كيف تدمر حملة تشهير إعلامية ألمانية خمسة صحفيين عرب في “دويتشه فيله” بتهمة “العداء للسامية” و”مناهضة إسرائيل”؟!
كارين لويكفيلد ترجمة: مازن المغربي
كان مقال “كيف روجت دويتشه فيله (DW) للكراهية ضد إسرائيل في الأردن” العنوان الرئيسي في المجلة الأمريكية “فايس أونلاين”، في 3 كانون أول 2021. اتهم المقال محطة التلفزيون الأردنية “رؤية” بنشر “معاداة السامية” و”العداء لإسرائيل”. وبعد أيام قليلة، في 7 كانون الأول 2021، تابعت المجلة الادعاء بأن مذيعاً في محطة الجديد” اللبنانية أجج الكراهية ضد إسرائيل.
انضمت صحيفة “بيلد” إلى الحملة، ونشرت مقالاً تحت عنوان “محطة “DW” تدافع عن محطة معادية للسامية” في الضفة الغربية. وكان المقصود محطة أخبار “معاً” التي كانت على مدى أعوام، حالها حال “رؤية” و”الجديد”، شريكة عمل مع محطة “DW” في العالم العربي. قاد بيتر ليمبورغ، مدير “DW”، تحقيقاً خارجياً في الادعاءات. تم تعليق عمل الصحفيين المعنيين، كما تم إلغاء التعاون مع تلفزيونات “رؤية”، و”الجديد”، و”معاً”. وكلف الزوجان بياتريس وأحمد منصور، اللذان يديران معهد “ميند للوقاية”، بإجراء التحقيق. يُعرف أحمد منصور بأنه “الخبير الإسلامي البارز” في الإذاعة والتلفزيون الألماني، وقد أشيد به في مقال حول النقد الذاتي نشرته صحيفة “سود دويتشة”، في 8 شباط 2022، بوصفه “مقاتلاً شرساً ضد معاداة السامية”. وتم ضم وزيرة العدل السابقة، زابين هلويتهويزر – شنارين بيرغ، إلى لجنة التقصي، وهي التي تشغل اليوم منصب مفوضة مختصة بمعاداة السامية في ولاية نوردهاين- فستفالين.
التطهير
قدم فريق التقصي الثلاثي تقريره، في 6 شباط 2022، عبر مؤتمر صحفي رقمي. ويمكن قراءة العديد من التغريدات ومنشورات الفسبوك المغفلة، أو المدعمة بالبيانات، والتي صارت جزءاً من الحملة.
تم إسقاط تهمة وجود نزعات معادية للسامية لدى هيئة تحرير النسخة العربية من “DW”. ومع ذلك، جاء في التقرير إنه كان هناك “سهو وأخطاء، على سبيل المثال، في التوظيف، وفي البحث الصحفي، وفي اختيار ضيوف البرامج”.
بالمقابل، تم تأكيد المزاعم الواردة في مقال مراسل الصحيفة “م. ب” بوصفها “دقيقة”. وكان تعليق عمل المعنيين المتضررين “مبرراً”، إذ يجب إعطاء جميع المحررين “إرشادات مفصلة مع تعريفات وتفسيرات لمعاداة السامية وكراهية إسرائيل وتمييز ذلك عن النقد المبرر لإسرائيل”.
شكر المدير ليمبورغ المحققين، وقال: “حرية التعبير ليست أبداً مبرراً لمعاداة السامية وكراهية إسرائيل وإنكار الهولوكوست”، وأن محطة “DW” ستقوم برسم نتائج واضحة وشخصية أيضاً”. وقد وضعت خطة عمل في “كتالوغ” مكون من 10 نقاط يتضمن، من بين أمور أخرى، “تعريفاً دقيقاً لمعاداة السامية” يتضمن “الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، ورفض إنكار المحرقة والاستخفاف بها”؛ وتابع ليمبورغ أنه في المستقبل، سيكون فريق الخبراء في رئاسة التحرير أكثر اهتماماً بمجالات “معاداة السامية، وحق إسرائيل في الوجود، والمسؤولية تجاه التاريخ الألماني وأنه يجب زيادة عدد العاملين في مكتب المحطة في القدس”. قبل وقت قصير من العرض العام لتقرير التحقيق، تم إبلاغ المعنيين الخمسة، وهم ثلاثة رجال وصحفيتان، بفصلهم عبر الهاتف، وتلك هي الخطوة الأولى قبل بدء إجراءات الطرد. كما قدم رئيس القسم العربي، ناصر شروف، استقالته وقبلتها “DW”. وذكرت وسائل إعلام لبنانية، نقلاً عن مصادر داخلية في المحطة الألمانية، إنه يجب فهم الاستقالة بوصفها احتجاجاً على فصل الموظفين. ويجب الانتباه إلى أن الإدارة وحدها هي التي قررت صرف المعنيين، دون استشارة هيئة التحرير، كما بدأت إجراءات التحقق ضد ثمانية موظفين آخرين. ووفق وسائل إعلام لبنانية، فقد تم طرد اثنين من الصحفيين، كلاهما من أصول فلسطينية ألمانية، كما استقال مدير الأخبار في فريق التحرير العربي من منصبه.
