دراساتصحيفة البعث

هل ستتعدّد جبهات الصراع في العالم ؟

ريا خوري

نتيجة للحراك السياسي الذي يترافق مع حراك عسكري أمريكي ومحاولة عرض العضلات أمام روسيا، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وضعت خطة جديدة هدفت من خلالها توجيه رسالة إلى كل من روسيا والصين بأنها قادرة أن تخوض حرباً على جبهتين بكل الوسائل العسكرية المتاحة وعلى كل المستويات في وقتٍ واحد. فعلى الرغم من أن جبهة أوكرانيا ملتهبة وباتت على صفيح ساخن، فإن الولايات المتحدة التي تريد تمدد حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى حدود روسيا الغربية، تخوض معركة مماثلة مع جمهورية الصين الشعبية للحيلولة دون تطور وتمدد تقنياتها الاقتصادية الذكية والتجارية والسياسية والاستثمارية إلى مختلف دول العالم، من خلال إقامة علاقات واسعة وتحالفات وشراكات وثيقة مع أستراليا والهند واليابان، لمواجهة تصاعد القوة الصينية.

تلك الرسالة كانت مقابل ما قام به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة الروسية موسكو، من تجديد رفضه تمددَ حلف شمال الأطلسي (الناتو) باتجاه روسيا ونشر أسلحة هجومية على حدودها، محذراً من قيام نزاع عسكري مع الحلف بسبب المخططات العسكرية لأوكرانيا تكون نتائجها خطيرة على العالم. فكان الموقف الفرنسي على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون أنه تقتضي الحاجة لآليات جديدة لتحقيق الأمن والأمان في أوروبا، مقترحاً على الرئيس بوتين ضمانات أمنيةً ملموسة.

ونتيجة لذلك اللقاء أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن بعض الاقتراحات الأمنية التي تقدمت بها روسيا إلى الغرب غير مقبولة بالنسبة لها والأعضاء الآخرين في حلف شمال الأطلسي (الناتو). لذا فما كان من وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، أن أجرى محادثات مع وزراء خارجية تحالف “كواد” الذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأستراليا والهند، حال وصوله إلى أستراليا، بهدف التأكيد على أنَّ هناك احتمال قيام روسيا (بغزو) أوكرانيا وهذا يقع في صلب اهتمامات الحكومة الأمريكية، وهي محاولة تأجيج الوضع وصب الزيت على النار. غير أن الأهم من ذلك أنه تم التشديد على أن الأهمية الأكبر التي توليها الولايات المتحدة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ يتجلى في مواجهة الصين وهذا الهدف لا يزال قائماً، على الرغم من جميع المستجدات الأخيرة في أزمات شرق أوروبا والشرق الأوسط. وفي محاولة جديدة لتبيان قوة الولايات المتحدة أنها ما زالت قائدة العالم وأنها القطب الأوحد، جاء تصريح وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر معركتها الأساسية ضد الصين وروسيا واحدة، على الرغم من اختلاف المسافات والأسباب.

لذا فإن المعركة مع الولايات المتحدة الأمريكية – حسب وزير الخارجية الأمريكي – أكانت في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي وتايوان، أم في أوكرانيا وشرق أوروبا، لا تنفصلان، لأن أي طرف ينتصر في معركة سوف تنعكس نتائجه على الطرف الآخر بكل تأكيد. ىهذه العنجهية الأمريكية جاءت بخطاب بروبوغندا لإشعار العالم أن نجمها لم يأفل بعد، متناسين حجم روسيا والصين.