اقتصادصحيفة البعث

من أجل مئة ليتر..!!

قسيم دحدل
ثمّة أمور تحدث خارج مفهوم المنطق والعقل، فإذا ما سلّمنا وقبلنا عن قناعة أو عدمها بالبطاقة الذكية التي أصبحت محوراً رئيسياً في حياتنا المعيشية، حيث بواسطتها يتمّ الضبط والتحكم بمتطلباتنا من المواد الموسومة بالدعم، التي استبعدت منها شريحة معينة قابلة للتوسّع والزيادة العددية، فالسؤال الذي يطرح نفسه إذاً: لماذا وفي كل مرة نكابد الأمرّين كي نستطيع الولوج إلى تطبيقها المعرف بـ”وين” للتسجيل على ما هو حق لنا من مدعوم المواد التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة؟!.
كذلك، لماذا كل هذا التصعيب على المواطن حين يريد الحصول على تلك المواد.. ما دام التطبيق وجد -كتقنية حضارية- للتسهيل والتنظيم لا للتعجيز والعرقلة؟، خاصة وأننا مقتنعون بمثل هكذا منظومة تقنية، ولا شك لمسنا إيجابياتها كما عانينا ونعاني من سلبياتها.. لكن ألا تعلم إدارة هذا التطبيق أن الكهرباء والنت في أسوأ حال، علماً أنهما من أسس نجاح بطاقتهم ونجاعة هذه الخدمة المأجورة، وأن عليهم التهوين والتبسيط في تحقيق هذه الخدمة، والأهم من ذلك التنفيذ ما بعد، وهنا ندخل بمعاناة الحصول على مخصّصاتنا المدعومة، وهذا طبعاً من مهام إدارة التطبيق ومهام ومسؤولية كلّ من وزارتي النفط (شركة محروقات) والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، مهام ومسؤوليات يجب أن تجسّد التنسيق والتعاون، لتكون “التكامل” اسماً على مسمّى.
بصراحة إن ما يحدث -وللأسف- لا يدلّ على وجود ذلك التكامل المفترض أن يكون بأعلى فعالية وأرقى مستوى، إذ ما فائدة أن تصل رسالة تعبئة 50 ليتراً، دون أن تدري تلك الجهات أن موزعاً أرعن -وما أكثرهم- يفرض على المستفيد مكان وزمان التعبئة؟!!.
وفوقها أخذ ألفي ليرة فوق الثمن المحدّد لـ50 ليتراً، والذي لم يعجبه فليذهب ويشتكي..!!! وأين هي الرقابة عليهم وهم أمام المواطنين يبيعون مازوت المخصّصات على عينك يا تاجر؟.
وليت الأمر ينتهي.. فالمازوت المباشر والمخصّص لمن يريد وعلى بطاقة “تكامل”، يجب أن يتمّ حجزه من خلال تطبيق تلغرام لا “وين”..!، علماً أن الأغلب لا يستخدم هذا التطبيق، ما يعني عملياً معاناة أخرى لخمسين ليتراً لا تستأهل كل تلك البرامج وتنوعها.
ولولا شديد الحاجة في هكذا ظروف مناخية قاسية، لما حاول المحتاج -وكلنا محتاجون- بكل الوسائل أن يتكلف ما يتكلفه من وحدات، على أمل أن يحظى بدور قريب، ليحصل على ما يقيه ويقي أسرته زمهرير المعاناة والطقس، حيث عليه أن يدفع نحو 30 ألف ليرة ذهاباً وإياباً فوق ثمن الـ50 ليتراً المباشرة (سعر حر) البالغ ثمانين ألفاً، حيث الكازية تبعد ما لا يقلّ عن 15 كم، عن مكان إقامة المستفيد!!.
ما تقدّم هو قليل معاناة من كثير.. يتحمّلها المواطن ويتحمّل قسوة ضريبتها من أجل مئة ليتر من المازوت فقط، هذا إن قدر على تأمين نصفها المباشر..!، فكيف بالمتطلبات الأخرى.. هل هذا يعقل؟!!.
qassim1965@gmail.com