ردود فعل وسائل الإعلام الألمانية
تم الإبلاغ عن القضية على نطاق واسع في وسائل الإعلام الألمانية، كما تم قبول الادعاءات ضد الصحفيين العرب التي قدمتها صحيفة “سود دويتشة”، وتم الترحيب بـ “إقالة” الصحفيين العرب (عدد 8 شباط 2022). لكن لم تكن الإجراءات كافية بنظر البعض، إذ كتب المراسل “م. ب”، الذي أطلق التحقيق بتقريره، أن “DW” كانت لديها “مشكلة جوهرية” أكثر من “القضايا الفردية الصارخة” الخمس التي تم رفضها.
وقال المراسل “س. ب” من صحيفة “برلينر تزايتونغ” أنه كان من المفترض بوسيلة إعلام ضخمة، مثل “DW”، امتلاك خبرة داخلية وتحكم لإيقاف الصحفيين العرب، ولم يكن من المُفترض أن تكون هناك ضرورة لخبرة من خارج المحطة، إذ “افتقدت إدارة القسم العربي إلى القدرات التخصصية والاجتماعية بعد أن تم رصد مواقف معادية للسامية في وسائل الإعلام العربية المتعاونة” مع “DW” في الأردن (..)؛ وتابع قائلاً: لطالما غردت العصافير من فوق أسطح المنازل.
المتضررون
لم يُتح للمتضررين، أو “المتهمين”، فرصة إبداء رأي في وسائل الإعلام الألمانية. لكن من ناحية أخرى، قدمت وسائل إعلام لبنانية وعربية تقارير مكثفة عن تصرفات محطة “DW” ضد الصحفيين. ووفق التقارير، فإن الصحفيين هم باسل العريضي، رئيس مكتب “DW” في بيروت، منذ عام 2019، وداود إبراهيم، مدرس أكاديمية المحطة الألمانية، ومرهف محمود، ومرام سالم (شحاتيت)، وفرح مرقة. وعُرف أثناء كتابة هذا المقال أن الصحفيين الألمان الفلسطينيين، زاهي علاوي وياسر أبو معيلق، قد طُردا بدورهما مع الإشارة إلى أن كليهما عمل في “DW” لمدة 17 و12 عاماً على التوالي.
انتزاع المعطيات من سياقها
شعر أحد المتضررين، داود إبراهيم، الذي كان متعاقداً كمدرس في أكاديمية “DW” في بيروت، والذي طُرد الآن بسبب “معاداة السامية”، بحرية إجراء مقابلة مع قناة “الميادين” الإخبارية اللبنانية. وذكر أن صحفياً ألمانياً اتصل به بشأن تغريدة، كتبها قبل 10 سنوات (2012)، جاء فيها أن “الهولوكوست كذبة”، وهو عدّ هذا رأياً “يندرج في إطار حرية التعبير”. وقال للصحفي إنه كتب هذا “بعد نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة ومهينة سخرت من معتقدات معينة، وشجعت التطرف”. وتم في ذلك الوقت، تبرير هذه الإهانات بوصفها “حرية تعبير”.
كما قال إبراهيم: “أردت من خلال التغريدة أن أتطرق إلى ما إذا كان الرأي بشأن الهولوكوست سيندرج أيضاً ضمن هذه الفئة”. هو مقتنع بوقوع “الهولوكوست”، وقد تم إثباته، لكن “أردت أن أطرح مشكلة في موضوع معين من منظور معين في وقت معين”.
