الفرص الضائعة..!
علي عبود
كشفت أيام معرض المنتجات الإيرانية في دمشق عن الفرص الضائعة التي لم تستثمرها الجهات المعنية، سواء في القطاع العام أم الخاص. ومع أن رئيس الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة كشف عن توقيع عدة مسودات عقود على هامش المعرض، فقد مرّ أكثر من شهرين دون أن نرى أي نتائج ملموسة على صعيد تطور العلاقات التجارية، كتوريد بعض المواد والمعدات الصناعية والزراعية، والسلع الغذائية. وبدا واضحاً أن تجارنا فوجئوا بالمواصفات العالية للمنتجات الإيرانية المصنّعة من شركات عملاقة كانوا ولا يزالون يستوردونها من دول أخرى بأسعار أعلى وكلف أكبر. ومع أن الفرص كانت ولا تزال متاحة لإقامة معارض للبيع بين البلدين فقد أهدرت جهات حكومية وخاصة هذه الفرص، ولا يبدو أنها واردة بفعلها في الأمد القريب.
ومن الملفت أن يكرّر التّجار وجود صعوبات تعرقل التبادل التجاري دون أن يبادروا إلى تذليلها لدى الجهات الحكومية في البلدين، بما يتيح وصول السلع والمنتجات بسهولة إلى أسواق سورية وإيران. وتوقعنا أن يجد إعلان المدير العام لمنظمة تنمية التجارة في إيران، حول تأسيس بنك مشترك، طريقه للتنفيذ بما أنه أداة فعّالة لتيسير التبادل التجاري بالعملتين المحليتين للبلدين، حيث سيستطيع التاجر والصناعي والفعاليات الاقتصادية تحويل الأموال عبر هذا البنك وإبرام عقوده عن طريقه، وبالتالي نسأل: من يهدر فرصة إقامة البنك المشترك؟
الجانب الإيراني أكد أن هناك وعوداً للإعلان عن تأسيس البنك المشترك في بداية العام الحالي، لكن لا توجد بوادر مشجعة للتنفيذ حتى الآن..، فلماذا؟!
وإذا كان البلدان يسعيان إلى رفع التبادل التجاري إلى 1.5 مليار دولار في غضون السنوات الثلاث المقبلة، فإنه ما من مؤشرات على تحقيق هذا الهدف المتواضع جداً!
أما الاتفاقيات الأربع التي وقعتها سورية وإيران لتنمية التجارة بينهما فلا نتائج لها حتى الآن، وهذا يعني المزيد من الفرص الضائعة. ومن يتابع التصريحات يستنتج بسهولة أن الفرص لزيادة حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين كبيرة وواعدة، لكن ما من جهود ولا آليات لترجمة الأقوال إلى أفعال، فلماذا؟
وإذا كانت العقبة الرئيسية التي تحول دون تفعيل التبادل التجاري وتوطين الأنشطة الاستثمارية بين الجانبين تقتصر، برأي رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، على الشحن والنقل، فهل تذليل مثل هذه العقبات مستحيل؟
ومن الملفت أن يعترف رئيس اتحاد غرف التجارة بأن “الكرة اليوم بملعب رجال الأعمال والفرص كبيرة وواعدة ولدينا الإمكانيات الكافية لتطوير العلاقات..”، لكن السؤال: وماذا بعد الاعتراف؟
نعم!! المطلوب طرق جديدة لتسويق المنتجات بين البلدين، وألاَّ تنتهي الاجتماعات بتوقيع البروتوكولات، بل يجب أن يكون هناك متابعة لما فيه مصلحة البلدين، وهذا لم نلمسه حتى الآن، فلماذا؟
الجواب قد يكون غالباً بغياب الإرادة الجادة، فبدونها ستبقى الفرص الكبيرة والواعدة بين البلدين مهدورة وغير مفعلة.
لا شك أن هناك خللاً بمتابعة الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين وبتنفيذ المشاريع المشتركة وفق برامج زمنية محدّدة، ولو اهتمّ الجانبان بمواصلة التنسيق لتذليل الصعوبات التي تعترض التنفيذ، لكانت النتائج مثمرة ولما أهدرا الفرص الكبيرة والواعدة، والسؤال: ما القطبة المخفية التي تعرقل تعزيز التبادل التجاري؟!
وإذا كان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك خاطب رجال الأعمال الإيرانيين بالقول: “بناءً على ما لمسته أستطيع القول بكل ثقة إنه يمكنكم البدء بعقد صفقات واستثمارات ناجحة، حيث سيذلل الطرفان كل الصعوبات التي تعترضكم..”، فإن السؤال: لماذا لم تُبرم أي صفقة خلال الأشهر الماضية؟
ألا يعني هذا أن الصعوبات لم تُذلل، أو أن المساعي غير جادة لاستثمار الفرص الواعدة والكبيرة، وبالتالي لا نزال في مرحلة هدر الفرص الضائعة؟!!
الخلاصة.. أكد وزير الاقتصاد السوري للشركات الإيرانية أن فرصة الاستثمار في سورية كبيرة، وهناك الكثير من القطاعات الواعدة، والسؤال: ما الآليات التي وفرتها الجهات الحكومية للشركات الإيرانية وخاصة العملاقة منها للاستثمار في سورية؟