“أمجاد العرب” تعيد الممثّلين الأطفال إلى خشبة المسرح
عروض مسرحية كثيرة قدمت في الآونة الأخيرة تحت مسمى مسرح الطفل، وهي في معظمها لم تأت بجديد من حيث الفكرة أو الأداء إلا فيما ندر، فالموضوع الغالب كان غابة صغيرة، وفلاحاً فقيراً، وأميراً متسلّطاً، وحيوانات مؤنسنة، وما إلى ذلك، ولكن اليوم، على خلاف السائد، قدمت فرقة “آرام للفنون المسرحية” برعاية محافظة دمشق عرضاً مسرحياً من الأطفال وللأطفال بمشاركة عدد من الممثّلين هم: تاج الدين ضيف الله، وطلال محفوض، ونعمة ومصطفى وزياد عيروض، وتيسير تغلبي.
يحكي العرض قصة مجموعة مؤلفة من أربعة صبيان وبنت واحدة هم: علي ملحم، وحمزة دوس، وغريس صالح، وجورج مصلح، ومحمد عواطة، تختارهم المعلمة للمشاركة في الكشّافة، والبحث عن كنز مفقود، وفي الطبيعة يتوهون قليلاً فيتكفّل طفل منهم بمهمة تحديد الاتجاهات بواسطة حاسوبه، لكن الحاسوب لا يسعفه بشيء أبداً، فيعتمدون على خبراتهم ومهاراتهم وذاكرتهم في تذكّر ما قاله المشرف من كلمات دلالية ومفتاحية للوصول إلى الكنز، وهذا ما يحدث فعلاً، يجدون الكنز ويصدمون الصدمة الكبرى، فلا نقود ولا أموال ولا ذهب ولا حواسب، بل هو كتاب قديم مغطّى بالغبار، يمتعض الصغار ويتجادلون ثم يقررون فتح الكتاب الضخم، ويقرؤون ما فيه من معلومات قيمة حول تاريخ العرب وأمجادهم، وغنى هذا التاريخ بشخصيات أدبية وعلمية عظيمة، ويعيشون بخيالهم تلك الأيام، وهنا يدخل الممثّلون، ويؤدي كل منهم دور شخصية من هذه الشخصيات وهي: “صلاح الدين الأيوبي، وأبو العلاء المعري، وابن سينا، وابن بطوطة”، ومنها ينتقل الحوار إلى القضية الفلسطينية التي لم يعد أطفالنا والكثير من اليافعين يعرفون شيئاً عنها.
اعتمد كاتب العرض ومخرجه مؤيد أحمد على اللغة العربية الفصحى لغة للحوار، لغة أتقنها الأطفال الممثّلون في زمن بات أدباء كبار لا يستطيعون قول جملتين كاملتين غيباً بالفصحى، وتخللت العرض فقرات راقصة قدمها أطفال من الفرقة، وهي من تصميم وتدريب ضياء قاووق، ونعمة مصطفى، أما الأغنيات فهي عمل خاص بالفرقة أيضاً، والتأليف والتوزيع الموسيقي لمحمد هباش واستديوهات السيد.
تضم الفرقة ممثّلين، وراقصين، وشريحة من نقابة الفنانين، وخريجين وهواة وأطفالاً، يحاول أحمد التوجه إلى مسرح الطفل لأسباب عدة، يوضح: لدي عتب كبير جداً لأن شريحة الأطفال من أخطر الشرائح وعلينا الاهتمام بها كثيراً، وعتبي على الجهات الراعية لمسرح الطفل الذي لم يعد يشاهد في المسرح إلا ممثّلاً يرتدي زي دبدوب، أو ساحراً شريراً، وكلها لا تجدي نفعاً، يجب أن أعطيه معلومة، مضيفاً: منذ أحد عشر عاماً حتى الآن نسينا في مسرح الطفل أموراً كثيرة، منها أننا خط مقاومة، وأننا بلد غني بالعلماء والشعراء، الناس تبرر هذا الاستسهال بأننا كنا في حرب، وهمنا أن يضحك الطفل ويفرح، ولكن ها قد انتهينا من الحرب، ماذا نفعل الآن؟ أنا أحاول أن أعيد الطفل إلى الكتاب لا إلى الأنترنت ومحركات البحث التي في غالبيتها مسيّسة وتشوّه المعلومات، نحن أردنا ترسيخ اللغة العربية التي بدأ الطفل ينساها، وتنمية مداركه، فهو من سيقودنا في المستقبل.
وتوجّه أحمد إلى الجهات الراعية للثقافة بضرورة التأكيد على ثقافة الطفل وترسيخها بشكل مدروس أكثر، مضيفاً: يجب الانتباه إلى فئة مظلومة هي الأطفال ما بين صف السادس والتاسع أو العاشر حتى، الطفل في هذه المرحلة يستوعب الكثير.
نجوى صليبه