كرة القدم ليست بأيد أمينة ومكافحة الفساد أولى خطوات النجاة!!
ناصر النجار
خسارة منتخبنا الوطني بكرة القدم أمام الإمارات أشبعت تحليلاً وحديثاً، والكثير من النقاد أصابوا فحددوا مكامن الوجع، وأسباب التراجع، والبعض منهم حلل الوضع بأسلوب عاطفي بعيد كل البعد عن الحقيقة.
وما لا شك به أن المقدمات الخاطئة يجب أن تؤدي إلى نهاية فاشلة، والتخبط الذي تعيشه كرة القدم أدى لمثل هذه النتيجة والخسارة المزعجة.
فالخسارة في عالم كرة القدم هي عبارة عن رقم يمكن تفاديه أو تعويضه، لكن الخسارة الأخيرة كانت مؤلمة وموجعة لأن منتخبنا كان بواد، وكرة القدم بواد آخر، ولو كانت الإمارات بجاهزيتها وصفوفها مكتملة لكان للنتيجة رقم آخر.
من راجع أداء منتخبنا بين لقاء الذهاب الذي كنا فيه أفضل من الإماراتيين بأشواط كثيرة، ولولا خطأ العالمة الساذج لفزنا، ولقاء الإياب يوم الخميس الماضي، لاحظ الفرق، فمنتخب الإمارات لم يتطور، ولعب ناقصاً من ستة لاعبين، بينما تراجع منتخبنا إلى الحضيض.
البعض حاول تحميل لاعبينا الخسارة، والبعض حاول تمرير مصالحه الشخصية بهذه المسألة ليسوّق للاعبين آخرين، لكن الحقيقة التي يجب أن تكون أمامنا في معالجة الخطأ وتقويم سير كرة القدم أن منظومة العمل الرياضي كلها خاطئة من المهد إلى اللحد.
وإذا كان التعاقد مع نبيل معلول خطيئة لا تغتفر، وقد تنصل المكتب التنفيذي من مسؤوليته في العقد، فإن العقد مع تيتا يعتبر جريمة ومصيبة وكارثة، وجرى بمباركة من الاتحاد الرياضي العام.
وإذا كنا قد حمّلنا أسباب الفشل والإخفاق في المرحلة السابقة لاتحاد كرة القدم المستقيل، فإننا لم نعالج هذه الأخطاء الكثيرة باللجنة المؤقتة التي زادت الطين بلة، وتبيّن بما لا يدع مجالاً للشك أن المعالجة ضعيفة، وأن المصالح الشخصية طغت على كل مفاصل اللعبة، لدرجة أن الأخطاء تنامت وكثرت، ولو كانت هذه الأخطاء عن جهل لقلنا نحن بحاجة للعالمين بأمور الإدارة والتنظيم، ولكن على ما يبدو أن الكثير من الأخطاء ربما كانت متعمّدة في سبيل تمرير المصالح الشخصية، وقضية نسيان جوازات السفر تثير الشك والريبة، وتصريحات إياز عثمان ترفع مئات إشارات الاستفهام، وتصريحات المدرب غير العقلانية تحبط منتخب البرازيل، كل ذلك يحدث أمام الجميع دون أي خجل من تصرفات أقل ما يقال عنها إنها معيبة ولا تصب بمصلحة الكرة الوطنية.
منذ عامين ونحن نجرب مدربين ولاعبين، لدرجة أن القائمين على كرتنا جربوا نصف لاعبي الدوري الممتاز بمعسكرات كثيرة أنفقوا عليها الأموال الطائلة التي لو تم تخصيصها لتطوير كرة القدم لوجدنا ملاعب صالحة وآليات عمل محترفة بفرق القواعد، لكن الهدر كله كان لجيوب المنتفعين وسياحتهم الداخلية والخارجية، ولتسويق العديد من اللاعبين، والدليل أنه من مئة لاعب تم تجريبه محلياً، لم يختر تيتا منهم إلا لاعبين على عدد أصابع اليد، وأغلبهم حراس مرمى.
يأتي ملف المغتربين ليفيض بروائح الفساد، والمشكلة أن كل من يمارس هذا التسويق بات مكشوفاً وواضحاً للعيان، ولو أنهم أرادوا الخير لمنتخبنا لاختاروا حارس مرمى ومدافعين مغتربين بدل المهاجمين، إذ يعاني منتخبنا من تخمة في هذا المركز، مع العلم أن “مشكلة مشاكل” منتخبنا هي بالخطوط الخلفية.
الحقيقة أن كرة القدم ليست بأيد أمينة، والفساد باتت روائحه تطغى على كل الملفات، ولأن القائمين على الرياضة لم يحاسبوا الاتحاد الكروي المستقيل الذي اتهموه بالفساد علانية، فإن كرتنا لن تعرف الطريق المستقيم، ولن تعرف الدواء لأمراضها، فمرضها هو الفساد، وعندما نكافح الفساد نصل إلى النقاط التي يجب أن نتبعها لتطوير كرة القدم، وستخرج اللعبة من النفق المظلم الذي تعيشه.