دراساتصحيفة البعث

بايدن.. جردة حساب في الرئاسة الأمريكية

محمد نادر العمري

أظهرت السنة الأولى من إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تناقضاً كبيراً، بين المعطيات التي قدّمتها الجهات الرسمية وتلك التي قدّمتها وسائل الإعلام ومراكز الاستطلاع، بما فيها وكالة “أسوشيتد برس”، حيث أظهر تحليل للوكالة نهاية كانون الثاني الفائت، أن الولايات المتحدة حلّت في مرحلة متأخرة نسبياً بعد بعض البلدان فيما يخصّ معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا، وفيما ازداد النمو الاقتصادي، ازدادت أيضاً معدلات التضخم، وخرجت الولايات المتحدة من أفغانستان، ولكن بشكل مثير للجدل. وقد نجحت الإدارة بإقرار قوانين للمعونة الاقتصادية وقوانين أخرى خاصة بالجائحة، لكن هذا النجاح كان على حساب  التشريعات الهادفة لتعزيز مشاريع الرئيس الاجتماعية والمناخية التي تقلّصت أولاً قبل أن تتوقف، وهو ما يؤكد أن الأرقام ارتفعت إيجابياً، ولكن على أسس هشّة وهي إنجازات آنية.

وبالاستناد للغة الأرقام، أظهرت وسائل الإعلام الأمريكية الحقائق التالية:

  • إن معدل التطعيم في الولايات المتحدة لم يتجاوز 63%، وهي متأخرة عن بلدان مثل الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكمبوديا وكندا والصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والنرويج وكوريا الجنوبية وسويسرا والمملكة المتحدة، والتي تفاوتت في نسب تطعيمها بين 69% إلى 94%.
  • على الجانب الاقتصادي صحيح أن معدل البطالة انخفض لقرابة 3.9%، ويظهر انخفاضاً في معدل البطالة بشكل يمثل نقطة بارزة للسنة الأولى لبايدن، حيث ورث الرئيس الأميركي اقتصاداً “مصاباً” بالفيروس التاجي، فقد بلغت نسبة البطالة 6.4% قبل استلامه للمنصب. ولكن الذي حصل أن حكومة بايدن في العام الماضي أجبرت أصحاب العمل على إضافة 6.4 مليون وظيفة إلى الاقتصاد ما أدى إلى انخفاض البطالة إلى أقل بكثير من معدل 4.6% الذي كان مكتب الميزانية في الكونغرس يتوقعه، ولكن مقابل إعفاء هذه المحال من الضرائب، وهو ما سينعكس على ميزانية أميركا أولاً ومن ثم على هؤلاء العاملين المؤقتين في حال قرّر عودة فرض هذه الضرائب على هذه المحال. وفي السياق ذاته ارتفع التضخم إلى 7 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ ما يقرب من 40 عاماً. وأدى ارتفاع الأسعار إلى رفض بعض الأميركيين للقيادة الاقتصادية لبايدن، وهو ما بيّنته شبكة “فوكس” الإعلامية. وفي تقرير لجامعة واشنطن قال بعض الخبراء الاقتصاديين البارزين إن ارتفاع الأسعار كان علامة على أن حزمة الإغاثة التي تقدّمها إدارة بايدن كانت كبيرة للغاية.

تنازل بايدن في قوانينه

تريليون دولار هي تكلفة قانون البنية التحتية لبايدن التي أقرّت من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، رغم أن الرئيس طلب مبلغ 2.3 تريليون دولار في البداية، لكن من أجل الوصول إلى إتفاق، اضطر بايدن للتراجع. كما تمّ التراجع عن مبلغ 1.8 تريليون دولار الذي طلبته الإدارة لمجموعة من المبادرات الاجتماعية والمناخية، وهو ما يعني تقديم تنازلات للجمهوريين في القوانين التي وعد بها.

الانسحاب من أفغانستان

حيث مثلت بيانات الانسحاب ضعفاً في الإدارة والتنسيق والمحاسبة، خاصة وأن هذا الانسحاب ولد 23 حالة وفاة للجنود والمدنيين الأمريكيين خلال إجلاء الولايات المتحدة لأكثر من 124 ألف شخص من أفغانستان. وقتل خلال عمليات الإجلاء ما لا يقلّ عن 169 أفغانياً، علماً أنه لقى أكثر من 2460 من أفراد الخدمة الأميركية مصرعهم فى أفغانستان خلال الحرب التي استمرت عقدين من الزمان، وأبدت سيطرة المتطرفين والتفجيرات التي حصلت أثناء وبعد الانسحاب مدى النفاق السياسي الأمريكي الذي برز في ولاية بايدن.

الهجرة والمخاطر الأمنية

قرعت العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية الأمريكية ناقوس الخطر حينما تمكن نحو مليوني شخص من عبور الحدود في الجنوب الغربي للولايات المتحدة، حيث أكدت “سي إن إن” أن المهاجرين بدؤوا بالتدفق عبر الحدود بمجرد أن أصبح بايدن رئيساً. وفي الأشهر الأربعة الأولى للإدارة الجديدة، سجلت المواجهات الحدودية بين الحرس الأميركي والمهاجرين أربعة أضعاف الرقم الذي سجلته الأشهر العشرة الأخير للرئيس السابق، دونالد ترامب. وهو ما يزيد من تسرّب إرهابيين أو تجارة الحدود في ظل العبور الكبير لهؤلاء، فضلاً عن زيادة احتمالات حصول حروب أهلية.

مرشحو بايدن في الكونغرس

استغرق مرشحو بايدن ما متوسطه 103 أيام للحصول على موافقة مجلس الشيوخ ليتمّ تثبيتهم، وهذا أطول من المتوسط بالنسبة للرؤساء في السنوات الأولى من الإدارات الست السابقة، وأطول بثلاث مرات تقريباً مما كان عليه خلال السنة الأولى من ولاية رونالد ريغان، وفقاً لتحليل أجراه مركز الانتقال الرئاسي التابع للشراكة من أجل الخدمة العامة، خاصة وأن 85% منهم هم مسؤولون سابقون في إدارتي أوباما مما يعني أن بايدن لم يقدّم فكراً وسياسة جديدة.

المؤتمرات الصحفية

أجرى الرئيس 22 مقابلة إعلامية خلال عامه الأول، وهذا عدد أقل من المؤتمرات الصحفية مقارنة بخمسة من أسلافه الذين سبقوه مباشرة في الرئاسة، خلال المرحلة نفسها من رئاستهم، وهو ما يعني ضعف شخصية بايدن أو خوفه من وسائل الإعلام أو بسبب مرضه الذي مازال يتستّر عليه!.