اقتصادصحيفة البعث

 حلول ترقيعية..!

علي عبود 

لم يرتق مجلس محافظة دمشق خلال السنوات العشر الماضية إلى مستوى اتخاذ قرارات تحلّ مشكلات مزمنة كالنقل العام، وبدلاً من الاستفادة من الإمكانات المتاحة لحلّ أزمات المواطنين انشغل المجلس، إما بانتقاد أزمات الجهات الحكومية الأخرى، أو بزيادة الجباية المالية من المستثمرين والمواطنين!

ومن الملفت أن تتحوّل صالات “السورية للتجارة” إلى الشغل الشاغل لبعض أعضاء مجلس المحافظة، ففي كل دورة يقترحون تسليمها للقطاع الخاص، وكأنّه أرحم من الحكومة على عيش الناس. ولفتنا أن يخصّص مجلس المحافظة مع بداية العام الجديد جلسة كاملة لقضايا المرور، وتوقعنا أنه قرّر أن يفعلها أخيراً ويقرّ التوصيات المؤجلة منذ سنوات والكفيلة برفع معاناة الناس..، فهل فعلها؟.

ما اكتشفناه من المداخلات أن أعضاء مجلس المحافظة انشغلوا بتفاصيل صغيرة، رغم أهميتها، لا تحلّ أزمة النقل في العاصمة وضواحيها، كالتركيز على تركيب عدد من المطبات وإنارة للأعمدة في عدد من الأحياء، ومدّ قمصان إسفلتية.. دون أن ينسوا تقديم مقترحات لبعض الوزارات كالنقل، والطلب منها إيجاد حلّ لإشكاليات الدفع الإلكتروني.

وعندما يطالب أعضاء مجلس المحافظة بضرورة وصول السرافيس من ريف دمشق إلى مركز العاصمة، أو بضبط الأسعار التي يتقاضاها أصحابها، وبحلّ مشكلة الفانات الصغيرة التي تعمل على بعض الخطوط، فالسؤال: هل هكذا تُحلّ أزمة النقل؟.. بل إن بعض الأعضاء تحولوا إلى بريد للشكايات الشخصية!!.

ونتفق تماماً مع ما كشفه رئيس فرع المرور في ردّه على مداخلات وطروحات أعضاء مجلس محافظة دمشق، فقد أكد أن مشكلة النقل في مدينة دمشق كبيرة وليست آنية، وكل ما يتمّ عمله من إجراءات هو ترقيع في الحلول المرورية.

نعم..، الحل الجذريّ لأزمة المرور في مدينة دمشق هو الميترو أو القطار الكهربائي، وكل حلول أخرى هي ترقيعية لن تنهي الأزمة. أما العذر الأقبح من ذنب فهو تبرير الجهات الحكومية المعنية بأنه تمّ إلغاء مشروع الميترو بسبب تكاليفه العالية من جهة، ولأن سعر البطاقة غالٍ لا يناسب دخل المواطنين من جهة أخرى.. فهل هذا صحيح؟!!

من يُسوف بتنفيذ مشروع الميترو منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما كانت تكلفته زهيدة مقارنة باليوم، سيبقى يخلق الذرائع والمبررات كي يبقى مشروعاً مؤجلاً إلى الأبد. أكثر من ذلك..، فإن مجلس المحافظة يُسوف منذ أعوام بتنفيذ مشروع “التكسي سرفيس” الذي يتيح تحويل أكثر من 35 ألف سيارة أجرة إلى ما يوازي 2200 باص فعلية لتخديم دمشق وضواحيها!.

الخلاصة.. أزمة النقل في دمشق من سيئ إلى أسوأ، لأن مجلس محافظة العاصمة منشغل بكل شيء ثانوي باستثناء حلّ مشكلة النقل، إلى حدّ لم يكترث بحرمان أحياء مكتظة بالناس من خدمة النقل العام التي كانت متاحة لسكانها على مدى عقدين من الزمن.