دراساتصحيفة البعث

بعد عام على صفقة “أوكوس”

عائدة أسعد

بعد عام من الإعلان عن صفقة “أوكوس”، ظهرت شكوك حول مستقبل خطة أستراليا لشراء أسطول جديد من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وقد تم الإعلان عن الصفقة التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات، والتي تم التوصل إليها في أيلول من العام الماضي، كعنصر رئيسي في الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

ولكن وسط بعض الأصوات التي تقول إن الصفقة ستخالف قواعد حظر الانتشار النووي، ليس من الواضح ما إذا كان لدى أستراليا القدرة الصناعية، أو الخبرة الفنية، لبناء الغواصات الجديدة، وما إذا كانت قادرة في ظل المناخ الاقتصادي الحالي على تحمل تكاليفها التي تزيد عن 190 مليار دولار أسترالي (122.4 مليار دولار) لثماني غواصات نووية.

وقال بيتر ماليناوسكاس، رئيس وزراء ولاية جنوب أستراليا، أن الحكومة الفيدرالية طمأنته بأن الغواصات ستُبنى في ولايته، حيث تم استبدال اثنين من القادة الثلاثة للدول المعنية – البريطاني بوريس جونسون والأسترالي سكوت موريسون – كرئيسين للوزراء.

من الجدير ذكره أن الاتفاقية أغضبت فرنسا، التي كانت أبرمت صفقة بقيمة 90 مليار دولار أسترالي مع أستراليا لبناء أسطول جديد من الغواصات التقليدية لتحل محل السفن الأسترالية الستة القديمة التي تعمل بالديزل من فئة “كولينز”، ومن المتوقع أن تدفع الحكومة الأسترالية لشركة بناء السفن الفرنسية “نافال غروب” مبلغ 538 مليون دولار كتعويض عن التخلي عن الصفقة.

وحسب ريكس باتريك، عضو مجلس الشيوخ السابق في جنوب أستراليا، تشارك الولايات المتحدة في عمليات في جميع أنحاء العالم، وهي عمليات مهمة، ولن تتنازل البحرية الأمريكية عن أي قدرة حتى تتمكن أستراليا من الحصول على الغواصات. وبالإضافة إلى ذلك، قد تواجه الولايات المتحدة مشكلة في تلبية برنامجها الخاص ببناء الغواصات النووية، حيث تم تسليط الضوء على هذه المشكلة في الأول من أيلول الماضي عندما قال الأدميرال سكوت بابانو، المسؤول التنفيذي لبرنامج الغواصات الإستراتيجية الأمريكية، أن الخطة يمكن أن تعرقل برنامج الغواصة النووية لبلاده، وكذلك برنامج المملكة المتحدة.

وبالإضافة إلى وجود مشكلة أخرى، وهي أن التكنولوجيا النووية التي تستخدمها الولايات المتحدة سرية للغاية، يشك البعض في أن الكونغرس الأمريكي سيوافق على السماح بنقل التكنولوجيا إلى حليف وثيق مثل أستراليا، وهناك تساؤلات أيضاً حول ما إذا كان بإمكان المملكة المتحدة تزويد أستراليا بغواصة تعمل بالطاقة النووية.

وقال سام روجيفين، مدير الأمن الدولي: “بعد مرور عام من الصعب التفكير في مبادرة دفاعية أو سياسة خارجية كبيرة في الذاكرة الحية مع هذا الاختلاف الصارخ بين ما يعرفه الأستراليون، وما تعرفه الحكومة، فالأستراليون بحاجة إلى الاستماع من حكومتهم حول كيفية مواءمة هذه الغواصات مع الاستراتيجية العسكرية للبلاد وهويتها، وأستراليا حليف مخلص للولايات المتحدة، لكنها لم تضع نفسها من قبل في طليعة التخطيط الأمريكي لمواجهة قوة عظمى، ولم تكن أبداً من قبل في الهجوم بشكل دراماتيكي في حيازتها للأسلحة، وشراء سلاح مصمم لتهدئة البحرية الصينية، فهذا ليس مجرد سؤال يتعلق بالإستراتيجية العسكرية، ولكن كيف تُعرّف أستراليا نفسها على أنها جهة فاعلة دولية كأمة”.

وحسب تقرير صادر عن الرابطة الصينية للحد من التسلح ونزع السلاح والمعهد الصيني لإستراتيجية الصناعة النووية، فإن “التعاون في الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية يتعارض مع روح معاهدة منطقة جنوب المحيط الهادئ خالية من الأسلحة النووية، ويقوض الجهود التي تبذلها رابطة دول جنوب شرق آسيا لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، والولايات المتحدة وبريطانيا تقدمان بشكل مباشر لأستراليا أطناناً من المواد النووية المستخدمة في صنع الأسلحة، وهذا بلا شك عمل لانتشار الأسلحة النووية”.