بعد نشر مقالات صحيفة “سود دويتشة تزايتونغ” تحت عنوان “مراسل نظر بعيداً”، طلبت منه “DW” المشاركة في جلسة استماع داخلية.. “لقد فعلت ذلك، وشعرت أنه من المهم جداً شرح الموضوع. فبعد كل شيء، أنا مدرب في مجال صحافة النزاع والصحافة الأخلاقية”.. “ثم طلبت منه لجنة التحقيق جلسة استماع بالفيديو.. وافق إبراهيم بشرط حضور محاميه وتسجيل المقابلة.
رفضت لجنة التحقيق الأمر، فتواصلوا معه عبر البريد الإلكتروني. وأفاد الصحفي أن معظم الأسئلة تعلقت بعمله في أكاديمية “DW”، لكن بعد ذلك أرادوا معرفة “موقفي تجاه حق إسرائيل في الوجود”.
نص العقد المبرم مع “DW” على “احترام قوانين البلدان التي نعمل فيها”، أجاب انطلاقاً من “القانون اللبناني وقرارات جامعة الدول العربية وحق العودة وتقرير المصير”. وتابع الصحفي أن “الاتهام بمعاداة السامية لا ينطبق على اللبنانيين، لأننا “في الأصل ساميون”. أما إذا قام شخص ما بفحص تغريدة عمرها 10 سنوات دون النظر في السياق والتوقيت، فإن الأمر يصبح “معلومات خاطئة ومضللة”.
ففي عام 2012، حين كتب داود إبراهيم تغريدته، وافقت المحاكم في ألمانيا على عرض الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل للنبي محمد، والتي نُشرت لأول مرة في الدنمارك، عام 2005، بوصفها “حرية تعبير”. وفي نفس العام، نشرت مجلة “شارلي إبدو” الفرنسية الساخرة “رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد” أدت إلى احتجاجات عديدة بسبب تعبيرها عن الكره للإسلام. وقدمت “DW” حينئذ تقريراً مكثفاً عن الأمرين.
“حرية التعبير في أوروبا وهم”
كتبت الصحفية مرام سالم، في أيار 2021، على قناتها على “تيك توك” أن المراسل “م. ب” عثر على التغريدة، وأبرزها إلى جانب إدخالات أخرى من سنوات مضت، الأمر الذي أدى الآن إلى إنهاء عملها. قدمت مرام من الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وجاءت إلى محطة “DW” من خلال فترة تدريب، إذ تم تعيينها في أوائل عام 2020. وقالت لقناة الجزيرة الإخبارية القطرية إنه كان هناك دائماً رقابة.
فإذا أردنا التحدث عن القضية الفلسطينية، ثمة الكثير من الخطوط الحمراء. فـ “في النهاية، يتعين علينا استخدام المداورة حتى لا يتم طردنا أو ترحيلنا”. وحين تصاعدت الأحداث في القدس وقطاع غزة، في أيار 2021، قيل لها إنها “لا تستطيع أن تكتب أن إسرائيل تقتل الأطفال، لأن هذا يعني معاداة السامية. بل وحتى إن كتبت عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، يمكن اتهامك بمعاداة السامية”.
في نيسان وأيار 2021، اندلعت اشتباكات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية والمستوطنين في العديد من المدن في إسرائيل والأراضي المحتلة. أطلقت حماس في قطاع غزة صواريخ باتجاه إسرائيل. وذكرت محطة “DW” أن بعض الادعاءات تضمنت التخطيط لهدم منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس.
وصفت مرام سالم إنهاء عملها من قبل “DW” بأنه “نهاية حياتها المهنية”، وقالت لـ “الجزيرة” إنها “ضربة كبيرة لسمعتي كصحفية. لم يعد لدي فرصة للعثور على وظيفة في أي مؤسسة إعلامية دولية، وسيكون من الصعب علي بشكل خاص العثور على عمل في ألمانيا”.
