الاهتمام بالاعتمادية السورية لشركات البرمجة بات ضرورياً لمواجهة العقوبات “المعلوماتية”
تتطور الحاجة للبرمجيات الحاسوبية يوماً بعد يوم، وتتعقد المتطلبات منها، بحيث لا قدرة لشركات بسيطة أن تنتجها بالسرعة والكفاءة المطلوبتين، وزيادة على ذلك فإن تغيير المتطلبات من البرمجيات بات أمراً حتمياً أثناء عملية التطوير، ويحتاج إلى إدارة معقدة للتغيير.
التحول الرقمي
محلياً، تتطلع الحكومة حالياً لتطوير برمجيات تخدمها في عملية التحول الرقمي ذات المتطلبات المعقدة التي تستخدم فيها أحدث التقنيات الموجودة عالمياً، مع اعتمادها على الكوادر السورية في القطاعين العام والخاص بسبب خذلان الشركات الأجنبية، ورضوخها للعقوبات الأمريكية ضد سورية، وهذا ما يشكّل مصدر قلق من إنتاج برمجيات لا ترقى إلى النوعية المطلوبة، أو تؤدي إلى تأخير كبير في استلامها، ما يؤخر بالنتيجة الاستفادة منها، لذلك كان لزاماً على الحكومة ألا تقبل أن تقوم شركات غير ناضجة كفاية أو ذات خبرة بإنتاج البرمجيات المطلوبة التي تحقق الأهداف المرجوة، الأمر الذي أدى إلى صدور القرار رقم 40/15/ب تاريخ 6/11/2021 الذي يشجّع الشركات الوطنية على الحصول على اعتمادية تثبت نضجها وقدرتها على إنتاج برمجيات كفوءة وضمن الوقت المتفق عليه، ولتسهيل الأمر وتخفيض الكلفة، أطلقت الحكومة مشروع الاعتمادية السورية لشركات البرمجة في القطاعين العام والخاص.
معايير يجب توفرها
وبيّن المهندس محمود الياس مدير مشروع الاعتمادية في الجمعية العلمية السورية أن الجمعية أخذت على عاتقها تدريب الخبراء والشركات بالاعتماد على خبراء مشهود لهم بالكفاءة والخبرة الطويلة في التدريب والتعليم، مشيراً إلى أن لدى الجمعية استعداداً كاملاً للتدريب على أية مفاهيم أو أدوات تقترحها الشركات وإن لم تكن على لائحة التدريب المعلنة، موضحاً أن الجمعية تتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة بوضع المعايير الواجب توفرها في الخبراء المعتمدين لديهما للحصول على النتائج المرجوة، كما تراجع الجمعية تقارير هؤلاء الخبراء حين طلب الشركات منها ذلك، وكذلك تشرف على تدريب لجان الاختبار، ومراجعة تقارير الاختبارات، وصولاً إلى قرار منح الاعتمادية أو حجبه في حال لم تتوفر المعايير.
الحصول على الاعتمادية
وعن طريقة الحصول على الاعتمادية، بيّن الياس أن شركة البرمجة تبدأ باختيار خبير لملازمتها خلال المرحلة القادمة لتطوير قدراتها، حيث يمكن اختيار الخبير من قائمة الخبراء المرشّحين من وزارة الاتصالات والتقانة، ومن الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، أو يمكن أن يكون خبيراً معروفاً للشركة وتثق بقدراته، ويُجري الخبير تقييماً شاملاً للشركة، ويحدد مدى قربها أو بعدها عن الاعتمادية، ويضع خطة لتغطية النواقص الموجودة، وقد تشمل هذه الخطة التدريب على مجموعة من الأدوات البرمجية، وعلى مجموعة من أفضل الممارسات التي تفضي في النهاية إلى سد الثغرات الموجودة في ممارسات الشركة، مضيفاً: عندما يجد الخبير أن الشركة غطّت جميع النواقص لديها، وأصبحت مستعدة لخوض الاختبار، قد يكون مفضّلاً إجراء اختبار أولي هو أرخص كلفة، ويعطي تقييماً كاملاً من خبير آخر معتمد من الوزارة والجمعية.. الاختبار الأولي عبارة عن صورة مصغّرة من الاختبار النهائي، إلا أنه لا يحتاج سوى إلى يوم واحد من الاختبارات، إذا جاءت نتيجة الاختبار الأولي سلبية، ويتم وضع خطة تصحيح يجب على الشركة اتباعها لتغطية النواقص التي ظهرت، أما إن كانت النتيجة إيجابية فهذا مؤشر جيد لتشجيع الشركة على خوض غمار الاختبار النهائي.
