزفه “أمي نامت ع بكير” التي عزفها مع فيروز منتقلاً من مقام كرد على الأكورديون إلى حجاز دو، ثم موسيقا ناطورة المفاتيح.
يليق بالرحابنة
وأعرب سليمان حرفوش، المعتاد على الغناء الطربي، والذي نوّع بمقامات صوته، عن سعادته بالغناء بتكريم الرحابنة، متابعاً: قدمت ما يشبهني لملحم بركات ونصري شمس الدين وفيروز وكان حفلاً يليق باسم الرحابنة، وسيعاد الحفل نفسه في حمص والسويداء.
ملده شويكاني