كما كتبت زميلتها فرح مرقة، وهي فلسطينية أردنية تعمل في برنامج “DW” التلفزيوني العربي منذ عام 2017، على صفحتها: “أن تتصدر عناوين الصحف دون أن تكون قادراً على الدفاع عن نفسك.. جعلني أشعر بالمرض”. كما وجه مقال صحيفة “سود دويتشة تزايتونغ” لها تهمة أنه سبق لها، في عام 2014، كتابة مقال (ليس لصالح “DW”) شبهت فيه إسرائيل بالسرطان. كما كتبت بعد وقت قصير إنه “في حال تمكنت داعش من طرد إسرائيل فإنها ستنضم إليها”. وكان طابع السخرية واضحاً، لكن مقال صحيفة “سود DW” انتزع الواقعتين من سياقهما، إذ توصلت منظمة “يوروميد” لحقوق الإنسان، ومقرها سويسرا، إلى نفس النتيجة، في كانون الأول 2021. وكانت المنظمة قد دحضت المزاعم التي نُشرت بالفعل في مجلة “دير شبيغل”، وأثبتت أن كلماتها “أسيء تفسيرها عمداً وانتُزعت من سياقها”. وعلى الرغم من أنها تكررت في مقال صحيفة “سود دويتشة تزايتونغ”، إلا أنها لم تكن موضوع تحقيق محطة “DW”.
منحازة ومعيبة وخطيرة
انتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقرير “DW” الاستقصائي، ووصفه بأنه “متحيز ومعيب وخطير”. تمت قراءة التقرير بعناية، ووجدت مشاكل مختلفة “تشكك في نتائجه”. وخلص المرصد إلى أن “إطار التقرير وتحليله وتوصياته تحتوي على مؤشرات عديدة على الانحياز لإسرائيل ومعاداة الفلسطينيين”. كما تم انتقاد استناد التحقيق إلى تعريف مثير للجدل لمعاداة السامية، وهو ما يسمى بتعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست” الذي تبنته الحكومة الألمانية أيضاً.
لماذا يلاحق صحفيون صحفيين آخرين؟
ما الذي قد يدفع “م. ب” مراسل صحيفة “سود دويتشة تزايتونغ” للتجسس على زملائه العرب والتشهير بهم؟ إذ أن مقال “المراسل نظر بعيدا” سيقدم إلى المدعي العام مثل تقرير تحقيق. يتناول السؤال، أيضاً، مراسلين من وسائل إعلام أخرى، مثل “شبيغل”، “أوبرلينرتاغ شبيغل” أو صحيفة “بيلد”، على سبيل المثال لا الحصر، اشتهرت منذ سنوات بمقالات تشهيرية ضد صحفيين آخرين.
ما الذي يدفع صحفيا لفكرة استعادة تغريدات لصحفيين آخرين تم حذفها منذ سنوات؟ إن “م. ب” الذي يكتب عمودا في صحيفة “سود دويتشه زايتونغ” كان مسؤولاً سابقاً عن الشرق الأوسط في الصحيفة؛ وهناك بالفعل ما يكفي من المواد للتقارير هناك. بل حتى موضوع “معاداة السامية” المزعومة في المجتمع العربي كان من الممكن التعامل معه بشكل جيد، إذا كان المراسل قد بحث في مختلف وجهات النظر والرؤى، وقبل كل شيء التاريخ، ووضع خطوط الصراع وخلفياته.
لكن هذا لم يكن ما سعى إليه المراسل “م. ب”، إذ أن انحيازه لصالح إسرائيل واضح. لم يكن “م. ب” معنياً بالإعلام والتنوير، بل كان مهتماً بنشر الاتهامات والتشهير. لكن لا مكان لكليهما في النصوص الصحفية الجادة.