الخطوة الإلزامية
وبيّن مدير مشروع الاعتمادية في الجمعية العلمية السورية أن الاختبار النهائي هو الخطوة الإلزامية الوحيدة للشركات للحصول على الاعتمادية، وهو يتطلب عملاً من لجنة مؤلفة من خمسة خبراء هم: (رئيس اللجنة وعضوان من خارج الشركة، وعضوان آخران من داخلها) لمدة ستة أيام على مشروعين أو ثلاثة من مشاريع الشركة، تدرس فيها كامل القواعد والممارسات المعتمدة، وتصدر النتيجة على شكل تقرير يوضح كافة النواقص (إن وجدت)، وقرار منح الاعتمادية أو حجبها، وتصدر الاعتمادية في النهاية مصدقة من الوزارة أصولاً.
النهوض بالعمل البرمجي
وأشار الياس إلى أن الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية أجرت دراسة لسوق البرمجة السورية بيّنت نتائجها أن هناك 60 شركة برمجة عاملة في السوق، 30 منها اهتمت بالاعتمادية، وحضرت ورشات العمل بهذا الخصوص، موضحاً أن التدريبات غير موجّهة للمؤسسات الحكومية فقط، بل إلى شركات البرمجة ككل (حكومية وخاصة)، وقد أبدت شركتان حكوميتان رغبتهما لطلب الاعتمادية، ولكن لم تسجلا إلى الآن، فيما سجلت بشكل فعلي خمس شركات خاصة حتى تاريخ إعداد هذه المادة.
منتدى صناعة البرمجيات
وعن خطة الجمعية للتوسع بموضوع الاعتمادية، أوضح الياس أن الجمعية لن تكتفي بتدريب الشركات والتحضير للاختبارات والإشراف عليها، بل تسعى للعودة لمشروع قديم هو “منتدى صناعة البرمجيات” الذي تبني الأمل عليه لجمع شركات البرمجة، والنهوض سوياً بالعمل البرمجي.
الياس ذكر أنه سبق للجمعية ووزارة الاتصالات والتقانة أن أدارت الاعتمادية في عام 2010، لكن الشركات التي حصلت على الاعتمادية حينها فقدت الصلاحية لأن مدتها 3 سنوات فقط، وكما ذكر فإن هناك خمس شركات سجلت فعلاً في طلب الاعتمادية من أصل 30 شركة مهتمة، وهذا أمر طبيعي لأن الخضوع لمجموعة كبيرة من المعايير والممارسات الجيدة أمر صعب للغاية، ويحتاج لشحذ همم العاملين ضمن الشركات، ناهيك عن كلفة مادية ستصرف على التدريب والاختبارات.
أخيراً، من المناسب الإشارة هنا إلى أن اللجنة العليا للتحول الرقمي شددت في اجتماعها الأخير الذي عقد في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري على “بناء خطة وطنية للتحول الرقمي للخدمات لكل وزارة تتوافق مع استراتيجية التحول الرقمي للخدمات الحكومية، وبما يضمن إقرار استراتيجيات قطاعية موثقة ومتناسقة مع بعضها البعض”، وأكدت على ضرورة المتابعة المستمرة، والمعالجة المباشرة للمعوقات والصعوبات القائمة لإطلاق المشاريع خلال المدد الزمنية المحددة، خاصة مشروعي مركز التصديق الالكتروني والناقل الحكومي.
ميس خليل