الإدارة الجاهلة الأنانية أبو الفساد
غالية خوجة
ماذا يعني أن تكون إدارياً؟ وما الفرق بين الإداري والقيادي؟
ليس بالضرورة أن يكون كلّ كاتب صحافياً، ولا أن يكون كل صحافي كاتباً، وكذلك، ليس كل أديب إدارياً، وليس كل إداري قيادياً، وهنا، تكمن الفروقات الشخصية والثقافية والفهم والمفهوم لعملية الإدارة، ولأسلوب القيادة، والاستبصار المتفاعل من أجل الوطن والمجتمع، وأهمها الحكمة من أجل الصالح العام، لا الفساد من أجل الصالح الخاص، وحكمتي: لا جهل في الفساد لأنه بيّنٌ، كما لا جهل في القانون.
لماذا تنجح جهة وتفشل جهة أخرى؟ ولماذا تنجح الجهة الفاشلة ذاتها عندما يكون هناك من يقود الموارد البشرية والمادية باتجاه الضوء الأكثر إنتاجية وإفادة من خلال قيادته المثقفة الواعية للموارد المتنوعة، فيجعلها فريقاً واحداً متفاعلاً متفائلاً طامحاً يعمل من أجل المزيد من منافسة ذاته للتفوق عليها، ويضع الخطط المتنوعة الأساسية والاحتمالية، متوقعاً كافة الظروف الممكنة وغير الممكنة.
كلما تضافرت الطاقات الإيجابية المتحاورة التشاركية لدراسة الكيفية والإجراءات وتنظيم القدرات، وتمّ تركيز الأهداف القريبة والبعيدة، كمرحلة أولى، ثم التركيز على أهداف المرحلة الثانية للجهة، فالمرحلة الثالثة، وهكذا دواليك، كلما وجدنا أنفسنا أمام منهجية قيادية مسؤولة تنهض بالجهة وكوادر الجهة ومواردها وأهدافها ونتائجها وطموحاتها المستقبلية، مما ينعكس إيجاباً على هذه الجهة كخلية عاملة ضمن نسيج المجتمع العام الذي من المفترض أن يعمل بوتيرة منتظمة ومتسارعة نحو البناء والتطور، وإضافة الجديد من التفاعل والرؤى والمبادرات العملية والاقتراحات الفكرية البنّاءة.
لكن، ماذا نقول عندما تتحوّل الإدارة إلى مجرد منصب وإشهار في العالم الواقعي والفضاء الافتراضي؟ وإلى مجرد التسلط والسيطرة على فريق العمل الذين يعتبرون أقل درجة في سلّم التراتبية، سواء في الجهات الوظيفية أو الجهات الخاصة أو الجمعيات والمنظمات اللا ربحية، وغيرها؟ وكيف تتحوّل الإدارة من خلال هذه الشخصيات السلبية الأنانية الممتصة لكل طاقة إيجابية لأعضاء الفريق إلى مجرد هياكل صنمية تؤدي مهامها بتكلسية وتباطؤية وتراجع وتحطيم لكل طاقة من طاقات فريق العمل فيما إذا كان متفوقاً عليها بأفكاره وأعماله وحضوره؟ ترى، كيف يفهم أمثال هؤلاء الإدارة؟.
بكل يقين، الإنسان غير المناسب إدارياً وقيادياً، هو عامل محوري من عوامل الفساد والتخريب والتدمير النفسي والروحي والطاقوي لفريق العمل، وللجهة المكلف بإدارتها، أو المعيّن لإدارتها، وللمجتمع وتطوره، كلّ ذلك في آنٍ معاً، لأنه عقبة متكلّسة تجهل كيف تقود نفسها ومهامها ومسؤولياتها، لأنها منشغلة بإدارتها لمصالحها الخاصة والخاصة فقط، كما أنها لا تفقه في فنون الإدارة وأخلاق الإدارة، لأن المنصب بالنسبة لها مجرد حصول على منصب بكرسي، واستغلال هذا المنصب والكرسي لأقصى حدّ ممكن!
ولو كانت هذه الشخصية الإدارية جاهلة، فرضاً، فلا ضير من خضوعها لدورات تدريبية نظرية وعملية، وإعادة تأهيلها وتعليمها، كما يحدث في العالم المتطور، من أجل أن تكون متمكنة وفاعلة وبنّاءة، ويصبح لديها مفهوم مناسب للإدارة وفنونها وأخلاقياتها وإبداعها، إضافة إلى ضرورة معرفتها بعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإدارة وعلم الاقتصاد، وتوظيف هذه العلوم والمعارف في المجال المناسب، تبعاً لطاقة كل عضو من أعضاء فريق العمل، وتبعاً للشخصيات الإنسانية المستهدفة من نشاط هذه الجهة أو تلك.
وبلا شك، لا بدّ من أن يكون فريق العمل متكاملاً متناغماً متشاركاً في المسؤولية وأخلاقياتها، وأن يبتكر ويبدع في الأداء والإجراءات والتنفيذ لتنجح جهة ما في أعمالها، وأن تحافظ على نجاحها، ثم لتنافس نفسها بالمزيد من العمل والتطور، فهل من قارئ ومصغٍ ومستجيب؟.