كما إنه من الوارد أيضاً أن المراسل “م. ب” لم يكن صاحب الفكرة، بل تم نقلها إليه، إذ إنه ذكر في مقالته بعض “المبلغين عن المخالفات” و”القراء” المشاركين في التحقيق، والمناقشات مع “DW”. لذلك، ربما كانت الفكرة والبحث والنص أيضاً جهداً جماعياً، وقدم شخص ما لذلك المراسل الملفات والمواد التي تم جمعها بواسطة شخص آخر؟ وربما قيل له: اكتب ذلك. تحدث تقرير التحقيق عن “مذكرات مجهولة”، من يمكن أن يقصد بذلك؟ ربما لا يمكن “استعادة” التغريدات من قبل “م. ب”، مراسل الصحيفة، لأن هذا بتطلب عملا بحثيا مضنيا. وربما ساعده شخص ما، شخص لديه المعرفة التقنية اللازمة؟ وربما تم رصد الاتصالات الخاصة لهؤلاء الصحفيين الخمسة وتخزينها على مدى سنوات؟ إذا كان الجواب “نعم”، فما هي الجهة التي قامت بذلك؟ وهل يمكن للمراسل “م. ب” أن يعرف مصدر المعلومات؟ أو أن يشتبه بها، وهي التي تحولت في خاتمة المطاف دون تمحيص إلى لائحة اتهام؟
إن المراسل غير قادر على رؤية الواقع. لذلك، لم يستطع “م. ب” أن يعلن أن “معاداة السامية” ليست قضية عربية، بل هي قضية أوروبية بعمق. لم يكن يريد أن يعرف شيئاً عن ظروف عمل زملائه العرب التي تشمل القمع اليومي للفلسطينيين، والاستيلاء المستمر على أراضي الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية، وهدم المنازل والاحتلال العسكري، واستيطان الأراضي العربية المحتلة، والحصار المفروض على قطاع غزة، وانتقادات الفلسطينيين والعرب، وغضبهم تجاه سلوك إسرائيل الاحتلالي والفصل العنصري، إذ لم يهمه كل هذا.
المراسل الأعمى
على الرغم من أن “م. ب” كان جزءاً من فريق صحيفتي “دي تزايت” و”سود دويتشة تزايتونغ”، الذي قدم بحثاً حول مشروع بيغاسوس حاز جائزة عام 2021، إلا أنه لم يكن مهتماً أيضاً بحقيقة أن الصحفيين والسياسيين، ونشطاء حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، كانوا ضحابا لذلك المشروع، فهم تعرضوا لهجوم برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس، على مدى سنوات، وكتابة تقرير عن هذا كان يمكن أن يكون مفيداً.
أبلغت لمى فقيه، رئيسة مكتب مرصد حقوق الإنسان في بيروت، في تشرين الثاني 2021، عن “تعرضها لهجوم بتكليف من دولة”. فمن خلال تحليل جنائي رقمي، وجدت فقيه أن هاتفين من هواتفها تم اختراقهما، من قبل مشروع بيغاسوس، خمس مرات بين نيسان وآب 2021. وأكد مختبر أمني – طلب استشارته مرصد حقوق الإنسان – وقوع الهجوم.
تم تطوير برنامج التجسس بيغاسوس من قبل شركة “ن. إس. أو” الإسرائيلية، ويمكن تثبيته في الهاتف المحمول من الخارج، والتجسس على محتوى الهاتف المحمول والكاميرا والميكروفون وتحويله إلى العملاء. وقالت “إن إس أو” إن الحكومات تستخدم نظام بيغاسوس لمحاربة الإرهاب والجرائم الأخرى.
لكن مرصد حقوق الإسان قال إنه من المعروف أن “الحكومات تستخدم برامج التجسس الخاصة بـ “إن إس أو” للتجسس وإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، وغيرهم ممن يلفتون الانتباه إلى الجرائم”. وقالت فقيه، في حديث مع أفشين راتانسي، الذي يدير برنامجGoing Underground، الذي أذاعته قناة “روسيا اليوم” أن300 شخص على الأقل، في لبنان وحده، تعرضوا للاعتداء باستخدام مشروع بيغاسوس من قبل عملاء الدولة في السنوات الأخيرة، بمن فيهم “صحفيون وسياسيون رفيعو المستوى”.
“التجسس” و”فرض الصمت” هما نتيجة مقال صحيفة “سود دويتشة تزايتونغ” الذي حمل عنوان “المراسل نظر بعيداً”. والأمر سيان إن تم التجسس على الصحفيين من قبل المراسل “م. ب”، أو تم التشهير بهم علنا،ً وفقدوا الوظائف التي خدموها على مدى سنوات بتفانٍ، وعن قناعة، وأيضاً تحت المخاطر في مناطق الحرب والأزمات في الشرق الأوسط. لقد أرادوا شرح الصراع في وطنهم للجمهور، لكنهم الآن فقدوا مصادر رزقهم.