هواجس مقلقة!!
لا شك أن حجم العمل تضاعف في حلب على كافة المستويات منذ تطهيرها من الإرهاب قبل حوالي خمس سنوات وحتى الآن، ومع أهمية ما أنجز من عمل في مختلف القطاعات، إلا أنه لم يكن مكتملاً، وجاء في كثير من مراحله مشتتاً وفوضوياً، ومرد ذلك، حسب رأي المهتمين والمتابعين للشأن الحلبي، الابتعاد عن المرتكزات والأولويات التي حددتها الحكومة في زياراتها وجولاتها الميدانية واجتماعاتها لجهة التكيف والمواءمة بين ما هو متاح وممكن، وما هو مطلوب إنجازه، في الواقع هناك هواجس وقلق من غياب التقنيات والإمكانات الفنية والطاقات البشرية المطلوبة لاستكمال وإنجاز الخطط والمشاريع المقررة وفق رؤية تطويرية وحديثة بعيداً عن سياسة الترقيع التي مازالت سائدة حتى الآن، ما شكّل عبئاً كبيراً على المستويين الإنفاقي والتنفيذي.
نرى أن حيثية هذه الجزئية وتبعاتها التراكمية أوجدت حالة من التشتت، وربما الفوضى في طبيعة التعاطي والتعامل مع مخرجات وتوصيات ومقررات (الزيارات الحكومية) إلى حلب تباعاً التي برأي الكثيرين، أي هذه الزيارات، على أهميتها فشلت في إذابة الجليد الذي يغلّف العمل التنفيذي والمتناقض تماماً مع العمل الخططي، ما يفتح الباب أمام الكثير من الأسئلة حول أسباب توقف وتعثر العديد من المشاريع المهمة، منها (المخطط التنظيمي الجديد للمدينة، وإنشاء متنزهات ذات صبغة شعبية) أقرت في أول زيارة للجنة الوزارية المشرفة على حلب بعد تحريرها من الإرهاب، وينسحب ذلك أيضاً على ملف الاستثمار السياحي المتعثر، والتأجيل المتكرر لملتقى الاستثمار السياحي الذي كان مقرراً انعقاده في حلب منتصف العام الماضي، يضاف إلى ذلك البطء الواضح في استكمال تنفيذ عشرات المشاريع الحيوية والخدمية والإنتاجية في المدينة والريف التي تستنفد الوقت والجهد والمال، ناهيك عن تراكم وتفاقم الأزمات والمشكلات التي تعيق دورة الإنتاج الصناعي، أمام هذا الكم المتزايد من الملفات العالقة لا بد من إجراء عمليات مراجعة وتقييم منطقي ومدروس لمجمل الرؤى والاستراتيجيات المطروحة، والتعامل معها بعقلية مغايرة تستند إلى قاعدة حسابية تعطي حاصلاً كاملاً وليس مجزأ أو وهمياً، وهو إن حدث يمكن أن نسميه التحدي الحقيقي، وربما الأكبر مع اقتراب انتهاء الثلث الأول من العام الحالي، والذي يتزامن مع تصريحات وتأكيدات عن بدء مرحلة جديدة لإقرار وإنجاز مشاريع نوعية متعددة الأغراض.
نعتقد أن تسبق كل ذلك إعادة النظر كلياً في مجمل التفاصيل السابقة، والاستفادة من الأخطاء، وإجراء مقاربات وتقاطعات جديدة تنهي كافة الإشكالات التي تقف حجر عثرة في طريق استكمال تنفيذ الخطط والدراسات التي مازالت حبيسة الأدراج وتنتظر من يطلقها إلى النور، كما يفترض على السلطتين التنفيذية والإدارية في المحافظة أن تبادرا إلى التدقيق في مجمل الملفات العالقة، وتبيان حالات الخلل والقصور، وأن تتبع ذلك خطوات أكثر جدية على مستوى تفعيل وتنشيط العمل الاجتماعي والمؤسساتي والاقتصادي والتجاري والسياحي والاستثماري وفق رؤية تشاركية جامعة لكافة الفعاليات الرسمية والأهلية يبرز فيها الدور المهم المنوط بغرفتي الصناعة والتجارة كركيزتين أساسيتين للعمل الإنتاجي والإنمائي، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي يشهد فيها العالم تغيرات وتبدلات ستكون آثارها وتداعياتها أكثر سلبية في المشهد الاقتصادي والمالي العالمي والإقليمي، ولعل الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة، إضافة الى كل الإجراءات الحكومية لاحتواء مفرزات الحرب المستجدة، هو ضرب مداخل ومخارج الفساد بشكليه المالي والإداري، وإعادة التدقيق والتحقيق في ملفات مالية، خاصة تلك التي انحرفت عن مسارها الحقيقي والطبيعي، وأخذت مسارات مغايرة، ومنحت صكوك البراءة لمرتكبيها.
معن الغادري