الطفرات لا تدوم..!.
حسن النابلسي
لنتفق بداية على أن المعنى الحقيقي لمصطلح “رجل الأعمال”، يندرج ضمن ثلاث مستويات لتكوين الثروة..
يتمثل الأول بإقامة مشاريع صغيرة أو متوسطة في بلاد الاغتراب يتم تطويرها حتى يصبح رائدها رقماً صعباً في عالم المال والأعمال، ثم العودة إلى البلد الأم والاستثمار فيها والوصول إلى مرحلة يضحي فيها مؤسسها بعد الاغتراب أحد أبرز أركان الاقتصاد الوطني.
المستوى الثاني تكوين الثروة في البلد الأم عبر مشاريع تجارية وصناعية.
المستوى الثالث تكوين الثروة من خلال المزج بين العلم والعمل بالتوازي مع ما وفرته البيئة التي يعيش فيها من مقومات تساعد على تطوير النشاط الاقتصادي.
وإذا ما أسقطنا ذلك على المشهد العام لقطاع الأعمال في سورية نخلص إلى نتيجتين: الأولى أننا سنجد – للأسف – أن عددا قليلا جدا ممن تبقى من “رجال الأعمال” الحقيقيين (بالكاد يصل لعدد أصابع اليد الواحدة!!) يمكن تصنيفه في هذه المستويات، مع الإشارة هنا إلى وجود شخصيات بالفعل تدرج وبكل تأكيد في هذه المستويات!!
النتيجة الثانية، والنابعة من منطلق أن تكوين الثروة بشكل شرعي لا يأتي إلا عبر مسيرة وجهد مضنيين يؤصلان هذه الثروة، هي أننا أمام منزلق انعدام شريحة “رجال الأعمال المؤصلين” على حساب ظهور نظراء لهم بشكل مفاجئ…!.
أمام هذا الواقع يبرز رأيان: الأول يحذر من الانعكاسات السلبية لانحسار الرعيل الأول من رجال الأعمال على التنمية الحقيقية، كون رواده لم يتصدروا الواجهة إلا بعد عناء طويل.
بينما يبث الرأي الثاني جرعة من التفاؤل بتبنيه نظرية أن الـ “طفرات” لا تدوم، نظراً لهشاشة أساسها القائم على ثروة لم يتم تكوينها من مشاريع تنموية حقيقية.
وفي خضم هذا المشهد، نجد أن سمة “الطفيلية” لا تزال ملازمة لقطاع الأعمال الذي لم نشهد له ذلك الدور الموائم لسمة “الشراكة” مع الحكومة في العملية التنموية. ولعل هذا الأمر يتبدى واضحاً من خلال سلسلة الاجتماعات المتكررة للحكومة مع رؤساء وأعضاء اتحادات الغرف، إذ لم يرشح عن هذه الاجتماعات أية مبادرة تنموية حقيقية تنفي سمة “الطفيلية” عن هذا القطاع والذي – للأسف – لا يزال يسير على نهج استدرار العطف الحكومي، لاسيما لجهة عدم التواني عن طلب المزيد من “الإعفاءات والتسهيلات والدعم..” وغيرها من الامتيازات ذات المنعكس أحادي الجانب لصالحه فقط..!.
hasanla@yahoo.com